أعلنت السلطات اللبنانية، يوم الاثنين، عن سلسلة من العمليات الأمنية التي وصفتها بـ"النوعية"، شملت توقيف "عملاء للعدو الإسرائيلي" وإحباط "مخططات إرهابية"، إلى جانب تفكيك شبكة دولية لتهريب المخدرات، في وقت يواجه فيه لبنان تحديات أمنية متزايدة.
وقال وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار، في مؤتمر صحفي عقب اجتماع أمني عقد في مقر شعبة المعلومات ببيروت: إن "الأجهزة الأمنية نجحت في توقيف عملاء للعدو الإسرائيلي، وإحباط مخططات إرهابية، وتفكيك شبكات جريمة منظمة"، من دون أن يكشف تفاصيل إضافية حول هوية الموقوفين أو طبيعة المهام التي كُلّفوا بها.
غير أن صحيفة الأخبار اللبنانية كشفت أن القوى الأمنية أوقفت الفلسطيني (و.ع) ــ وائل الأحمد، وهو عنصر في قوات الأمن الوطني الفلسطيني بمخيم البرج الشمالي، أثناء وجوده في بلدة الناعمة حيث يقيم.
وأشارت الصحيفة إلى أن المداهمة أسفرت عن ضبط نحو 400 ألف دولار وأجهزة اتصالات وحواسيب، لافتة إلى أن الموقوف اعترف بتواصله مع "العدو الإسرائيلي" وتقديم معلومات ساعدت في تنفيذ غارات واغتيالات في مدينة صور وضواحيها، وأنه يعمل ضمن شبكة من ثمانية عناصر في الأمن الوطني، ستة منهم في مخيم برج الشمالي واثنان في مخيم البص، لم يتم توقيفهم بعد.
موقف اللجنة الشعبية والعائلة
اللجنة الشعبية في مخيم برج الشمالي أكدت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنها بانتظار نتائج التحقيقات الرسمية من الدولة اللبنانية، باعتبارها الجهة المخولة بإثبات التهم أو نفيها، وقالت: "إذا أثبتت التحقيقات أنه عميل فإن المخيم وعائلته براء منه، أما ما يشاع عن أن القوة الأمنية المشتركة ألقت القبض عليه وسلمته إلى الأجهزة الأمنية فغير صحيح، إذ تم توقيفه خارج المخيم وهو في طريقه إلى بيروت عند منطقة السعديات"، مضيفة: "لن نتبنى أي تهمة إلا إذا صدرت ببيان رسمي".
من جهتها، نفت عائلة آل أحمد في بيان الاتهامات الموجهة إلى ابنها، مؤكدة أن "الاتهام ما لم يدعم بالأدلة الدامغة يبقى ظلماً وافتراء"، ومشددة على أن "الأصل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، معتبرة أن ابنها "بريء ما لم يثبت القضاء عكس ذلك"، مضيفة: "إن ثبتت الخيانة فلن يغفر له أحد، أما إذا تبيّن بطلان التهمة، فإننا نطالب بإنصافه ورد اعتباره".
وفي تطور جديد، أصدرت قوات الأمن الوطني الفلسطيني بياناً دعت فيه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى التصرّف بروية وحذر في التعاطي مع قضية توقيف وائل الأحمد، مؤكدة أن "الموضوع ما زال قيد التحقيق لدى الجهات المختصة"، وأن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي".
وكشف البيان أن قوات الأمن الوطني هي التي قامت بمداهمة منزل الموقوف، مشيرة إلى أنه "لم يُضبط فيه سوى جهاز حاسوب وآيباد وهاتفين خلويين، وهي مقتنيات شائعة في معظم المنازل"، نافية صحة ما تم تداوله حول العثور على مبالغ مالية كبيرة.
وأكدت المؤسسة الأمنية أنها "تضع أمام الرأي العام الاحتمالات كافة: فإن ثبت تورط المذكور في قضايا تتصل بالعمالة للعدوّ، فإنها ستعلن بوضوح براءتها من فعله وتشدّد على محاسبته وفق القانون. أما إذا تبين أن التوقيف جرى على خلفيات أخرى، فإنها ستقف إلى جانبه في مسعى لاستعادة اعتباره وحقوقه كاملة".
واعتبر البيان أن المرجعية الوحيدة لاستسقاء المعلومات بخصوص القضية هي "البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المختصة"، محذراً من أن "ترويج الشائعات أو تضليل الرأي العام يشكل مساساً بوحدة الصف الفلسطيني ويعرض مرتكبيه للمساءلة القانونية".
ترقّب في المخيمات
وفيما أكدت وزارة الداخلية اللبنانية نجاح الأجهزة الأمنية في "توقيف عملاء للعدو الإسرائيلي" بحسب تعبيرها، تبقى تفاصيل الشبكات المزعومة قيد التحقيق، وسط صمت رسمي عن هوية باقي الموقوفين أو ارتباطاتهم المحتملة.
وبينما تتناقل وسائل الإعلام اتهامات خطيرة تطال عناصر من الأمن الوطني الفلسطيني، تعيش المخيمات الفلسطينية حالة من الترقب والقلق، بين مواقف تؤكد ضرورة انتظار ما سيعلنه القضاء اللبناني.