أحيا عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين في مخيم البص بمدينة صور جنوبي لبنان، مساء أمس الاثنين، الذكرى السنوية الأولى لاغتيال المربي والنقابي الفلسطيني الشهيد فتح شريف وأفراد عائلته، الذين راحوا ضحية جريمة اغتيال "إسرائيلية" في الثلاثين من أيلول/ سبتمبر 2024، حين قصف جيش الاحتلال منزلهم وسط المخيم خلال العدوان على لبنان.
الأمسية التأبينية التي شهدها المخيم حضرها حشد واسع من الأهالي وذوو الشهيد، إضافة إلى فعاليات تربوية واجتماعية، جسّدت حجم المكانة التي تركها شريف في قلوب أبناء شعبه.
وكان الشهيد فتح شريف يدير ثانوية دير ياسين التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ويقود اتحاد المعلمين لدى الوكالة، وعرف بنشاطه في الدفاع عن حقوق الموظفين والعاملين في الوكالة في وجه التقليصات، وتحسين الواقع التعليمي للطلبة الفلسطينيين في المخيمات.
وتعرض لضغوط من قبل وكالة "أونروا" قبيل اغتياله على خلفية نشاطه الوطني في قيادة مظاهرات داعمة لأهالي قطاع غزة في وجه الإبادة، وتقديم الدعم عبر حملات التبرعات للمدنيين في وجه حرب التجويع ، وشارك في التحريض ضده منظمات صهيونية عاملة في ملاحقة "أونروا" وبلغت تلك الضغوط حد إجباره على الاستقالة، ما فجر موجات احتجاجية واسعة داخل المخيمات.
رحل أبو الأمين غدراً
موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين واكب الأمسية، وتحدث الى عدد من ذوي الشهيد وأبناء المخيم وطلاب الشهيد وأهاليهم، حيث استعادت شقيقته سناء شريف في مقابلة مع موقعنا، تفاصيل اللحظة التي سبقت ارتقاء شقيقها، وقالت: "في تلك الليلة، كنت ما زلت جالسة ولم أنم بعد، أناديه: يا أبا الأمين، فيجيبني: آمين، وما إن سقط الصاروخ حتى انهار السقف فوقي وطار باب الحديد، كنت أردد: أستودعك عند رب العالمين، لا أدري كيف خرجت من البيت إلى الدرج وسط الانفجار، ورحل أبو الأمين غدراً."
أما شقيقه رضوان الشريف، فاعتبر أنّ استشهاده خسارة لا تعوّض، وقال: "الحمد لله أنّ سمعته كانت عظيمة بين الناس، وهذه أعظم نعمة، لقد قدّم أعمالاً عظيمة، ونحتاج إلى مئات السنين لنصف ما فعله، كان ملاكاً بحق، ونحن كإخوته نطمح أن نقدّم بعضاً مما قدّم."
المدرسة في غيابه بلا روح
ومن جانبه، قاسم الشريف، ابن شقيقة الشهيد، استذكر بعض خصال خاله الشهيد، وقال: "لقد كان قائداً عظيماً جمع بين دور المربي والمعلم في المجتمع وبين القائد الوطني الكبير لأبناء شعبه، ضحّى بوظيفته وعائلته ودمائه من أجل فلسطين وغزة، وكان مثالاً للتضحية والفداء."
سيدة من أعضاء لجنة أهالي الطلاب في المخيم تحدثت عن غياب الشهيد عن مدرسته وطلابه بالقول:
"كان مديرنا وأستاذنا، وكان كل شيء بالنسبة إلينا، بدونه تبدو المدرسة بلا روح، في الذكرى السنوية لاستشهاده ما زلنا نبكي منذ عام، ولم يختفِ الوجع كما توقعنا، بل بقي يكبر، قبل أيام زرت المدرسة مع بداية العام الدراسي الجديد، فوجدتها بلا حياة."
أحد اللاجئين المشاركين في التأبين أكد أنّ الحضور الواسع يعكس المحبة التي زرعها الشهيد في قلوبهم،
وقال :"جاؤوا محبةً لأبي الأمين وعائلته. كثيرون حضروا لما تركه من أثر طيب في حياتهم، فقد خلّف إرثاً كبيراً في قلوب الجميع."
فيما شدّد مشارك آخر على استمرار العهد بالسير على خطى الشهيد وابنه أمين، وقال: "نحن باقون على خطاهما، في المبادرات الرائعة والدعم والمساندة لأبناء شعبنا في قطاع غزة، وفي مخيم البص والجوار، رغم الألم والحصار والأزمات، سنبقى على العهد، فهذا هو شعب فلسطين الذي سيعود حتماً إلى وطنه."