أحدث قرار وزارة المواصلات- مديرية مرور دمشق القاضي بتغيير خط "ميكرو باص" فلسطين/ كراجات، الذي ينطلق من مخيم فلسطين جنوب دمشق باتجاه كراجات البولمان، موجة واسعة من الاعتراض بين الأهالي وسائقي السرافيس على حدّ سواء، بعدما حُرم سكان المخيم، إضافة إلى سكان الزاهرة واليرموك ويلدا وببيلا، من مسار لطالما شكّل شرياناً يومياً يوفّر الوقت والتكلفة ويصل إلى نقاط رئيسية في المدينة.

وبعد أن كان الخط يمرّ عبر كراج السيدة زينب، باب شرقي، والعباسيين، بات الركاب مضطرين لاستخدام أكثر من وسيلة نقل للوصول إلى وجهاتهم، فيما يواجه السائقون تراجعاً حاداً في عدد الركاب، وخسائر يومية تهدد مصدر رزقهم المباشر.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين، أجرى تحقيقاً حول تأثير ذلك على الاهالي والسائقين، واستمع الى شهادات السائقين والطلاب والنساء والأهالي المتضررين، والتي كشفت حجم المعاناة الناتجة عن قرار لا يعرف أحد سببه بدقة، وسط غياب أي حل بديل يحفظ مصالح الناس.

السائقون: القرار "ظالم ويقطع الأرزاق"

أحد السائقين، وصف حالة انعدام الركاب والعمل بعد القرار وقال: "نخرج فارغين ونعود فارغين.. ماذا تبقّى لنا؟" وتابع السائق :"خط كراج الست هو الخط الذي يعتمد عليه معظم ركّاب المخيم والزاهرة. الآن لا نستطيع نقلهم، نُمنع من دخول العباسيين، ونسير حتى باب المخيم. ركّاب كراج الست لم نعد نستطيع نقل أحد منهم، فنخرج فارغين ونعود فارغين. المازوت ليس مجاناً، ولم تعد هناك خدمة للمواطن أبداً."

ويصف السائق حالة الارتباك التي يعيشها الركاب بعد التغيير: "الراكب يسألني: لماذا تحقق معي وتسألني اين سأذهب؟ هل أنت تحقق معنا؟ وأجيبه: يا أخي هذا ليس تحقيقاً؛ أنا مضطر لتغيير الوجهة. أخرج بثلاثة ركاب وأعود بأربعة" ويؤكد السائق أنّ " القرار يقطع رزق صاحب السيارة، ومعظم السائقين موظفون يعملون دواماً ثانياً لتحسين معيشتهم."

وأضاف "لماذا تُمنع عنا أرزاقنا؟ نريد حلاً، في كراج الست لا يسمحون لنا حتى بالتوقف. إذا أنزلت راكباً وأخذت آخر على طريق المطار يعتبرونني مخالفاً. هذا غير منطقي، فالناس تتهمنا أننا نصابون وحرامية ونحن لا نعمل أساساً! القرار ظالم وغير صحيح".

السرافيس 2.jpg


 

70 إلى 80 سرفيس تضررت.. والسائق والمواطن كلاهما في أزمة

سائق آخر يوضح حجم الضرر الذي طال جميع العاملين على الخط ويقول :"نحن أكثر من سبعين أو ثمانين سرفيساً، وكلّ سرفيس يعيل عائلتين أو ثلاثاً. كنا ننطلق من المخيم إلى الزاهرة وجسر المشاة ثم كراج الست والكراجات. الآن ننزل الراكب عند الفرن الآلي ليأخذ سرفيساً آخر، وينتظر ساعات."

ويضيف: "نقف ثلاث وأربع ساعات حتى تأتي سفرة واحدة، وعند العودة، نجد ركاباً معدودين. كان الراكب يذهب إلى الصناعة أو العباسيين بـ 3000 ليرة، الآن أصبح يدفع 6000، والطالب يدفع 12 ألفاً بدل 6 آلاف. الطريق لم يتغير، والسيارات لازالت مصطفة، ولم تُحل المشكلة."

ويختم: "نحن لا نضرب ولا نخلق مشاكل، نحن نطالب بلقمة العيش فقط، فأغلب ركاب كراج السيدة زينب من مخيم فلسطين ولا أحد يخدمهم. خرجت اليوم من البولمان إلى المخيم ومعي ثلاثة ركاب فقط، وهذا الواقع أمامكم."

الخط موجود منذ 1992.. فلماذا تغييره الآن؟

سائق آخر يؤكد أن التغيير غير مفهوم، علماً ان سلطات المرور بررت القرار بأنه " اعادة الخط الى مساره الاصلي" وهذا ما اثار نقد واستغراب السائقين، واوضح أحدهم لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "نريد أن نعرف سبب تغيير مسار الخط. هذا الخط موجود منذ 1992، وهو في مكانه الأصلي. يقولون إعادة الخطوط لمواقعها الأصلية، لكن خطنا أساسه كراج الست."

ويتابع: "المواطن اليوم يحتاج سرفيسين أو ثلاثة ليصل إلى المدرسة أو العمل. الحركة أصلاً ضعيفة. المخيم لا يقطنه 10% من سكانه، والبنايات فارغة تقريباً. أذهب للبولمان بـ 3000 ليرة وأعود أبحث عن راكب وكأني أتسوّل!"

السرافيس 3.jpg

أما الأهالي، فيجمعون على أنّ الضرر كبير عليهم وعلى السائقين، هذا ما أوضحته شهادات اللاجئين من سكان المخيم، حيث يقول أحدهم: "من المستفيد من نقل الخط؟ الشعب هو الخاسر الوحيد. أنا قادم بخمسة ركاب وراجع بخمسة. هذا غير منطقي. نطالب بإعادة النظر."

أما الطالب أحمد الكسيح من سكان المخيم، فأوضح تاثير القرار على الطلاب لافتاً أنّ "التكلفة أصبحت لا تُحتمل" وشرح قائلاً: "كنت أذهب إلى المدرسة بـ 3000 ليرة ذهاباً و3000 إياباً. الآن أدفع 9000 ذهاباً و9000 إياباً. هذا لا يُحتمل."

أما لاجئ آخر فأشار لموقعنا :"إذا أردنا الذهاب إلى دمشق نحتاج ركوب مكرويين أو ثلاثة. ليس كل شخص يستطيع دفع هذه المبالغ، خصوصاً أصحاب العائلات."

أحتاج ميزانية جديدة للخروج مع أولادي

تقول أم عدي من سكان اليرموك: "المشكلة الأساسية هي المواصلات. السائقون يتحكمون بنا. السرفيس ينزلني في رأس المخيم فأضطر لركوب آخر إلى كراج الست ثم إلى البولمان. التكلفة أصبحت 12 ألفاً. الذهاب مع ولد أو اثنين يحتاج ميزانية. وحتى حين يخدمونك ينزلوك عند حافة المخيم."

وكذلك اللاجئة أم خالد التي تؤكد أنّ القرار أثقل الطلاب والنساء وكبار السن وتقول :"كنا ننزل في كراج الست مباشرة. الآن نُجبَر على النزول عند الفرن الآلي وأخذ سرفيس آخر. هذا مرهق جداً، خاصة للطلاب والنساء وكبار السن. ظروف الناس صعبة، ونتمنى عودة الخط كما كان."

ويقول أحد الأهالي محتجاً: "هذا الأخ يريد الذهاب إلى كراج درعا ولا توجد سيارة توصله. الخط القديم كان يخدمه. لقد ظلمتم السائقين والركاب. ابني الموظف في مستشفى المجتهد كان يدفع 3000، الآن يحتاج 12 ألف. هذا غير منطقي."

وتُجمع شهادات السائقين والأهالي على أن قرار تغيير خط "سرفيس فلسطين/ كراجات" أفقد الخط وظيفته الأساسية، وخلق أعباء مادية وزمنية على الطلاب والموظفين والمرضى، فيما يراه السائقون قراراً غير مدروس أدى إلى "قطع رزقهم" وزيادة التوتر بينهم وبين الركاب.

وبينما لا تزال الأسباب الرسمية غير واضحة بالنسبة لهم، يطالب المتضررون الوزارة المعنية بإعادة النظر بالقرار، وإعادة الخط إلى مساره التقليدي الذي خدم آلاف الركاب منذ ثلاثة عقود.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد