العام الدراسي في مخيم الجليل..

الطلاب الفلسطينيون يواجهون صقيع البقاع وضيق الحال وغياب دعم "أونروا"

الثلاثاء 07 أكتوبر 2025

بدأت مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان استقبال آلاف الطلاب الفلسطينيين للعام الدراسي 2025/2026، وسط أوضاع اقتصادية قاسية تتفاقم عاماً بعد عام، ولا سيما في منطقة البقاع اللبناني (بعلبك) المعروفة ببرودتها القاسية في الشتاء وضيق فرص العمل أمام اللاجئين.

في مدرسة القسطل التابعة لـ"أونروا" داخل مخيم الجليل، عاد نحو 830 طالباً وطالبة من مختلف المراحل الدراسية إلى مقاعدهم، في أجواء يغلب عليها القلق من صعوبة تأمين المستلزمات المدرسية وغياب الدعم المالي.

ورغم أن المدرسة تعد من المؤسسات التعليمية المتميزة داخل المخيم، وتحقق سنوياً نسب نجاح مرتفعة في الشهادات الرسمية، إلا أن التحديات المعيشية هذا العام بدّلت ملامح البدايات المدرسية.

طلاب متحمسون رغم الضغوط

الطالبة إيلاف فاعور، في الصف العاشر، عبّرت عن حماسها لبدء العام الدراسي الجديد، واعتبرته مرحلة مختلفة عن المرحلة المتوسطة، خاصة مع وجود أساتذة جدد. وقالت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "أحياناً أشعر أن المدرسة عبء ثقيل بسبب ضغط الدروس وشدة الإدارة، لكنني أحبها لأنها تحدد مستقبلي، وتجمعني مع أصدقائي".

وأضافت: أنها استغلت العطلة الصيفية لتحسين مستواها في مادة الكمبيوتر عبر دروس خاصة، مؤكدة تفاؤلها ببداية جديدة رغم الصعوبات.

أما الطالبة آمنة جمعة، فأبدت أملها بأن يكون هذا العام أفضل من الأعوام السابقة، مشيرة إلى الضغوط النفسية خلال فترات الامتحانات، وطالبت إدارة "أونروا" بتحسين الصفوف وتوفير التدفئة في الشتاء، إذ يعاني الطلاب من البرد وازدحام المقاعد، داعية إلى تحقيق العدالة بين الطلاب وعدم وجود "محسوبيات".

أعباء الأسر تتزايد وغياب المساعدات يزيد المعاناة

من جانبها، تحدثت أم محمد، وهي أم لثلاثة طلاب في المرحلتين المتوسطة والثانوية، عن الأعباء الثقيلة التي تتحملها الأسر هذا العام، قائلة: "الوضع يزداد سوءاً منذ أن توقفت (أونروا) عن صرف المساعدات. كانت تعطينا سابقاً 50 دولاراً لكل طفل، أما اليوم فلا أستطيع شراء كل المستلزمات، وأنتظر الجمعيات لتوزيع بعض القرطاسية".

وأضافت أن زوجها يعمل في ورشة سيارات بأجر يومي غير ثابت، فيما تواجه العائلة نفقات إضافية تشمل المازوت للتدفئة ودروس التقوية وأجرة النقل التي تصل إلى 20 دولاراً شهرياً لكل طفل.

غلاء القرطاسية يرهق الأهالي وتراجع في المبيعات

تحت وطأة الأزمة، تأثر أيضاً القطاع التجاري داخل المخيم. إذ يقول خالد عسال، صاحب مكتبة، إن الحركة الشرائية تراجعت بنسبة 50% مقارنة بالسنوات السابقة بسبب الغلاء الكبير.

وأوضح أن بعض الأصناف تضاعفت أسعارها كقناني المياه والأقلام المزخرفة وعلب الطعام (Lunch Box)، بينما ارتفعت أسعار الدفاتر والقرطاسية الأساسية بنحو 30%.

وأضاف: "الأهالي يشترون بالكاد ما يحتاجه أبناؤهم، وغالباً يقسّمون المشتريات على دفعات، أو يبحثون عن أسعار أرخص خارج المخيم. نحاول مراعاتهم قدر الإمكان، لكن الوضع صعب، وبعض السلع لا يمكن تقسيطها".

WhatsApp Image 2025-10-06 at 9.47.32 PM.jpeg

تحديات تربوية وبنية مدرسية متهالكة

الباحث التربوي الدكتور أحمد عيسى أوضح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن ضعف التمويل ينعكس سلباً على صيانة المدارس وتجهيزاتها من مبانٍ ومرافق ومختبرات، مشيراً إلى أن كثيراً من مدارس "أونروا" مستأجرة وصغيرة المساحة، ما يؤدي إلى ازدحام الفصول وتراجع جودة التعليم.

كما لفت إلى أن عدداً من الطلاب يعانون صدمات نفسية أو فقدان أحد أفراد الأسرة، ويحتاجون إلى دعم تربوي خاص، ما يضاعف العبء على الكادر التعليمي.

ودعا عيسى الأهالي إلى التواصل المبكر مع إدارات المدارس والمعلمين للتعرف على المناهج واحتياجات الطلاب منذ بداية العام، مؤكداً أهمية توفير بيئة منزلية داعمة للدراسة.

بين طلاب يطمحون إلى مستقبل أفضل، وأهالٍ يرزحون تحت ثقل الفقر، يعيش الفلسطينيون في مخيم الجليل عاماً دراسياً جديداً بطموح لا يقهره الصقيع ولا الغلاء.

لكن في ظل غياب دعم "أونروا" واستمرار الأزمة الاقتصادية، تبقى التساؤلات مفتوحة:هل سيتمكن الطالب الفلسطيني من إكمال دراسته رغم المعاناة؟أم أن العجز المالي وغياب الدعم الدولي سيجبران جيلاً كاملاً على ترك مقاعد الدراسة بحثاً عن لقمة العيش؟

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد