يتصاعد القلق في أوساط الفلسطينيين داخل مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، في ظل تزايد شكاوى الأهالي من الانتشار الواسع للكلاب الشاردة في الشوارع والأزقة، وما يرافق ذلك من مخاطر متزايدة على سلامة السكان، ولا سيما الأطفال والطلاب، خصوصاً خلال ساعات الصباح الباكر والمساء، وسط مطالبات بتدخل عاجل يضع حداً لهذه الظاهرة.

وفي مقابل هذه المخاوف، أكدت لجنة مخيم اليرموك أنها باشرت حملات لجمع الكلاب الشاردة استجابة لشكاوى الأهالي وحرصاً على سلامتهم، مشددة على التزامها بالتعامل الإنساني مع الحيوانات، ومحاولة نقلها إلى جهات وأماكن مختصة.

غير أن اللجنة أشارت إلى أن معالجة هذا الملف تصطدم بغياب فرق ميدانية متخصصة لدى الجهات المتعاونة لجمع الكلاب ونقلها، ما يضطرها للاعتماد على مبادرات محدودة وطلب متطوعين من أبناء المخيم، في وقت يؤكد فيه الأهالي أن المشكلة لا تزال قائمة وتشكل خطراً حقيقياً دون حلول جذرية ومستدامة.

وفي هذا السياق، قال نضال فرهود، أحد سكان المخيم في شارع صفورية، في حديثه لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن الكلاب الشاردة تتجمع بأعداد كبيرة داخل البيوت والأبنية، وتقوم بمهاجمة الأطفال، ولا سيما خلال ساعات الليل، كما يُلاحظ تجمع أعداد كبيرة منها في ساعات الصباح أيضاً.

وأضاف أن من أبرز المشكلات التي تتسبب بها هذه الكلاب اعتداءاتها المتكررة على الأطفال، إذ لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها أو توقيت هجومها.

وأوضح فرهود أن المشكلة لا تقتصر على الهجمات فقط، بل تشمل أيضاً الضوضاء المزعجة ليلاً ونهاراً، ما يحرم الأهالي من النوم والراحة، لافتاً إلى أن السكان يشعرون بالخوف حتى عند فتح أبواب منازلهم أو الخروج منها، إذ تدخل الكلاب إلى بعض البيوت، وعند وجود امرأة أو طفل أو رجل تبدأ بالعواء والهجوم، ولا يكون ذلك من كلب واحد أو اثنين، بل من مجموعات كبيرة.

وأشار إلى أن الكلاب تتجمع بأعداد كبيرة قرب المدارس، ولا سيما في منطقة عبد القادر ومنطقة الحارة، حيث تنتشر بكثرة وبأعداد ملحوظة، في ظاهرة واسعة الانتشار وليست حالات فردية

من جهته، أوضح باتر تميم، عضو لجنة التنمية في مخيم اليرموك، لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين ، أن ظاهرة الكلاب الشاردة تعاني منها مختلف المناطق في سوريا بشكل عام، إلا أن مخيم اليرموك يعاني منها بشكل كبير.

وبيّن تميم، أن المشكلات الناجمة عنها تتمثل بالدرجة الأولى في الهجمات التي تطال الأهالي، ولا سيما الأطفال والنساء، وخصوصاً في أوقات الذهاب إلى المدارس، حيث سُجلت للأسف عدة حالات اعتداء تشكل خطراً حقيقياً على سلامة السكان.

وأضاف تميم أن من بين المخاطر الأخرى، نقل الأمراض، مثل داء الكَلَب، وهو مرض خطير قد يؤدي إلى الوفاة”، فضلاً عن “تخريب الممتلكات العامة والخاصة، والإزعاج والضوضاء، خاصة خلال ساعات الليل، ما يجعل هذه الظاهرة خطراً واضحاً على المجتمع بأكمله.

وحول دور الجهات المعنية، أشار تميم إلى أن لجنة المخيم تواصلت منذ فترة مع دائرة الخدمات، إلا أنه لم تكن لديها الإمكانات اللازمة للتعامل مع المشكلة، كما جرى التواصل مع المحافظة من دون توفر أي إمكانات أيضاً، ما دفع اللجنة إلى أخذ زمام المبادرة لمحاولة الحد من هذه الظاهرة.

وبيّن أن اللجنة نفذت حملة استمرت ليومين، جرى خلالها نقل بعض الكلاب بطريقة قانونية، عبر تخديرها ونقلها إلى محمية مخصصة، مؤكداً أن القتل أو استخدام السموم ممنوعان ويُحاسب عليهما القانون.

وأضاف أن اللجنة حرصت على التعامل مع الملف بأسلوب إنساني، وتمكنت خلال الحملة من نقل نحو مئة كلب من داخل المخيم، لكنها واجهت صعوبات كبيرة، أبرزها الأعباء المادية المرتفعة، وتكاليف مواد التخدير، وتأمين الطعام والنقل، ما حال دون الاستمرار في الحملة.

ولفت تميم إلى أن بعض المتبرعين قدموا دعماً للجنة في الفترة اللاحقة، معرباً عن الأمل في تكرار هذه المحاولات للحد من الظاهرة، رغم أن القضاء عليها بشكل كامل يُعد أمراً شبه مستحيل، نظراً لوجود كلاب شاردة في المناطق المجاورة، مؤكداً أن الهدف يتمثل في تقليصها إلى أدنى حد ممكن.

وفيما يتعلق بالخطوات المقبلة، أشار تميم إلى أن اللجنة قررت العمل على توعية المجتمع المحلي، مؤكداً أن دور الأهالي أساسي في هذا الإطار، من خلال الامتناع عن رمي بقايا الطعام في القمامة، لأن الكلاب تغادر المنطقة عادة في حال عدم توفر الغذاء.

كما دعا الأهالي الذين لم يعودوا إلى منازلهم أو محالهم في المخيم إلى إغلاقها، لأن الأبنية والمحلات المهجورة تشكل مأوى للكلاب، مشدداً على أن الحل لا يقتصر على لجنة المخيم أو دائرة الخدمات أو المحافظة، بل يتطلب تعاون المجتمع المحلي بأكمله للحد من هذه الظاهرة بشكل كبير.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد