بدأ عداد الإصابات بفايروس "كورونا" المستجد في العمل، بمناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة المُعارضة السوريّة، حيث سُجّلت حتّى يوم الثلاثاء الفائت 14 تموز/ يوليو 11 إصابة، وذلك منذ اكتشاف أوّل إصابة بتاريخ 11 من ذات الشهر، تعود لطبيب في مستشفى باب الهوى.
وفي ظل توقعات أطلقها وزير الصحّة في الحكومة السوريّة المؤقّتة "مرام الشيخ" بازدياد معدلّات الإصابة حتّى نهاية شهر آب/أغسطس المقبل، ترتفع وتيرة القلق في مخيمات اللاجئين ولا سيما مخيّمي دير بلّوط بريف مدينة عفرين ، والبل/ الصداقة في أعزاز شمال حلب، حيث تعيش مئات العائلات الفلسطينية المهجّرة من مخيّم اليرموك ومناطق جنوب دمشق، ومخيّمات خان الشيح وحندرات ومناطق غوطة دمشق الغربيّة.
كما أطلق "منسقو الاستجابة في سوريا" تحذيراً من "نتائج مدمّرة" في حال انتشر الوباء في مناطق ريف حلب الشمالي ومناطق شمال غرب سوريا، وخصوصاً في مخيّمات النازحين.
ووصف منسقو الاستجابة في بيان لهم، مخيّمات النازحين بـ" القنابل الموقوتة" من حيث احتماليّة تفشًّ انفجاري فيها للوباء، مشيرين إلى أنّ "الفيروس يمثل تهديداً كبيراً للحياة في الدول ذات النظم الصحية القوية، إلا أن هذا التهديد أكبر بكثير في شمال غرب سوريا بسبب تدمير النظام الصحي فيها وإخراج عشرات المنشآت الطبية عن الخدمة".
مخيمات عجزت عن مواجهة اللاشمانيا فكيف تواجه "كورونا"؟
في مخيّم دير بلّوط، حيث تقطن أكثر من 200 عائلة فلسطينية مهجّرة، يعبّر "أبو رياض"، عن قلقه العميق من الأنباء التي ترد عن وصول الوباء إلى الشمال السوري، واحتماليّة اختراقه للمخيّم.
وقال اللاجئ المهجّر من مخيّم اليرموك لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إنّه في حال دخل الوباء إلى دير بلّوط، فإنّ الأمر سيكون مميتاً، نظراً لكون المخيّم لا يمتلك مقومات مواجهة الأمراض الموسميّة العاديّة، التي تتسبب سنويّاً بالكثير من المعاناة وخصوصاً لكبار السنّ والأطفال.
وأضاف "أبو رياض" أنّ النقطة الطبيّة الوحيدة في مخيّم دير بلّوط، بالكاد قادرة على تقديم الرعاية الأوليّة للحالات المرضيّة العاديّة، مشيراً إلى أنّ الجاهزيّة الطبيّة في المخيّم أثبتت عجزها أكثر من مرّة وخصوصاً خلال انتشار حمّى "اللاشمانيا" العام الفائت، وماعاناه ويعانيه أهالي المخيّم من غزو للحشرات اللاسعة والضّارة بين الحين والآخر، وما ينتج عنها من أعراض كارتفاع الحرارة والحمّى، ويتساءل :" كيف ستتم مواجهة كورونا في حال انتشر في المخيّم؟".
سؤال لا يمتلك اللاجئون الإجابة عنه، في حين يستذكر عدد منهم، ومن ضمنهم اللاجئة المهجّرة " أم أحمد نعيمي" وفاة العديد من الأشخاص نتيجة نقص الرعاية الصحيّة، ومن بين المتوفين اللاجئ محمد أبو ماضي من مهجّري مخيّم اليرموك، نتيجة تفاقم مرضه المزمن وعدم توفّر ظروف علاجيّة مناسبة له في مخيّم دير بلّوط.
وتقول نعيمي، " في حال انتشر الكورونا في المخيّم، كل الناس معرّضة للموت، حيث لا يوجد خيام للحجر الصحّي، ولا نقاط طبيّة مجهّزة باجهزة تنفّس، ولا ادوية باستثناء المسكنّات وبعض المضادات الحيوية".
إمكانيات شبه معدومة للوقاية
وتخلو مناطق الشمال السوري من أيّة إمكانيّات جديّة لمواجهة الوباء، حيث وصف نقيب "الأطباء الأحرار في الشمال السوري" وليد التامر حال المؤسسات الصحيّة في الشمال بأنّها "بالكاد تعمل على تلبية الاحتياجات الصحيّة بالحد الأدنى المتوسط"
وقال في تصريح صحفي له قبل أيّام: إنّ القطاع الصحّي في الشمال السوري، تلقّى وعوداً من منظمة الصحّة العالميّة بأموال لدعمه قبل أشهر، إلّا أنّ الكلام بقي حبراً على ورق.
وكانت النقابة قد أصدرت بياناً، طالبت فيه بفرض لبس الكمامات والكفوف ووضع المعقمات ومنع التجمعات، لغرض منع انتشار الوباء بين المدنيين، وهو في حال تمّ ذلك، سيكون بمثابة كارثة في ظل الكثافة السكّانيّة الهائلة، وفق البيان.
ويشكّل العامل الاقتصادي والمعيشي المتردّي للأسر الفلسطينية المهجّرة، أحد أوجه ضعف مناعتهم أمام مواجهة الحالة الوبائيّة، حيث يعجزون عن تأمين مستلزمات الوقاية، كالكمامات وأدوات التعقيم، في ظل غياب الجهات الفلسطينية الرسميّة، وتجاهلها لأوضاع اللاف اللاجئين الفلسطينيين في تلك المناطق، وتعاقس وكالة " أونروا" عن تقديم الخدمات الإغاثيّة لهم، فضلاً عن عدم توفير آليّة لإيصال مستحقاتهم من المعونات الماليّة منذ تهجيرهم في أيّار/ مايو عام 2018.
يذكر، أنّه لم تُسجل حالات إصابة بكورونا بين الفلسطينيين في الشمال السوري حتّى الآن، حيث يقطن نحو 7500 لاجئ فلسطيني، موزعيّن بين مخيّمات التهجير في دير بلّوط ومخيّم البل- الصداقة وسواها، في حين يسكن آخرون مناطق عفرين وأعزاز وإدلب.