تعيش عائلة محمد حلاوة في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة وسط ظروف إنسانية قاسية، بعد أن دُمّر منزلهم بفعل القصف "الإسرائيلي" في إطار حرب الإبادة التي توقفت بعد عامين متواصلين من التدمير والقتل، دون وجود أي بديل يقي أفراد العائلة السبعة برد الشتاء ومخاطر البقاء بين الركام.

وقدر المستطاع تحاول العائلة جعل هذا البيت مأوى مؤقت لها من العراء والخيام المهترئة عبر تغطية المساحات المفتوحة من المنزل بالبطانيات والنايلون بما يحفظ الحد الأدنى من الحماية، بينما تكافح يومياً للاستمرار في ظل الطقس القاسي وانعدام مقوّمات الحياة الأساسية.

تقف زوجة محمد على شرفة مطبخ لم يتبق منه سوى نصفه، تحاول ممارسة ما يمكن من تفاصيل حياتها اليومية بين الأنقاض، تنشر الغسيل المبلل، وتعدّ وجبة بسيطة مما توفر، وتزيل الركام عن أواني المطبخ وبالقرب منها يحاول أطفالها متابعة تعليمهم داخل نصف منزل مدمر وسط المخيم الذي غطته الأنقاض والمنازل المهدمة.

261125_Jabalia_OSH_00(17).jpg

الركام أهون من النزوح

تقول أماني حلاوة (39 عاماً)، وهي أم لسبعة أطفال وسكان منطقة جباليا: إن العائلة نزحت مراراً على مدار العدوان الأخير، ووصلت إلى ساحل بحر غزة ثم عادت إلى منزلها مع بدء اتفاق وقف إطلاق النار.

وتضيف: "منزلنا لا يصلح للسكن والردم هائل، لكنني رأيت أنه أفضل من الخيام الباردة على الساحل بعد رحلة نزوح طويلة. عندما عدنا لم يكن في المكان شيء سوى الركام، بدأنا بتنظيفه قليلاً، ورغم المخاطر شعرنا أن وجودنا في منطقتنا أكثر أماناً."

وتشير أماني إلى أن الحياة في الخيام أصعب مما يمكن احتماله، في ظل ضعف الخدمات الأساسية وانعدام الماء الصالح للشرب، قائلةً: "نعيش بصعوبة كبيرة، لا توجد مياه، ونجلبها من مكان بعيد. لا أحد يسكن في المربع المحيط بنا بسبب حجم الدمار. مكثنا أياماً طويلة ننظف المنزل، ثم عاد القصف ونحن هنا. وفي الشتاء غرق جزء من الفراش وتضررت أجزاء أخرى من المنزل".

261125_Jabalia_OSH_00(4).jpg

وتطالب أماني الجهات الدولية وأصحاب الخير بتوفير خيام وشوادر وكرفانات عاجلة للنازحين، مشيرةً إلى أن مرور شهر على اتفاق وقف إطلاق النار لم ينعكس على أوضاع السكان الذين يعيشون معاناة يومية.

ومضت قائلة: "نحتاج كرفانات ومناطق آمنة. ما زلنا مهددين بالنزوح بسبب إطلاق النار المستمر وقرب آليات الاحتلال. الناس يريدون الاستقرار لكنهم خائفون".

ويواصل جيش الاحتلال خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي حيث وثقت بيانات فلسطينية حكومية إجمالي الخروقات منذ بدء تنفيذ الاتفاق التي بلغت 497 خرقًا، خلّفت 342 شهيدًا و875 مصابًا، إضافة إلى 35 حالة اعتقال خلال عمليات التوغل.

وحيدون في منطقة دمرها القصف

من جهته، يقول الزوج: إن العودة إلى المنزل المدمر كانت اضطرارية بعد فقدان أي مكان آخر يلجؤون إليه" مؤكداً أن أبناءه الصغار يعيشون وسط الدمار والخوف في منطقة طالتها العملية العسكرية "إسرائيلية" التي سميت بـ"عربات جدعون"، التي أسفرت عن تدمير نحو 90% من مخيم جباليا.

ويضيف: "لا توجد مقومات للحياة. لا مياه صالحة للشرب، ولا طعام كافٍ. أقطع مسافات طويلة لأجد سوقاً يمكنني شراء شيء منه للأطفال. نحن خائفون كل يوم، لكن لا خيار آخر".

261125_Jabalia_OSH_00(29).jpg

ويشير إلى أن المخيم شهد غرق خيام النازحين بسبب الأمطار، بينما منزله المفتوح من جميع الجهات لا يقيهم المطر ولا الرياح لعدم وجود شوادر لتغطية الفتحات.

وسط هذا الواقع، تبقى عائلة حلاوة نموذجاً لعشرات آلاف العائلات في شمال غزة، التي وجدت نفسها بين ركام المنازل أو في خيام لا تقي برد الشتاء، في انتظار مساعدات عاجلة وحلول تضمن لهم أدنى مستويات الأمان والكرامة الإنسانية.

وتتواصل التحذيرات الفلسطينية من تفاقم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في غزة مع غرق عشرات آلاف الخيام التي تؤوي مئات آلاف النازحين بفعل أول منخفض جوي هذا الشتاء، وسط منع الاحتلال إدخال مواد الإيواء الأساسية وإغلاقه المعابر بشكل كامل.

وتعيش أكثر من 288 ألف أسرة أوضاعًا مأساوية في ظل غياب الخيام المناسبة، بينما يحتاج القطاع لـ 300 ألف خيمة وبيت متنقل لتأمين الحد الأدنى من السكن الإنساني، وفق تقديرات وكالة "أونروا".

261125_Jabalia_OSH_00(12).jpg


 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد