واشنطن-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
تشهد أروقة الأمم المتحدة جدلاً واسعاً حول قرار المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن إعداد قائمة سوداء للشركات الدولية التي تتعامل أو تستثمر في المستوطنات داخل أراضي الضفة الغربية المحتلة منذ خمسين عاماً.
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن ضغوط تُمارسها الإدارة الأمريكية على الأمم المتحدة لمنع صدور القائمة التي تضم الشركات التي تتعامل مع منتجات المستوطنات، مُشيرةً إلى أنّ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة كان قد صادر في العام الماضي على قرار لعمل قاعدة بيانات لتلك الشركات الدولية وسط معارضة من الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني، التي اعتبرت أن تحركاً من هذا النوع سيكون تمهيداً لإجراءات عدائية بمقاطعة الكيان.
وبحسب "واشنطن بوست" اعتبرت نيكى هيلى، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أنّ "القوائم السوداء" هي فكرة مزرية وهددت في خطاب وجهته إلى الأمم المتحدة في جنيف في حزيران الماضي، حيث مقر المجلس الدولي لحقوق الإنسان، بأنّ واشنطن تدرس جدوى استمرارها عضواً في هذا المجلس الذي وصفته بأنه " ينحاز ضد إسرائيل ... ويتسامح كثيراً مع المستبدين والطغاة."
واعتبرت المندوبة الأمريكية أنّ إدراج شركات في قوائم سوداء بحكم الموقع الجغرافي لعملها دونما النظر إلى ممارساتها التوظيفية وإسهامها في تنمية المناطق التي تعمل فيها يناقض تماماً قوانين التجارة الدولية ويناقض كذلك أية تعريفات لحقوق الإنسان، كما أنه في حقيقة الأمر محاولة لدمغ العداء للسامية بخاتم القبول الدولي.
ونقلت "واشنطن بوست" عن دبلوماسيين ومصادر أخرى لم تسمهم أن شركات أمريكية تتصدّر تلك القائمة السوداء التي أعدّها المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وفي مقدمة تلك الشركات الأمريكية "كاتربيللار" للمعدات الثقيلة و"تريب ادفيزور".
ونقلت "واشنطن بوست" عن زيد بن رعد الحسين، أمين المجلس الدولي لحقوق الانسان، تأكيده أن القائمة السوداء ستصدر نهاية العام الجاري وسيتم تحديثها سنوياً وأنه طلب من الشركات التي ترى أنها ستتأثر من نشر القائمة التقدّم بتعليقاتها في موعد كان نهايته يوم الجمعة الماضية الأول من أيلول الجاري، ولفتت الصحيفة إلى أنّ مسودة القائمة التي تلقاها دبلوماسيون أمريكيون لم تُقابل برد من الإدارة الأمريكية حتى الآن.
وكشفت "واشنطن بوست" عن ضغوط تمارسها الإدارة الأمريكية على زيد بن رعد – وهو دبلوماسي أردني سبق له العمل سفيراً لبلاده لدى الأمم المتحدة – لتأجيل نشر القائمة السوداء لمدة عام، غير أنّ هذا المطلب قد قوبل بالرفض من جانب اللجنة الدولية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، لكن مصادر دبلوماسية قالت إن ضغوطاً لا تزال قائمة بشأن هذا الموضوع وأنّ واشنطن قد تبنّت الموقف "الإسرائيلي" المُعارض لقيام الأمم المتحدة بتمويل إعداد تلك القائمة السوداء وما يتصل بها من إجراءات وهو ما لم تنجح فيه الولايات المتحدة والكيان.
ونقلت الصحيفة عن نوريت هيثر المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية قولها إنّ "قرارات من هذه النوعية ستكون لها آثارها السلبية ولا تخدم إحراز تقدم في القضايا الفلسطينية والإسرائيلية"، متابعة " لقد عبرنا عن موقفنا بكل وضوح إزاء مسألة إعداد قواعد بيانات للشركات الدولية العاملة في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي المحتلة حيث لم ولن تشارك الولايات المتحدة في إيجاد أو حتى الإسهام في قائمة من هذا النوع."
وكان مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد وصف في حزيران الماضي احتلال الأراضي الفلسطينية في العام 1967 بأنه خرق للقانون الدولي، وعندها نشأت فكرة عمل القائمة السوداء على غرار ما تم في جنوب إفريقيا لمعاقبة نظام الفصل العنصري الذي كان سائداً هناك منذ عقود، كما كان الضغط العربي شديداً للدفع باتجاه عمل "القائمة السوداء" لكل من يتعاون اقتصادياً وتجارياً مع المشروعات المقامة على أراضي المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.