مخيم نهر البارد - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

انتصار الدّنّان

 

أقامت حادثة الطفلة إسراء الدنيا ولم تقعدها، وما إن وصل الخبر إلى الناس، حتى هبت المخيمات الفلسطينية تضامناً مع الطفلة، وكانت الأنظار تتجه نحوها، وليس نحو الجدة التي قُتلت في عملية الدهس ذاتها، إذ احتشد عدد من الشبان من أهالي مخيمي البارد والبداوي، وآزرهم في الاحتشاد آخرون من مخيم عين الحلوة، وقد أخذتهم الحمية والانتفاض ضد الأونروا وخدماتها باعتبارها المسؤول الأول عن موت الطفلة إسراء.

عن ما حدث، يقول أحد أهالي مخيم نهر البارد: في أثناء توجه الحاجة وداد أحمد مصطفى (أم محمد مرشود) وحفيدتها إسراء إسماعيل إلى منزلهما في مخيم نهر البارد، بركسات بحنين، وفي خلال قطعهما لأوتستراد بحنين تعرضتا لحادث صدم من قبل سائق سيارة لاذ بالفرار إلى جهة مجهولة. وبقيت الحاجه وحفيدتها قرابة الساعة ملقتين على الأرض قبل أن يتم نقلهما إلى المستشفى، ومن ثم بعد مرور وقت لا بأس فيه تمَّ نقل الطفلة إسراء إلى مستشفى الخير الواقع في المنية قرب مخيّم نهر البارد، ولكنه لم يكن مجهَّزاً بما يتناسب مع وضعها الصحي وحاجتها لجهاز تنفس اصطناعي، وقد حاولت الفصائل وفعاليات وناشطون وعدد كبير من شبان المخيم إجراء العديد من الاتصالات لإيجاد مكان لها في إحدى المستشفيات المجهَّزة بما تتطلّبه حالتها في مناطق لبنان كافة، ولكن لم يتوفَّر في أيٍّ منها مكان شاغر للطفلة، ونظراً لوجود جهاز تنفس يدوي فقط في مستشفى الخير، فقد ساءت حالة الطفلة وما لبثت أن فارقت الحياة بعد قرابة أربع ساعات من وصولها إلى المستشفى. كذلك حال الجدة التي توفت هي الأخرى في المستشفى الحكومي نتيجة تعرضها لكسور عديدة.

إثر ذلك سادت حالة من الغضب الشعبي المخيّم، وقد ناشد المعتصمون رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وسفير دولة فلسطين أشرف دبور لتوفير مستشفى للأهالي في مخيم نهر البارد نظراً للحاجة الماسّة لذلك، كما أعربوا عن استنكارهم لسياسة الأونروا التقليصية، ولا سيما في المجال الصحي التي كانت سبباً في حدوث العديد من حالات الوفاة لعدم توفير التحويلات الصحية اللازمة لمستشفيات مجهّزة بما يتناسب مع الحالات الصحية وتوفير العلاج المناسب لها، خاصةً في ظل صعوبة الوضع المعيشي للاجئين في لبنان وعدم قدرتهم على تحمل تكاليف العلاج الباهظة في المستشفيات الخاصة المجهّزة بما يلزم، وقد قام عدد من المحتشدين بنصب خيام، ودعا المعتصمون اعتبار اليوم الثاني للحادث يومَ غضب وحداد، وناشدوا بقية المخيمات للتضامن معهم وإعلان إلاضراب والحداد في سائر المخيمات.

بدورها أعلنت المخيمات في لبنان تضامنها مع المعتصمين في نهر البارد ومطالبهم واستنكارها للحادث الأليم، فخرجت مسيرات وتظاهرات جابت عدداً من المخيمات، في مختلف المناطق اللبنانية من الشمال وحتّى الجنوب، كما صدر بيان عن قيادة فصائل المقاومة واللجان الشعبية الفلسطينية في الشمال دعا إلى إعلان الإضراب العام والشامل في اليوم التالي للحادث حداداً على وفاة الطفلة ورفضاً لتقليصات الأونروا، وإلى الاعتصام أمام مكتبَي مديرَي خدمات مخيَّمَي نهر البارد والبداوي.

إحدى السيدات اللواتي لم يشاركن في المظاهرات والاعتصامات، قالت: أنا مع أن تحصل مظاهرات ضد سياسة التقليصات التي تتبعها الأونروا في خدماتها ضد أبناء الشعب الفلسطيني في المخيمات، لكن ليس بهذه الطريقة، فقد أغلقت المدارس والعيادات لأيام عدة، وقد تضرر أولادنا من ذلك، تضرر الناس من إغلاق العيادات، فهناك أناس لا يستطيعون حتى شراء "بانادول" ما اضطرهم لشرائها من الخارج. إن سياسة التجهيل التي يعتمدها بعض الساسة نحن نرفضها، ولو أن المظاهرات والاعتصامات لم تدعُ لإغلاق المدارس والعيادات فكنت سأكون أول المتظاهرين فيها أنا وأولادي، لكن ما قام به المتظاهرون هو عمل غير حضاري، وأعتقد أن هناك من خلف تلك المظاهرات والاعتصامات لاستغلال الناس في مآرب خاصة".

من جهتها قال الطالبة الجامعية يارا: إن الفتاة التي توفيت كان يجب أن تعالج على نفقة من دهسها، علما أنني أحمّل الأونروا جزءاً من المسؤولية بسبب الإهمال في تأمين الخدمات الصحية اللازمة، لكني كنت ضد فكرة تسكير المدارس والعيادات، لأنها تعود علينا وعلى أطفالنا وأهلنا بالضرر.

وتضيف: كما أن معظم ممن شاركوا في المظاهرات أجزم أنهم لم يكونوا يعلمون لماذا هذه المظاهرات، وضد مَن، فبرأيي إن المظاهرات التي حصلت كانت خطأً كبيرا، ولو كانت مفيدة لكنت أنا أول المشاركات فيها. وأظن أن من خلفها مخططاً ما.

من الاحتجاجات في مخيم نهر البارد

 

خاص بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد