أثارت مصادقة الكنيست "الإسرائيلي" على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين غضبا واسعا في الأوساط الفلسطينية والحقوقية، وسط دعوات لتحرك دولي عاجل، لما يمثله هذا القانون من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقوانين الدولية، في ظل ما تكشفه الوقائع من جرائم تعذيب وإهمال طبي داخل سجون الاحتلال.

وكانت لجنة الأمن القومي في الكنيست "الإسرائيلي" قد صادقت، اليوم الاثنين 3 تشرين الثاني/نوفمبر، على مشروع القانون تمهيدًا لطرحه للتصويت عليه بالقراءة الأولى في الهيئة العامة للكنيست خلال الأيام المقبلة، إذ يمنح القانون المقترَح الضوء الأخضر لإعدام الأسرى الفلسطينيين الذين تتّهمهم سلطات الاحتلال بالمشاركة في عمليات أدّت إلى مقتل "إسرائيليين".

واعتبر المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى أنّ مصادقة لجنة الأمن القومي تمثّل جريمة حربٍ صريحة ونذيرَ تصعيدٍ جديدٍ ضدّ الإنسانية، مؤكّدًا أنّ حكومة الاحتلال "تقتات على دماء وعذابات الأسرى" في سجونها.

وشدّد المركز في بيانٍ له على أنّ هذا القرار يعكس الطبيعة الفاشية للاحتلال وسياساته الانتقامية الممنهجة بحقّ الشعب الفلسطيني، محذرًا من أنّ تبعات هذه الخطوة ستكون أكثر دمويةً، وستقود المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف والمجهول.

كما دعا جميع المستويات الفلسطينية، الرسمية والفصائلية والشعبية، إلى إعلان موقف وطني موحد رفضاً للقانون ودعماً لصمود الأسرى وكرامتهم داخل السجون.

من جهته، قال مكتب إعلام الأسرى: "إنّ مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى على مشروع القانون تمثّل جريمةَ حربٍ خطيرةً، وترسيخًا لسياسة الإعدام الممنهجة التي يمارسها الاحتلال منذ عقود بحقّ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين".

وأضاف المكتب أنّ سعي الاحتلال إلى شرعنة الإعدام عبر تشريعٍ رسمي يأتي في سياق "تصاعد الفاشية الصهيونية والإرهاب الرسمي ضدّ الأسرى، ومحاولة للتغطية على جرائم القتل الميداني والإعدام البطيء داخل السجون عبر التعذيب والإهمال الطبي".

وأشار إلى أنّ هذا القانون يشكّل سابقةً خطيرةً وتهديدًا مباشرًا لحياة آلاف الأسرى، ويفتح الباب أمام مرحلةٍ جديدةٍ من الجرائم المنظمة، داعيًا الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية إلى تحرك عاجل لوقف هذا القانون الفاشي، وتشكيل لجان تحقيق دولية لزيارة المعتقلات وكشف الانتهاكات المروعة، لا سيما في ظل ما تكشفه الشهادات من جرائم تعذيب واغتصاب في معتقل سديه تيمان.

وقال نادي الأسير الفلسطيني إنّ تسارع مساعي الكنيست لإقرار قانون إعدام الأسرى يمثّل خطوةً نحو تقنين جريمةٍ قائمةٍ أصلاً تمارسها سلطات الاحتلال منذ عقود عبر الإعدامات الميدانية والإهمال الطبي والاغتيالات المتعمّدة.

وأوضح النادي أنّ الاحتلال ارتكب منذ اندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة عشرات الإعدامات الميدانية بحقّ الأسرى والمعتقلين، مشيرًا إلى أنّ عدد الشهداء داخل السجون منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2025 بلغ 81 أسيرًا موثّقًا، إلى جانب معتقلي غزة الذين أعدم بعضهم، أو ما زالوا مجهولي المصير.

وبين النادي أنّ بعض جثامين الشهداء التي أفرج عنها من غزة تعود إلى أسرى ظهروا أحياء في مقاطع مصوّرة قبل إعدامهم لاحقًا، ما يثبت اتساع نطاق الجرائم المنظمة ضدّ الأسرى الفلسطينيين.

وأكد أنّ مشروع القانون يهدف إلى شرعنة الإعدام ضمن منظومة الاحتلال التي تمعن في الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين، محذرًا من أن إقراره يشكل جريمة حرب وانتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي الذي يحظر هذه العقوبة.

وشدّد النادي على أنّ تصعيد اليمين الإسرائيلي بقيادة "إيتمار بن غفير" وبدعم من بنيامين نتنياهو لإقرار القانون يعكس توجها متطرّفًا يسعى لترسيخ سياسة القتل كأداة رسمية، داعيًا المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لمنع تمريره ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق الأسرى.

وفي السياق ذاته، قال مدير نادي الأسير عبد الله الزغاري إنّ حكومة الاحتلال بقيادة نتنياهو تسعى إلى تمرير القانون لتكريس بقائها في الحكم عبر تصعيد سياساتها القمعية ضدّ الأسرى، مؤكدا أن إقراره سيعد جريمة حرب وفق القوانين الدولية لما يمثله من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

وأشار الزغاري إلى أنّ معتقل سديه تيمان كان خلال العامين الماضيين مسرحًا لأعنف عمليات التعذيب والانتهاكات ضدّ آلاف الأسرى الفلسطينيين، داعيا إلى تدخل دولي عاجل لمحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق الأسرى والمعتقلين.

وفي موازاة ذلك، حذر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين رائد أبو الحمص من أن مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين يشكل تهديدا مباشرا لحياة جميع الأسرى والأسيرات، ويمنح سلطات الاحتلال مساحة إضافية للتنفيذ الانتقامي والتطرف ضدهم. 

وقال أبو الحمص إن لجنة الأمن القومي في الكنيست صادقت صباح اليوم على القانون الموجه لمن تصفهم سلطات الاحتلال بأنهم نفذوا عمليات أدت إلى مقتل "إسرائيليين"، موضحًا أن الملف جاهز للتصويت عليه بالقراءة الأولى خلال الأيام المقبلة.

وأشار إلى أن الاحتلال يحاول تبرير القانون أمام المجتمع الدولي، وخاصة فيما يتعلق بالأسرى الذين شاركوا في أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، في محاولة لجعل هذا التشريع واقعا يمارس وكأنه حق شرعي لدولة الاحتلال.

من جانبها، دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى التحرك العاجل لوقف مشروع القانون "الإسرائيلي" الذي يتيح تنفيذ عقوبة الإعدام بحقّ الأسرى الفلسطينيين.

وأكدت الحركة في بيانٍ لها أنّ هذا المشروع يمثّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وجريمةً بحقّ الإنسانية، مشيرةً إلى أنّه يعكس نهج الاحتلال القائم على الانتقام والتصعيد ضدّ الشعب الفلسطيني، خاصة في ظلّ الجرائم المستمرة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وطالبت حماس بـ تشكيل لجانٍ دوليةٍ مستقلةٍ للدخول إلى السجون "الإسرائيلية" والاطلاع على أوضاع الأسرى، وكشف الانتهاكات والتعذيب الذي يتعرّضون له داخل المعتقلات، محذّرةً من أنّ صمت المجتمع الدولي أمام هذه الممارسات الخطيرة يشجّع الاحتلال على المضيّ قدمًا في جرائمه.

وشدّدت الحركة على ضرورة تحرّكٍ دولي عاجلٍ يضمن حماية الأسرى ومحاسبة المسؤولين "الإسرائيليين" عن الانتهاكات المتواصلة، مؤكّدةً أنّ استمرار مثل هذه القوانين الفاشية سيقود إلى تصعيدٍ غير مسبوقٍ في الصراع، وجرّ المنطقة إلى انفجارٍ شامل.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين- متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد