لاقى مشروع القرار الأميركي الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بشأن قطاع غزة رفضاً فلسطينياً واسعاً بما تضمّنه من بنودٍ أثارت انتقادات حادة، لا سيما ما يتعلق بطرح واشنطن نشر قوة متعددة الجنسيات في القطاع، في ظل استمرار اتفاق وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحركة حماس منذ 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وحاز مشروع القرار الأميركي على تأييد 13 عضواً، فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت، ويرحب القرار بالخطة التي طرحها الرئيس الأميركي "دونالد ترمب" في 29 أيلول/سبتمبر الماضي لإنهاء الحرب في قطاع غزة، ويتضمن تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والشامل، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق، وإعادة إعمار القطاع.

كما يشير القرار إلى ضرورة تهيئة مسار موثوق يتيح للشعب الفلسطيني ممارسة حقه في تقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية، ويؤكد أن الأوضاع في غزة تهدد الأمن الإقليمي والسلام في المنطقة، مستنداً إلى قرارات مجلس الأمن السابقة المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

وأبدت الفصائل الفلسطينية موقفاً رافضاً للقرار، محذرة من خطورته واعتباره محاولة لفرض وصاية دولية على قطاع غزة وتمرير رؤية أميركية–إسرائيلية تمسّ جوهر الحقوق الوطنية الفلسطينية.

السلطة الفلسطينية تصطف مع مشروع القرار الأميركي

بالمقابل رحّبت السلطة الفلسطينية بالقرار، في موقف اعتُبر تماهياً واضحاً مع الطرح الأميركي في مجلس الأمن، حيث عبّرت بأنّ "القرار يشكل فرصة لتعزيز المسار السياسي المدعوم أميركياً، ويفتح الباب أمام المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار"، داعية إلى البدء الفوري في تنفيذ بنوده على الأرض.

كما أكدت السلطة استعدادها للتعاون الكامل مع الولايات المتحدة وأعضاء مجلس الأمن والدول العربية والإسلامية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، من أجل ضمان تطبيق القرار، مشيرة إلى "جاهزيتها لتحمّل مسؤولياتها في قطاع غزة ضمن إطار وحدة المؤسسات الفلسطينية"، بحسب تعبيرها

حركة حماس: القرار الأميركي يحقق أهداف الاحتلال العسكرية في غزة

من جانبها، قالت حركة حماس: إن مشروع القرار الأميركي يفرض آلية وصاية دولية على قطاع غزة وهو ما يرفضه الشعب الفلسطيني وقواه، معتبرة أن الهدف من القرار هو تحقيق ما عجز الاحتلال عن تحقيقه عسكرياً خلال الحرب الماضية.

وأوضحت الحركة أن القرار يسعى إلى فصل قطاع غزة عن باقي الجغرافيا الفلسطينية وفرض وقائع جديدة تتعارض مع ثوابت الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، ما يحرمه من حقه الطبيعي في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

وشددت حماس على أن مقاومة الاحتلال حق مشروع كفلته القوانين الدولية، وأن سلاح المقاومة جزء أصيل من هذا الحق، وأن أي محاولة لنزع سلاح المقاومة أو وضعه تحت إشراف قوة دولية تمثل خرقاً لحيادية هذه القوة وتحولها إلى طرف يخدم أجندة الاحتلال.

وأكدت الحركة أن القرار الأميركي لا يرتقي إلى مستوى المطالب والحقوق السياسية والإنسانية للشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة الذي تعرض خلال العامين الماضيين لجرائم حرب وإبادة واسعة، ما تزال آثارها قائمة رغم الإعلان عن إنهاء الحرب وفق خطة الرئيس الأميركي، كما اعتبرت أن تكليف قوة دولية بمهام داخل قطاع غزة، بينها نزع سلاح المقاومة، يفقدها صفة الحياد ويجعلها طرفاً مباشراً في الصراع، داعية إلى أن يكون وجود أي قوة دولية في حال تشكيلها مقتصراً على الحدود للفصل بين القوات ومراقبة وقف إطلاق النار، وأن تعمل فقط تحت إشراف الأمم المتحدة وبالتنسيق مع المؤسسات الرسمية الفلسطينية، دون أي دور للاحتلال.

حركة الجهاد: القرار تمهيد لفرض وصاية دولية مرفوضة على غزة

كما رفضت حركة الجهاد الإسلامي القرار الأميركي الذي تبناه مجلس الأمن، مؤكدة أنه يشكل وصاية دولية مرفوضة على قطاع غزة ويهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية لصالح الاحتلال بعد فشله العسكري.

وقالت الحركة إن القرار يسعى إلى فصل غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية وفرض وقائع جديدة تتعارض مع ثوابت الشعب الفلسطيني وحقوقه الأساسية، وفي مقدمتها حقه في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل المشروعة التي يكفلها القانون الدولي.

ابتزاز سياسي.. الإغاثة مقابل الطاعة

وأوضحت الحركة أن تكليف قوة دولية بمهام تشمل نزع سلاح المقاومة يحولها من طرف محايد إلى شريك في تنفيذ الأجندة "الإسرائيلية،" مؤكدة أن سلاح المقاومة هو الضامن الوحيد لحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه.

وأضافت الجهاد الإسلامي أن المساعدات الإنسانية وإغاثة المتضررين وفتح المعابر واجبات إنسانية لا يجوز تحويلها إلى أدوات للابتزاز السياسي، وأن فرض هيئة حكم دولية على غزة دون رضا شعبها ينتهك القانون الدولي الإنساني.

كما انتقدت الحركة تجاهل القرار لقضايا العدالة ومحاسبة مجرمي الحرب وتحميل الاحتلال مسؤولية الجرائم التي ارتكبها بحق الفلسطينيين خلال الحرب، مؤكدة أن القرار أغفل أيضاً ضرورة رفع الحصار وإعادة ربط غزة ببقية الأراضي الفلسطينية، ما يعكس دعماً لأجندة تهدف إلى إدامة الانقسام الجغرافي والسياسي وفتح الطريق أمام مزيد من الضم والتهجير.

الجبهة الشعبية: القرار غير ملزم للشعب الفلسطيني

أيضاً، الجبهة الشعبية رفضت في بيان لها قرار مجلس الأمن واعتبرته وصاية جديدة على قطاع غزة وأكدت أن أي ترتيبات تتجاهل الإرادة الوطنية غير ملزمة للشعب الفلسطيني.

وأشارت إلى أن القرار يربط انسحاب الاحتلال ووقف الحرب بشروط الاحتلال نفسه، ويقيّد الإعمار والمساعدات بإرادته، ويعمّق الفصل بين الضفة والقطاع، ويستهدف دور وكالة "أونروا" ومسؤوليتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين والتي تشكل آخر مظاهر الالتزام الدولي تجاه قضيتهم.

وشددت الجبهة على أن أي صيغة تتجاهل الإرادة الوطنية أو تمنح الاحتلال أو الولايات المتحدة سلطة تقرير مصير القطاع هي غير ملزمة لشعبنا وغير قابلة للتطبيق، وأن إدارة غزة يجب أن تكون فلسطينية خالصة، وأي قوة دولية ينبغي أن تكون بولايةٍ أممية واضحة ومهمتها الحصرية حماية المدنيين والفصل وتأمين الممرات الإنسانية.

كما رفضت الجبهة البنود المتعلقة بنزع السلاح، وأدانت وصف المقاومة بالإرهاب، معتبرة ذلك تفريغاً للحق المشروع لشعبنا في الدفاع عن نفسه، وتحويل القوة الدولية من حماية وفصل إلى قوة هجومية تمنح الاحتلال غطاءً لاستمرار سياساته.

وحذرت الجبهة من أن إبقاء القرار بلا تعديلات وضمانات ملزمة يوفّر للاحتلال غطاءً لاستئناف عدوانه بوسائل جديدة، داعية الوسطاء والضامنين إلى التحرك العاجل لمنع استغلاله والقفز فوق حقوق الفلسطينيين في التحرر وتقرير المصير.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين/ متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد