في شوارع مدينة النبطية جنوبي لبنان، يتنقّل الشاب الفلسطيني عمر معروف بين السيارات حاملاً بضع علب مناديل، محاولاً بيعها ليؤمّن ثمن دوائه أو لقمة عيشه، وهو بالكاد يتلمس طريقه، بنظره الخافت بنسبة لا تتعدى 5% من البصر، لكنه يرى واقعه المؤلم بوضوح شديد، واقع اللاجئ الفلسطيني الذي يعيش على الهامش، بعد أن تخلّت عنه المؤسسات التي وُجدت أصلاً لحمايته، وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

بطاقة الاونروا - عمر معروف.jpg


 

عمر معروف، لاجئ فلسطيني من أبناء المخيمات في لبنان، يعاني من ضعف شديد في البصر ومن اضطرابات نفسية حادة تستوجب علاجاً دائماً ودواءً باهظ الثمن.

يقول بصوت ممزوج بالدموع في مناشدة لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: "أنا فلسطيني بلبنان، ما بشوف إلا 5% بعيني، وأتناول دواء أعصاب. أنا أمانة برقبتكم، لا تتركوني. أنا عم بتدمّر من الأدوية النفسية، نفسيتي عم تتعب، وما عندي عمل ولا معيل، بدور بالشوارع ببيع محارم، بس حتى المحارم ما عم بقدر بيعها بسبب الوضع الاقتصادي الصعب."

بينما تضيف زوجة عمر لموقعنا: أن "وكالة الأونروا كانت تعطي عمر 50% معونة شهرية، لكنها أوفقت هذه المعونة من أشهر، ولم يعد يوجد ما نعيش عليه، توجهت إليهم أكتر من مرة، بس ما في ردّ، بيقولوا ما في مصاري."

انقطاع المساعدة الشهرية التي كان يتلقاها معروف من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" جعل حياته وزوجته أكثر قسوة، فهو اليوم بلا معيل، ولا يملك مورداً يغطي نفقات دوائه أو حاجاته الأساسية. صار عمر مثالاً صارخاً لضحايا سياسة التقليصات التي طالت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وخاصة ذوي الحالات الخاصة.

زوجة عمر شرحت وضع زوجها ووضعها الذي يضيف لحاجتهم المزيد، وتقول: "هو فلسطيني من المخيمات، بس ساكن معنا بالنبطية. راح على الأونروا وشرح حالته، بس ما اعترفوا فيه، وقالوا ما في مصاري".

وتابعت : "كانوا يعطوه خمسين دولار بالشهر، ووقفوها من أكتر من تلات أربع شهور. حالته صعبة، ما بينترك، وأنا كمان مريضة سكري وباخد أبر أنسولين، ومصروف البيت ما منقدر نغطيه. أحياناً ما عنا نشتري علبة لبنة ناكلها."

بين عجزه البصري وأزماته النفسية وغياب الدعم، يقف عمر معروف اليوم في مواجهة قاسية مع الحياة، لا يطلب سوى العلاج والدواء والحدّ الأدنى من المساعدة التي تضمن له البقاء بكرامة.

قصة عمر لا تروي حال شخص واحد، بل تختصر واقع مئات اللاجئين الفلسطينيين من ذوي الإعاقات والأمراض المزمنة في لبنان، الذين وجدوا أنفسهم فجأة خارج دائرة اهتمام "أونروا" وتحت وطأة الفقر والإهمال.

وفي ختام حديثه، وجّه عمر نداءه الأخير: "أنا ما بدي شي، بس بدي الناس تساعدني أشتري دواي. أونروا نسيتني، بس يمكن الإنسانية ما تنساني"، فقصة عمر معروف تظل شاهداً على ما وصل إليه حال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حين يصبح البقاء نفسه معركة يومية يخوضها الضعفاء وحدهم دون حماية، وليس لديه سوى مناشدة الخيرين لمساعدته.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد