صابر حليمة – لبنان
لا تزال قضية اللاجئين الفلسطينيين العالقين خارج لبنان تلقى تفاعلاً كبيراً لليوم الثالث على التوالي، دون أي تعديل أو إلغاء للقرار الصادر بمنع عودتهم إلى لبنان.
وقال اللاجئ الفلسطيني العالق في الإمارات، طارق أبو طه، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إن السفارة اللبنانية تواصلت معه وأخبرته بأنها تحاول وضع اسمه على طائرة عائدة إلى لبنان في 8 أيار/مايو الحالي، إلا أنها تنتظر التصريح من الدولة اللبنانية.
وأكد أبو طه أن لبنانيين في الإمارات يساعدوه منذ ثلاثة أسابيع جراء تردي وضعه المادي، كما أنهم، وبعد منعه من العودة إلى لبنان، تواصلوا معه وأبدوا استعدادهم التام لتقديم أي مساعدات.
في لبنان، تواصلت النائب بولا يعقوبيان، التي استنكرت الحادثة بشدة، مع المدير العام للأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، الذي أكد متابعته الشخصية لقضية أبو طه، وفق منشور لها على "تويتر".
مطالبات فلسطينية بوقف القرار
إلى ذلك، طالبت لجنة المتابعة المركزية التابعة للجان الشعبية الفلسطينية في لبنان الدولة اللبنانية بالتراجع عن هذا القرار الجائر.
وأضافت، في بيان أصدرته أمس الإثنين: "المستغرب أن لا أعباء مالية على الدولة اللبنانية في عودة الفلسطينيين حاملي الوثيقة إلى لبنان".
كما شددت "أعلنا مراراً وتكراراً أننا ضد التوطين ولكن لنا حقوق إنسانية واجتماعية وهذا القرار الجائر (..) نرفضه لأنه يتنافى والمعايير الإنسانية والأخلاقية".
وفي السياق، أعلنت حركة حماس متابعتها هذه القضية عبر عضو المكتب السياسي في فيها ورئيس مكتب العلاقات العربية والاسلامية، عزت الرشق، الذي تواصل مع اللواء إبراهيم.
وطالب الرشق اللواء إبراهيم بالتدخل لمراجعة القرار ورفع الحظر المتعلق بحرمان اللاجئ الفلسطيني من العودة إلى أهله في لبنان، ومعاملة اللاجئين الفلسطينيين أسوة بأشقائهم اللبنانيين.
بدوره وعد اللواء إبراهيم بإجراءالاتصالات اللازمة لتعديل قرار الحكومة اللبنانية المتعلق بعودة الأخوة الفلسطينيين، لما في ذلك من مصلحة مشتركة وحرص على العلاقة الأخوية، وفق البيان.
نظرة حقوقية على قضية العالقين: لبنان خرق جميع الاتفاقيات الموقعة
بدوره، أكد مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) والحقوقي الفلسطيني، محمود حنفي، أن منع اللاجئين الفلسطينيين من العودة والتعامل معهم كفئات ثانية وثالثة، يندرج جميعه في إطار سياسة تمييزية عامة، وليس في إطار حدث منعزل.
أضاف في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أن التمييز العنصري الذي جرى، جاء على الرغم من أن لبنان جزء من المجموعة الدولية، ومؤسس للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما أنه، من الناحية الدستورية، ألزم نفسه باحترام الاتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ما يعني أنه ملزم بشدة باحترام الاتفاقيات التي صادق عليها.
بل إن لبنان، وفق حنفي، وقع على الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وصادق على أهم الاتفاقيات الحقوقية، كالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام 1971، والعهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية 1972، لكنه خرق المنظومة الحقوقية المتعلقة بالمساواة وعدم التمييز.
وأضاف: "شخصياً، لم أستغرب مما جرى لأن هناك سياسة تمييزية في لبنان كبيرة تجاه اللاجئين الفلسطينيين"، موضحاً أن هناك "ثقافة تمييزية عند الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان".
واعتبر حنفي أن ما حدث يعتبر قضية رمزية تعبر عن انتهاكات كثيرة وتمييز شامل، مؤكداً ضرورة استثمار هذه القضية، لأنها باتت قضية رأي عام لاقت استنكاراً من منظمات حقوقية في أوروبا، كما أن وسائل إعلام عالمية تتابع ما جرى.
ودعا حنفي الدولة اللبنانية إلى تغيير هذه السياسة تجاه مواطنيها والمقيمين على حد سواء، فالكل يعيش الهم نفسه في ظل فيروس "كورونا" والمشاكل الاقتصادية، كما أن هكذا سياسات وإجراءات هي غير لائقة لتاريخ النضال المشترك بين الشعبين.
سياسات لا تمثل الشريحة الأكبر من الشعب اللبناني
من جهتها، شددت مايا مجذوب، الأستاذة الجامعية ومؤسِسَة "التجمع المناهض للفصل العنصري"، أن القرار لا يعبر عن أغلبية الشعب اللبناني وعن مشاعره وأخلاقه، والدليل هو حملات التضامن الكبيرة مع اللاجئين وحقوقهم واستهجان القرارت التمييزية، التي تثبت وحدة الحال بين اللبناني والفلسطيني.
مجذوب، التي نددت بالقرار التمييزي، أكدت لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن قراراً من هذا النوع ما هو إلا امتداد لمنظومة حكم عنصرية بأسرها، تحتوي على الكثير من العنصرية الممأسسة التي تمارس بحق اللاجئ الفلسطيني منذ عقود على أغلب الصعد، من حق العمل وصولاً إلى حق التملك.
"نحن نتكلم عن شعب واحد وأرض واحدة، وكل حدود هي مصطنعة ونتائج سياسات استعمارية مورست بحقنا كشعوب عربية وأعدنا إنتاجها داخلياً للأسف"، أضافت مجذوب.
كما أشارت إلى أن لبنان لديه مسؤولية أخلاقية تجاه اللاجئ الفلسطيني، وقرارت من هذا النوع تخل بهذه المسؤولية الأخلاقية وتشكل تعدياً أخلاقياً على حقوق اللاجئ.
وحذرت مجذوب من استخدام فيروس "كورونا" كستار لممارسة المزيد من العنصرية بحق اللاجئين، داعية إلى التحقيق بمسألة المعاملة غير اللائقة من قبل بعض عناصر الأمن العام اللبناني تجاه اللاجئين العالقين.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي ضجت، أول أمس الأحد، بقرار السلطات اللبنانية منع اللاجئين الفلسطينيين العالقين في الخارج بسبب أزمة "كورونا" من العودة إلى البلاد.
لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل تحدث أحد اللاجئين العالقين في دبي، عن كلام عنصري وغير لائق وجهه إليه أحد عناصر الأمن العام قبل أن يمنعه من الركوب على متن الطائرة العائدة إلى لبنان، وذلك بالرغم من حيازته على جواز سفر صادر عن الأمن العام اللبناني نفسه.
وفي وقت لاحق، أكدت المديرية العامة للأمن العام اللبناني أنها تعمل وفقاً لقرار مجلس الوزراء القاضي بعودة اللبنانيين حصراً في هذه المرحلة، على أن يصار إلى عودة غير اللبنانيين الذين يحق لهم الدخول إلى لبنان في مراحل لاحقة.
كما أشارت، في توضيح أصدرته أمس الإثنين، أنها باشرت التحقيق مع الضابط حول ما ورد من معلومات عن تعاطيه بطريقة غير لائقة مع الشخص صاحب العلاقة، ليصار إلى اتخاذ الإجراءات على ضوء نتيجة التحقيق.