خطرٌ حقيقي يُهدّد بيوت اللاجئين الفلسطينيين في مُخيّم الشاطئ غرب مدينة غزّة مصدره اجتياح مياه البحر لهذا الشاطئ، حيث يتخوّف أهالي المُخيّم وخاصّة ممن يعيشون في بيوتٍ من الزينكو "الصفيح" بأن يفقدوا مسكنهم جرّاء وثول المياه التي صرت قريبة من مداهمتهم يوماً ما.
خطرٌ كامن
يقول اللاجئ الفلسطيني في مُخيّم الشاطئ أبو محمد مقداد لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إنّ الخطر الذي نواجهه سيظل مستمراً طالما أنّ مياه البحر مستمرة في أكل الشاطئ، وهذا يؤثّر تأثيراً سلبياً على حياتنا، والمفروض أن يكون هناك رعاية من المسؤولين، ووعي لدى المواطنين إزاء هذه الأزمة.
ويقول اللاجئ محمود النمنم لموقعنا: إنّ البحر يرتفع الآن، وإذا ارتفع أين سيصل؟ أي سيصل على الرصيف وقد تدخل المياه إلى بيوتنا لأنّ الحجارة الموجودة تتآكل مع الرطوبة، لافتاً إلى أنّ مُخيّم الشاطئ مُهدّد، وهذه مشكلة كبيرة فعلاً.
مشكلة انجراف الشاطئ بدأت عام 2006
من جهته، أوضح رئيس اللجنة الشعبيّة في مُخيّم الشاطئ المهندس نصر أحمد، أنّ حوالي 30 متراً أو 40 متراً من الشاطئ تم إزالته تماماً، وتم جرفه ودخلت المياه إلى أسفلت الطريق الساحلي، وبالتالي بدأ الطريق في التآكل، مُؤكداً أنّ مشكلة انجراف الشاطئ بدأت منذ عام 2006 تقريباً، وهذا كان نتيجة طبيعيّة لوجود ميناء الصيادين الذي أقيم أو بدأت إقامته عام 1994، ما نتج عنه هذه المشكلة نتيجة تراكم الرمال أو حجز الرمال في الجهة الجنوبيّة والجرف من الجهة الشمالية نتيجة الحاجز الذي فعله الميناء.
الموانئ لا تراعي الحد الأدنى من المعايير البيئية
وفي السياق، قال المختص في مجال البيئة د.أحمد حلس: إنّ "كل ما بني على الشاطئ من موانئ لا تراعي الحد الأدنى من المعايير البيئية، وهذه الموانئ حجبت ومنعت الوصول الآمن للرواسب التي تأتي عبر تيارات الحمل لتغذي الشاطئ بشكل مستدام، وعبر السنوات أدى إلى تراكم رواسب جنوبي الميناء أو اللسان الممتد في البحر وتآكل ونحر في المنطقة الشمالية وذلك يظهر بشكل واضح عبر الأقمار الاصطناعية والصور الجوية".
وأكَّد حلس لموقعنا غياب البنية القوية للمناطق الساحلية، لافتاً إلى عدم وجود مشاريع كبرى على طول شاطئ قطاع غزة الـ 45 كيلو متراً أو أكثر أو أقل، كما في كثير من دول العالم بسبب غياب التمويل الدولي وبسبب غياب الحكومة التي من واجبها الاضطلاع بواجباتها.
المهندس أحمد رئيس اللجنة الشعبية يقول في هذا الصدد: إن وزارة الأشغال تدخلت مع البلدية ومع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لأنهم المسؤولون عن المُخيّم وعن الشاطئ في هذا المُخيّم وعن حماية السكان، ونتيجة هذا الانجراف الحاصل، فكان التدخل بسيطاً ولا يرقى إلى مستوى حل المشكلة بشكلٍ جذري.
جدير بالذكر، أنّ وزارة الأشغال العامة والإسكّان في غزّة حذَّرت في وقتٍ سابق من ظاهرة تآكل شاطئ البحر، وطالبت الجهات الدولية، بتمويل مشاريع من أجل إنهائها.
التآكل والانجراف في تزايد مستمر
ووفق دراسات أجرتها بلديات وجهات مختصة، فإنّ التآكل والانجراف في تزايد عاماً بعدعام، وثمة ضرورة لإيجاد حلول مؤقتة، مع التركيز على جانب الدعم الإستراتيجي والتواصل مع المانحين، لكن علاج هذه المشكلة يحتاج إلى عشرات ملايين الدولارات، لإنشاء ألسنة بحرية تقف حائلاً أمام الأمواج، فيما حدّدت سلطة جودة البيئة أسباب تآكل الشاطئ، إذ أكّدت أنّ تآكل شاطئ بحر رفح جنوب القطاع سببه إنشاء الميناء المصري على الحدود المصرية الفلسطينية، ما تسبب بتآكل المنطقة التي تسمى "القرية السويدية"، كما أن إنشاء لسان بحري شمال مدينة خان يونس، كان سبباً في تآكل الشاطئ بمنطقة دير البلح ووسط قطاع غزة، إضافة للتآكل الذي يسببه ميناء غزة منذ سنوات.
وقبل سنوات، عقد مختصون لقاءات وورش عمل في بلدية رفح، حددوا أسباب وطرق حدوث تآكل الشاطئ، إذ إنّ حركة الرمال الطبيعية في البحر تتجه من الجنوب إلى الشمال بفعل التيارات البحرية المستمرة، وإقامة موانئ أو ألسنة بحرية تسببت في احتجاز الرمال ومنع تنقلها، ما يحدث عجزاً وفقراً في الجهة الأخرى من اللسان البحري، يؤدي لحدوث ظاهرة التآكل وتقدم الأمواج لمسافات بعيدة، وتزداد الظاهرة عاماً بعد عام.
شاهد الفيديو