استشهدت الطفلة الفلسطينية هدى أبو النجا، متأثرةً بمضاعفات سوء التغذية الحاد وحساسية القمح، بعد أسابيع من المعاناة وعدم تمكنها من مغادرة قطاع غزة للعلاج في الخارج بسبب إغلاق المعابر "الإسرائيلية" واستمرار الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من عامين، حيث جسدها الهزيل لم يعد يقوى على انتظار المفاوضات والتنسيق لمحاولة فتح معبر رفح أمام المرضى.
ووفق عائلتها، فإن الطفلة هدى (9 أعوام) كانت تعاني من حساسية شديدة تجاه القمح جعلت جسدها عاجزًا عن امتصاص الغذاء، ما أدى إلى تدهور حالتها الصحية بشكل خطير.
وقالت والدتها شمس أبو النجا لوسائل الإعلام: "ابنتي لا تستطيع تناول أي طعام، وإن حاولت الأكل ينتفخ جسدها بالكامل وتكاد تختنق من الألم. كانت جميلة بشعرها الطويل، والآن لم تعد قادرة على الحركة وسقط شعرها وذبلت ملامحها".
وأضافت الأم: إن وزن طفلتها انخفض إلى 19 كيلوجرامًا فقط، وكانت تعاني من فقر دم حاد وتقشر في الجلد وخمول دائم، مضيفةً: "هدى كانت تصارع الموت كل يوم أمام عينيّ، وانطفأت وهي تنتظر السفر".
ويأتي استشهاد الطفلة في وقتٍ تحذر فيه منظمات دولية من كارثة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة، حيث أعلنت الأمم المتحدة في آب/أغسطس الماضي حالة المجاعة رسميًا في أجزاء واسعة من القطاع المحاصر، مشيرة إلى أن مئات الآلاف من الأطفال يعانون من الجوع وسوء التغذية.
وقالت منظمتا "العمل ضد الجوع" و"أطباء العالم" في بيانين منفصلين، إن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في غزة ارتفعت بنسبة 700% منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأوضح مدير عمليات "العمل ضد الجوع" "فينسنت ستيلي: أن فرق المنظمة عالجت في أيلول/سبتمبر الماضي ما بين 300 و400 طفل دون سن الخامسة، مقارنةً بنحو مئة طفل فقط قبل أشهر، مشيرًا إلى أنه شاهد بنفسه "طفلاً في السابعة من عمره لا يتجاوز وزنه 6.5 كيلوغرامات".
وفي السياق ذاته، أكدت منظمة "أطباء العالم" أن أزمة التغذية لا تقتصر على الأطفال، إذ رصدت فرقها تفاقم سوء التغذية بين النساء الحوامل، حيث تواجه 85% منهن خطر المضاعفات أثناء الحمل.
وقالت المستشارة الطبية إسراء صالح: إن العديد من النساء "يجهضن بسبب الصدمات النفسية الناتجة عن المجازر"، مشيرة إلى أن بعضهن "يلدن في ملاجئ مكتظة، دون تخدير أو أدوية، ويضطررن لقطع الحبل السري بأنفسهن تحت القصف".
واليوم تُرسل مساعداتٌ إنسانية إلى قطاع غزة للمرة الأولى منذ 12 آذار/ مارس الماضي، وقد تحركت 400 شاحنة مساعدات إنسانية متنوعة إلى غزة في السادسة من صباح اليوم الأحد، وقد عبرت 90 شاحنة خلال الساعة الأولى من معبر رفح من الجانب المصري إلى معبر كرم أبو سالم والعوجة، وذلك وفق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ منذ يومين.
وقالت مصادر إعلامية: إن تنسيقاً يتم مع كل الأطراف لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني يوم الثلاثاء المقبل من أجل السماح باستقبال الجرحى والمصابين والمرضي الفلسطينيين القادمين من غزة، وكذلك استقبال الأفراد من الفلسطينيين والأجانب وحاملي الجنسيات المزدوجة ومن العالقين في مصر أيضاً.