دعوات لتعزيز الدعم السياسي والمالي

تحديات وجودية تحاصر "أونروا" قبيل اجتماعات اللجنة الاستشارية في عمّان

الأحد 16 نوفمبر 2025

تتجه الأنظار إلى العاصمة الأردنية عمّان، حيث تنعقد اجتماعات اللجنة الاستشارية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" يومي 19 و20 تشرين الثاني/نوفمبر، في ظل أزمة وجودية تعد الأخطر منذ تأسيس الوكالة الأممية قبل 75 عاماً، مع تصاعد الضغوط السياسية، وتفاقم العجز المالي، واستمرار تداعيات حرب الإبادة على قطاع غزة، وتصاعد الانتهاكات في الضفة الغربية.

ويشارك في الاجتماعات ممثلون عن أكثر من 30 دولة من الأعضاء والمراقبين، إضافة إلى أربع جهات دولية هي: منظمة التعاون الإسلامي، الاتحاد الأوروبي، جامعة الدول العربية، ودولة فلسطين.

أزمة وجودية وتحديات متصاعدة

وبدأت الأزمة الحالية بحملة الاتهامات التي روّجها كيان الاحتلال بالتزامن مع عملية طوفان الأقصى حول مزاعم مشاركة عدد من موظفي "أونروا" في العملية، في خطوة اعتبرت تمهيدًا لمسار أوسع يهدف إلى نزع الشرعية عن الوكالة وتقويض ولايتها القانونية.

وبرغم غياب أي أدلة ملموسة، سارعت عدة دول إلى تجميد جزء من تمويلها، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تصدر لجان التحقيق الأممية تقاريرها التي نفت وجود أي إثبات يربط موظفي الوكالة بأي عمليات عسكرية، وأكدت التزام "أونروا" التام بمعايير الحياد.

ومع ذلك، استخدم كيان الاحتلال هذه المزاعم كغطاء للانتقال نحو تشريعات داخلية أكثر تشددًا، أفضت إلى إقرار قوانين في الكنيست تحظر عمل "أونروا" في القدس الشرقية، وتصنّف نشاطها ضمن إطار "الدعم للإرهاب" أواخر 2024، ودخلت حيز التنفيذ بداية عام 2025.

وقد أدى ذلك إلى إغلاق مكاتب أساسية للوكالة وتقييد تحركات موظفيها وتعطيل برامج التعليم والصحة والإغاثة التي تدار من مركزها الرئيس في المدينة، في تصعيد غير مسبوق يستهدف البنية التشغيلية الأهم لبرامج الضفة الغربية.

وتواجه "أونروا" بالتوازي حملة ضغوط سياسية أميركية و"إسرائيلية"، وعجزًا ماليًا يقترب من مئتي مليون دولار حتى نهاية العام. وتمتد آثار قرارات الحظر إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ تضرب البنية اللوجستية والإدارية التي تعتمد عليها عمليات الوكالة، وتستخدم كورقة ضغط على الدول المانحة، في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال عرقلة دخول المساعدات الإنسانية وتقييد عمل الوكالة في عدة مناطق.

محاولات نزع الشرعية عن الوكالة

يرى مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين"، علي هويدي، أن الاجتماعات تأتي في "لحظة حاسمة" تتطلب ضغطاً دولياً لاستئناف عمل الوكالة في غزة والقدس وضمان دعم سياسي ومالي مستدام.

وأوضح هويدي، في مقابلة مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، أن الاجتماع يسعى لحثّ الأمم المتحدة والدول المانحة والأطراف الموقّعة على اتفاق وقف إطلاق النار على القيام بدورها، مشيراً إلى أن البند الثامن من خطة ترامب ينص على استئناف عمل وكالات الأمم المتحدة، وفي مقدمتها "أونروا".

وأكد هويدي أن الاتهامات التي تروّج لها جهات "إسرائيلية" وأميركية حول ارتباط "أونروا" بحركة حماس "مجرد أكاذيب"، مذكّراً بأن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية برّأ الوكالة من أي انتهاك للحياد، وأكد دورها المحوري كمقدّم رئيسي للمساعدات الإنسانية في مناطق العمليات الخمس.

وحذّر من أن استمرار العجز المالي سيهدد خدمات التعليم والصحة والإغاثة، مؤكداً أن الدول العربية لم تلتزم إلا بـ3% من مساهمتها المتوقعة البالغة 7.8% من ميزانية الوكالة.

خدمات مهددة وإصرار على الاستمرار

ورغم الظروف الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، تمكنت الوكالة من استئناف العملية التعليمية ضمن ظروف قاسية وغياب التجهيزات الأساسية. ويشير هويدي إلى أن فصل الشتاء يضاعف التحديات في ظل غياب المقومات الأساسية للمأوى.

ويقدّر أن الدعم الدولي المعنوي والسياسي متوفر، خصوصاً مع اقتراب تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر على تجديد ولاية "أونروا"، وسط توقعات إيجابية بتجاوز 165 دولة داعمة. لكنه يشدد على أن الدعم السياسي وحده غير كافٍ دون توفير تمويل مالي يمكّن الوكالة من تنفيذ خططها التشغيلية.

تحركات دبلوماسية قبل الاجتماعات

من جهته، يقود رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير، د. أحمد أبو هولي، تحركات سياسية واسعة قبيل الاجتماعات، شملت لقاءات مع القنصل البريطاني العام في القدس هيلين وينترتون، حيث جرى بحث تعزيز الدعم البريطاني للوكالة.

وأكد أبو هولي أن "أونروا" قدمت 60% من المساعدات الإنسانية خلال حرب الإبادة على قطاع غزة، مشدداً على ضرورة توفير تمويل مستدام، خصوصاً بعد رأي محكمة العدل الدولية الذي ألزم الاحتلال بتسهيل عمل الوكالة.

وفي لقاء آخر مع السفير البرازيلي لدى فلسطين، جواو مارسيلو سواريس، أكد الأخير التزام بلاده بدعم "أونروا" سياسيًا وماليًا، وأشار إلى أهمية إشراك الوكالة في مؤتمر إعادة إعمار غزة في القاهرة. كما أوضح أن البرازيل، بصفتها رئيس اللجنة الاستشارية للدورة المقبلة، وجهت دعوات خاصة إلى الصين وأيسلندا وكوريا الجنوبية للمشاركة بصفة مراقبين.

تحذيرات من خطط تستهدف إنهاء الوكالة

وحذّر أبو هولي من تقرير التقييم الاستراتيجي لـ"أونروا" الذي أعده إيان مارتن، والذي تضمّن سيناريوهات تدعو إلى نقل خدمات الوكالة تدريجيًا، محذراً من أن أي خطوة لإنهاء "أونروا" ستدخل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار، وتفاقم الأوضاع الإنسانية لملايين الفلسطينيين.

فيما اتفقت الأطراف المشاركة في اللقاءات التحضيرية على ضرورة تعزيز الدعم السياسي والمالي للوكالة، وتنفيذ توصيات كولونا، والبناء على رأي محكمة العدل الدولية، في ظل الضغوط المتزايدة من كيان الاحتلال.

ومع اقتراب انعقاد اجتماعات اللجنة الاستشارية، يأمل القائمون على الوكالة والدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين أن تفضي النقاشات المرتقبة إلى التزامات مالية وسياسية واضحة تضمن استمرارية خدمات "أونروا" وتحصينها أمام محاولات الاستهداف. كما يتوقع أن تشكل الاجتماعات اختبارًا لقدرة المجتمع الدولي على مواجهة الضغوط الهادفة إلى إنهاء الوكالة، وتجديد التأكيد على دورها بوصفها عنصرًا أساسيًا للاستقرار الإنساني والسياسي في المنطقة.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد