رحّبت "الشبكة الحقوقية لأجل فلسطين" (نداء) بقرار محكمة الاستئناف البريطانية الصادر في 17 تشرين الأول/أكتوبر، والقاضي برفض استئناف وزارة الداخلية البريطانية الساعي إلى تعطيل المراجعة القضائية لقرار الحكومة القاضي بحظر حركة "العمل من أجل فلسطين" (Palestine Action) بموجب قانون الإرهاب لعام 2000.
ويُعدّ القرار سابقة قانونية بارزة في تاريخ القضاء البريطاني، إذ يؤكد حق المنظمات الحقوقية والمدنية في الطعن بقرارات الحظر التعسفية التي تمسّ حرية التعبير وحقّ الاحتجاج السلمي، ويعيد الاعتبار إلى مبادئ العدالة الدستورية التي سعت السلطات السياسية لتجاوزها خلال السنوات الأخيرة.
وجاء القرار تتويجًا لمعركة قانونية خاضتها الناشطة هدى عمّوري، مؤسسة حركة "العمل من أجل فلسطين"، التي تقدّمت بدعوى أمام المحكمة العليا للطعن على قرار الحظر.
وكانت المحكمة قد منحت في 30 تموز/يوليو الماضي الإذن بإجراء مراجعة قضائية شاملة، معتبرة أن القضية تثير مسائل دستورية جوهرية تتعلق بمدى انسجام القرار مع المادتين العاشرة والحادية عشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، اللتين تضمنان حرية التعبير والتجمع.
لكن وزارة الداخلية البريطانية سارعت إلى استئناف القرار في محاولة لوقف المراجعة، غير أنّ محكمة الاستئناف رفضت استئناف الحكومة، وأكدت المضي في النظر القضائي الكامل المقرر عقده في 25 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وفي بيانها، رأت شبكة "نداء" أن القرار يمثّل خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز سيادة القانون واستقلال القضاء، في مواجهة محاولات سياسية ممنهجة لإسكات الأصوات المناهضة لانتهاكات الاحتلال "الإسرائيلي" تحت ذريعة "مكافحة الإرهاب".
وأكدت الشبكة أن حركة "العمل من أجل فلسطين" تمارس مقاومة مدنية سلمية مشروعة، هدفها فضح التواطؤ البريطاني في جرائم الحرب "الإسرائيلية" من خلال الضغط على الشركات المتورطة في تصنيع الأسلحة المستخدمة ضد الفلسطينيين.
وأضاف البيان أن تجريم النضال السلمي يشكل نسفًا للقيم الديمقراطية التي تزعم بريطانيا الدفاع عنها، ويكرّس ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الحقوقية والإنسانية.
ودعت الشبكة الحكومة البريطانية إلى إلغاء قرار الحظر فورًا، وضمان عدم استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب كأداة لقمع التعبير السياسي والحقوقي، مؤكدة أهمية مراقبة مجريات المراجعة القضائية المقبلة لضمان الشفافية واستقلال القضاء.
كما شدّدت على ضرورة أن تمنح وسائل الإعلام البريطانية مساحة منصفة للمدافعين عن الحقوق الفلسطينية بعيدًا عن التحريض والتشويه، داعية إلى تكاتف المجتمع المدني الدولي تضامنًا مع النشطاء الذين يتعرضون للملاحقة بسبب دعمهم لفلسطين.
وتعود القضية إلى 5 تموز/يوليو 2025، حين أدرجت الحكومة البريطانية حركة "Palestine Action" ضمن قائمة المنظمات المحظورة بذريعة "تهديد الأمن القومي"، عقب تصاعد أنشطتها المناهضة لشركات الأسلحة "الإسرائيلية"، وعلى رأسها شركة "إلبت سيستمز" المتهمة بالمشاركة في تصنيع الأسلحة المستخدمة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
وبموجب قرار الحظر، أصبح الانتماء إلى الحركة أو دعمها جريمة جنائية تصل عقوبتها إلى السجن 14 عامًا، ما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوقية بريطانية ودولية، بينها "العفو الدولية" (أمنستي) و"ليبرتي" و"بريطانيا من أجل العدالة في فلسطين"، التي وصفت القرار بأنه انتهاك صارخ لحرية الرأي والتجمع ومؤشر خطير على تضييق المجال العام في بريطانيا.
واختتمت شبكة "نداء" بيانها بالتأكيد على أن ما يجري في بريطانيا يمثل اختبارًا حقيقيًا لمصداقية الديمقراطية الغربية، مشددة على أن حرية التعبير لا تُقاس بالشعارات، بل بقدرة المجتمعات على حماية الأصوات المدافعة عن المظلومين.
وختمت بالقول إن "العدالة لا تتجزأ، وإن الوقوف مع الحق الفلسطيني هو دفاع عن الضمير الإنساني ذاته".