فجّرت مسألة ممتلكات منظمة التحرير في لبنان وسوريا، والتي جرى إثارتها صيف العام 2025 الجاري، على ضوء تغييرات أجرتها حركة "فتح" على مشهد قياداتها في لبنان، مواجهة علنية غير مسبوقة داخل أروقة الدبلوماسية الفلسطينية في لبنان، بطلها السفير الفلسطيني السابق أشرف دبور وقيادة منظمة التحرير، على خلفية ملفات عقارية شائكة، بدأت خيوطها تتكشف مع اتهامات "بالرشوة" أطلقها دبور، وقابلتها المنظمة بفتح ملفات "فساد مالي" وصدور مذكرة اعتقال دولية بحقه.

نصف مليون دولار "ثمن الصمت"

بدأت الأزمة تتكشف بعمق، مع بيان شديد اللهجة أصدره السفير السابق أشرف دبور، كشف فيه عما وصفها بـ"الصفقة المريبة" لبيع مبنى منظمة التحرير والعقار المحيط به في منطقة كورنيش المزرعة ببيروت.

وأكد دبور أن أحد أعضاء "لجنة الشرعية الفلسطينية" المكلفة بحصر الأملاك عرض عليه مبلغ 500 ألف دولار (نصف مليون دولار) كـ"عربون تقدير" من أصل ثمن المبنى المقدّر بملايين الدولارات.

ووصف دبور هذا المبلغ بأنه ليس سوى "شريط لاصق" على الفم لإسكاته عن تفاصيل عملية البيع التي تمت بعيدًا عن الرقابة المالية والشفافية القانونية، متسائلًا عن مصير الأموال المقبوضة، وهل أودعت في الخزينة العامة أم في "حسابات خاصة".

المنظمة ترد: "دبور مطلوب للعدالة"

في المقابل، لم يتأخر رد منظمة التحرير، حيث نفى مصدر مسؤول جملةً وتفصيلًا ادعاءات دبور، واصفًا إياها بـ"الأكاذيب" الهادفة للتشويش على تحقيقات جارية بحقه. وكشف المصدر أن دبور (المحال للتقاعد) مطلوب للقضاء الفلسطيني في قضايا فساد تتعلق بفترة عمله في السفارة (2012-2025).

وتتلخص التهم الموجهة لدبور، بحسب بيان المنظمة، في: إجراء صفقات شراء عقارات بأسعار تخالف قيمتها الحقيقية، وسحب مبالغ نقدية من حسابات السفارة والاحتفاظ بها في "صندوق شخصي"، ورفض المثول أمام القضاء، مما أدى لصدور مذكرة اعتقال بحقه عبر "الإنتربول الدولي".

لجنة نجل الرئيس و"أوامر الإخلاء"

تأتي هذه السجالات في سياق أوسع، حيث تشهد الأوساط الفلسطينية في لبنان حالة من التوجس جراء تحركات لجنة خاصة شكّلها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لـ"حصر أملاك المنظمة". اللجنة، التي يرأسها نجل الرئيس، وتضم موظفين من الخارجية، بدأت باستدعاء تجار ورجال أعمال لإخلاء نحو 2000 شقة وعقار مسجلة بأسمائهم الشخصية لصالح المنظمة.

وتشير التقارير إلى أن اللجنة تستخدم "أوامر رئاسية" وتوزع قوائم مختومة من محاكم فلسطينية، مع تقديم عروض مالية "رمزية جدًا" مقابل التنازل، وهو ما أثار تساؤلات حول قانونية هذه الإجراءات وأهدافها، في ظل التغييرات الجذرية التي أجراها عباس مؤخرًا، وشملت إزاحة دبور وتعيين محمد الأسعد خلفًا له.

وردًا على اتهامات المنظمة، أبدى دبور ترحيبه بالاحتكام للقضاء، لكنه حذر من تحول "القاضي إلى خصم" ومن تسييس الملفات بدوافع كيدية. وأعلن عزمه التوجه للقضاء اللبناني (باعتبار العقارات على أرض لبنانية) والقضاء الفلسطيني، مؤكدًا أنه يمتلك وثائق سيعرضها عبر الأطر التنظيمية الداخلية لحركة "فتح" في الوقت المناسب.

يذكر أن هذا الصراع المفتوح يضع إرث منظمة التحرير المالي والعقاري في لبنان تحت المجهر، وسط دعوات بضرورة تفعيل مبدأ "من أين لك هذا؟" على كافة المستويات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مقدرات الشعب الفلسطيني.

حول الموضوع: لجنة تابعة لعباس يرأسها نجله تثير جدلًا في بيروت حول أملاك منظمة التحرير

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد