تشهد أحياء مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في العاصمة بيروت، عموماً، وحي الوزان بخاصة، ظلاماً حالكاً من جراء غياب التيار الكهربائي عن منازل المخيم لأكثر من 20 ساعة. الأمر الذي يجبرهم على اللجوء إلى الاشتراك في مولدات كهربائية تزداد كلفتها كلما زادت ساعات التقنين الكهربائي، ما يخلق ضائقة اقتصادية ومعيشية لديهم.
وتعود أسباب التقنين الكهربائي إلى وجود تراكمات مالية مستحقة لوزارة الطاقة اللبنانية، مترتبة على اللجنة الشعبية التابعة لمخيم برج البراجنة، لكن الأخيرة لم تعمل على تسديد هذه المستحقات طوال السنوات الفائتة وصولاً حتى يومنا هذا، رغم أنها تعمل على جباية فاتورة الكهرباء من سكان المخيم بشكل شهري.
ظلام حالك بشكل دائم
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول الحاج خالد، من سكان منطقة الوزان في مخيم برج البراجنة أن "الكهرباء تعمل في الحي بنسبة 10% في اليوم، حتى أنه تمر أيام لا تأتي الكهرباء أبداً".
ويضيف: "المعنيون عن حل الأزمة يقولون أن هناك ضغطاً وأن المحوّل الكبير (الترانس) ليس لديه قدرة على التوزيع لجميع المناطق، فكل يوم يتم توزيع كهرباء المنطقة"، داعياً المعنيين إلى "دراسة كميات صرف الكهرباء وزيادتها، ومعالجة أزمة الكهرباء في المخيم من أساسها".
بدوره، يرى وليد حسين، من سكان المخيم، أن "الكهرباء قبل الآن كانت بحال أفضل بكثير، لكن المخيم اليوم لم يعد منطقة واحدة حتى تتوزع عليه الكهرباء بالتساوي. أصبح وكأنه ثلاث أو أربع مخيمات معاً، مثلنا مثل الجميع نعاني من هذه الأزمة. وصلوا إلى القمر ونحن مازلنا نحاول حل مشكلة الكهرباء وانقطاع المياه".
ويعاني حسين من "فواتير المولدات الكهربائية الباهظة، حيث يدفع حوالي 400 ألف ليرة لبنانية ثمن الاشتراك نهاية كل شهر ويشهر بضيق كونه يجمع الأموال بصعوبة".
من ناحيته، يصف اللاجئ قصي جابر "ما يحصل معهم بالدولاب، حيث يأتي أول الشهر ويستدين أهالي المخيم لدفع الفواتير ويسددون الدين آخر الشهر، وهكذا تظل الأمور.
ويؤكد أن "اللجنة الشعبية قامت بتقسيم مناطق للحصول على الكهرباء، ورغم ذلك لم نستفِد شيئاً لذا يجب عليهم إيجاد حل أفضل. مثلاً يمكنهم تخصيص غرفة كبيرة أخرى لتوليد الكهرباء وتخفيف الضغط على الغرفة الأساسية لأنها تعطي لأكثر من نصف المخيم".
مستحقات مالية لم تدفع
بدورها، ردت اللجنة الشعبية لمخيم برج البراجنة (قوى التحالف) على اتهامات أهالي المخيم لها بالتقصير، وذلك على لسان عضو اللجنة أبو أشرف، قائلاً: "المشكلة ليست فقط في حي الوزان، وإنما في جميع المخيم، الوزان وصامد وحيفا والصيانة والصاعقة، إجمالاً كل المحطات عليها حمل كبير حوالي الضعف".
ويضيف خلال حديثه لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن "المحطة تتحمل حوالي 1600 أمبير لكنها الآن تحمل حوالي الضعف بحدود 3000 إلى 3200 أمبير. نحن قمنا بتقسيم المحطة إلى محطتين والمولد يبقى قيد التشغيل على مدار 24 ساعة يعني تقريباً 740 ساعة قيد العمل شهرياً، فتكون فاتورة الإشتراكات مرتفعة جداً، هذا الشهر كانت 270 ألف".
ويوضح أبو أشرف أن "المشكلة العامة في المخيم هي نقص الطاقة مقابل زيادة عدد سكان المخيم، بزيادة الوحدة السكنية وعدم تملك الفلسطيني خارج المخيم أدى إلى اكتظاظ سكاني داخله فهوي يحوي حوالي 50 ألف نسمة. بالتالي من الطبيعي أن يحصل مشكلة في توزيع الكهرباء".
وحول دور اللجنة الشعبية في حلحلة أزمة الكهرباء في المخيم، يؤكد أن "اللجنة تحاول أن تخفف على أهلنا في المخيم، لكن المشكلة ليست بين يدينا، نحن قصدنا جميع الأبواب لتعطينا وزارة الطاقة حاجتنا الناقصة من الكهرباء للمخيم. نحتاج لحوالي 3kva للمخيم، نحن لدينا 4kva فعلياً ونحتاج 3 حتى نستطيع التوزيع للجميع بالشكل الصحيح".
ويتابع: "طالبنا وزارة الطاقة بموضوع زيادة الكهرباء للمخيم لكنهم يقولون أن عليكم تراكمات مادية للوزارة يجب تسديدها، فسألنا عن المبلغ عن كل مخيمات بيروت تحديداً، وكان بالمليارات. نحن كلجان شعبية وأهلية في المخيم مستعدون لتأمين شهرياً مبلغاً بحدود 25 مليون ليرة لبنانية مقدمين للوزارة، لكن حتى اليوم لم يعطونا جواباً، والكهرباء على ما هي عليه".
اتهامات تطال اللجان الشعبية
في الوقت ذاته، يشتكي سكان مخيم برج البراجنة من ارتفاع أسعار فاتورة المولدات الكهربائي التي تعد بديلاً لا بد منه في ظل الظلام الحالك الذي يخيم على المخيم بشكل دائم.
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يتهم حسين أبو قاسم صاحب مولدات "كهرباء الأقصى" في حي الوزان، اللجنة الشعبية السابقة بأنها السبب في أزمة الكهرباء الحالية في المخيم. المشكلة موجودة منذ 4 سنوات بدأت في رمضان حتى اليوم، وهي عدم دفع المبالغ المفروضة من قبل اللجنة الشعبية للدولة.
ويرى قاسم أنه "حين كانت اللجنة السابقة لم نكن نعاني من هذه المشكلة، حتى أنه لو حصل عطل ما في الساعة الثالثة فجراً يتصل أحد بالشركة ويأتون لإصلاح العطل فوراً، لكن المشكلة من اللجنة الجديدة الحالية. هي لا تدفع رسوم المخيم للدولة، فالدولة بالتالي لم تعد تلبينا في حال حصول أي عطل. أيضاً زيادة عدد السكان والبيوت التي افتُتِحت بعد مجيء السوريين زاد العبء على الكهرباء أكثر والترانس لم يعد يحتمل هذا الكم الهائل لأن لديه عيار محدد مثلاً يعطي إلى خمسة آلاف شخص، والترانس الذي يجب أن يعطي 100 بيت أصبح يعطي 2000 بيت لأن العدد زاد في المخيم والكهرباء هي نفسها لم تتخسن".
ويتابع: "هذا أدى إلى احتراق الترانس أول مرة فقاموا باستبداله أول مرة بآخر مستعمل لكنه أيضاً إحترق لأن في النهاية الحمل على الكهرباء والطلب عليها يتعدى الحمولة الممكنة للترانس، فقسموا الوزان إلى قسمين. بمعنى أن المولدات كانت تعطي للجميع معاً فقاموا بوضع ترانس تبرعت به اليابان وبقى ٣ سنوات مرمي في الصاعقة لم يقترب منه أحد، وحين أخبروا الدولة بهذا الترانس لأن لابد من أن يتم تركيبه عن طريق الدولة، طلبت أن يتكفل أحد بالمبالغ التي لم يتم دفعها مسبقاً إن كان عن طريق مؤسسة أو تنظيم أو الأونروا لتقبل بوضع الترانس الجديد، لكن لا السفارة ولا منظمة التحرير ولا التنظيمات ولا اللجنة وافقت على أن تتكفل بالموضوع وأن تدفع المبالغ فبقيت الأزمة على حالها".
وحول سبب ارتفاع أسعار فاتورة الاشتراك، يعزو ذلك إلى "السوق السوداء وهي الأساس. الدولة سعّرت المازوت على 1515 وتقول بأنها سعرت المازوت بـ 20 الف، وحين نطلب شراء مازوت بقيمة 20 الف لا نجد لأن السوق السوداء تحكمت بالسعر. ثانياً بالنسبة لأزمة الدولار التي حصلت ارتفعت الأسعار جميعها، أي انا كمواطن عادي أشتري الحليب أو الخبر أو أياً كان بسعر يعادل خمس إلى ستة أضعاف سعرها السابق. مثلاً كنت أشتري الزيت للمولِّد كل شهر لأنه يجب تغيير الزيت كل 200 ساعة، فكنت أشتريه بقيمة 30$ وأي 75 ل.ل سابقاً ، أما اليوم فقد بقيت على تسعيرتها 30$ لكنني أدفعها بتسعيرة الدولار اليوم.
أصابع الاتهام في أزمة الكهرباء جميعها تصوب باتجاه اللجنة الشعبية المسؤولة عن متابعة أوضاع المخيم، إن كانت تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية أم التابعة لقوى التحالف. بخاصة أنها المسؤولة عن التقاعس عن دفع المستحقات المطلوبة للدولة اللبنانية، ما انعكس بانقطاع التيار الكهربائي عن المخيم، فأين ذهبت هذه الأموال؟
شاهد التقرير