يُعاني سكّان المناطق الشرقيّة من مُخيّم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزّة من انتشار الروائح الكريهة والحشرات والبعوض والقوارض التي قد تتسبّب بانتشار الأمراض، وما قد يُنذر بحدوث مكرهةٍ صحيّة لا يحمد عقباها، في وقتٍ يرى سكّان هذه المناطق أنّ السبب الرئيس في هذه المشكلة الكبيرة هي محطة البريج المركزيّة لمُعالجة الصرف الصحي الموجودة في المناطق الشرقيّة للمُخيّم.
وهدّد عددٌ من الأهالي قبل أيّام بتوقيف المحطة عن العمل إلى حين اتخاد الخطوات والإجراءات اللازمة لإيقاف الآثار السلبيّة الناتجة عنها والتي تنعكس آثارها على السكّان في المناطق الشرقيّة.
يقول المختار أبو سلامة النباهين لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إنّ هذه المحطّة تقوم بتجميع المياه العادمة في أحواض من أجل مُعالجتها وبعد تصفيه هذه المياه من الرواسب -مخلّفات تكرير ومعالجة المياه وتكون كالباطون اللزج- المُسمّاة "الحمأة" يقومون بوضعها في أحواض للتجفيف وفي هذه الحالة تنتشر الروائح في مناطق كبيرة وخاصّة عندما يأتون بعد عدّة أيّام لإزاحة هذه المخلفات بالجرافات التي تزيد من الرائحة في المكان.
ولفت النباهين وهو أحد سكّان المناطق الشرقيّة للمُخيّم، إلى أنّه وفي بداية المشروع كانوا يقومون بترحيل هذه الرواسب أو المخلّفات إلى "مكب النفايات" على عكس اليوم، ولكن اليوم نحن نطالب بعمل خط ناقل مباشرةً من محطّة المُعالجة إلى بحر غزّة للتخلص من هذه المياه في مرحلة ما بعد المُعالجة من أجل الحد من 80% من هذه المشكلة، والحد من الروائح وانتشار الحشرات والأمراض.
تحذيرات من إغلاق المحطّة نهائياً
وبيّن النباهين لموقعنا، أنّ أصحاب المحطّة يقولون أنّه لا يوجد إمكانيّات في الوقت الحالي لعمل هذا الخط الناقل، وحتى السولار الذي قاموا برشه لمكافحة "البعوض" حد نوعاً ما من مشكلة انتشار "البعوض"، ولكن هذا السولار أضر بأشجار الزيتون لأنّ المناطق الشرقيّة أغلبها مناطق زراعيّة، أي يقومون بحل مشكلة على حساب مشكلة أخرى، وقبل أيّام نظّمنا احتجاجاً بسيطاً أمام محطّة المُعالجة لنوصل رسالة احتجاج بأنّنا لن نصمت طويلاً على هذه المشكلة، وفي حال لم يستجيبوا لمطالبنا فسنقوم بإغلاق المحطّة نهائياً.
يُشار إلى أنّه في الأول من شهر كانون أوّل/يناير عام 2016، تم بوضع حجر الأساس للبدء بأعمال إنشاء محطة البريج المركزيّة لمعالجة الصرف الصحي بتمويلٍ من جمهورية ألمانيا الاتحادية بواسطة البنك الألماني للتنمية (KfW) كأحد المشاريع -من أصل ثلاثة- المموّلة ألمانياً لصالح مصلحة مياه بلديات الساحل.
من جهته، قال منسّق المبادرة الشبابيّة في مُخيّم البريج عطا ضرغام: إنّ السكّان بجانب محطّة معالجة المياه تفاجؤوا بعد تنفيذ الوعود السابقة من القائمين على هذه المحطّة بشأن إقامة بنية تحتيّة سليمة وإنشاء مناطق خضراء وخطوط ناقلة آمنة وإقامة متنزّهات أيضاً في هذه المناطق، أي حتى نتجنّب أي تلوث أو أضرار متوقّعة تُؤثّر على صحّة السكّان، إلّا أنّه ومنذ ستّة أشهر ومع بدء عمل المحطة أصبحت الروائح الكريهة تنتشر وربما في مناطق أخرى من المُخيّم خاصّة بعد منتصف الليل.
إغلاق الطريق الرئيسي كنوعٍ من الاحتجاج
وبيّن ضرغام لموقعنا أنّه جرى عقد عدّة اجتماعات مع الجهات المختصّة في أوقاتٍ سابقة، وطرحنا أن يقوموا بعمل خطوط ناقلة آمنة إلى البحر ولكن بلا استجابة، مُشيراً إلى أنّ كل المكوّنات في المُخيّم من لجنة شعبيّة ومبادرة شبابيّة والأعيان والمخاتير توجّهت إلى مكان المحطّة وأغلقوا الطريق المُؤدّي لها لمدّة ساعتين كنوعٍ من الاحتجاج، وذلك من أجل الاستجابة لكل مطالب أهالي المنطقة.
وفي ختام حديثه لـ"بوابة اللاجئين"، أكَّد ضرغام أنّ هناك قرابة مائة وظيفة في هذه المحطّة رغم أنّ الأمر ليس مادياً، ولكن من حق أبناء المُخيّم أن يستفيدوا من هذه الوظائف وليس استجلاب موظفين من خارج المُخيّم.
أمّا الشاب أيمن أبو صليح، وهو أحد أعضاء المبادرة الشبابيّة في المُخيّم، فقد أوضح لموقعنا أنّ عدّة اجتماعات عُقدت مع لجان الحي في المنطقة الشرقيّة ومع بلدية البريج من أجل وضع حلول لهذه المشكلة، وتم الجلوس مع مسؤول في مصلحة مياه بلديات الساحل وتعهّد برش المنطقة لمكافحة البعوض والحشرات، وبعد مرور أكثر من خمسة شهور على هذه التعهّدات احتج الأهالي لأنّ المشكلة ما زالت مستمرة والروائح الكريهة جداً والحشرات تنتشر وتتسبّب بأمراض.
وقال أبو صليح إنّ مطالب الأهالي بسيطة جداً وهي القضاء على "البعوض" والاهتمام بالمنطقة ونظافتها، مُؤكداً أنّ الأهالي من خلال الاحتجاجات يمارسون الضغط فقط لحل مشاكلهم وليس لأي أهدافٍ أخرى.
وعود بالحل
رداً على الاحتجاجات، أصدر المدير العام لمصلحة مياه بلديات الساحل المهندس منذر شبلاق بياناً أكَّد فيه على أنّ مشكلة محطة المُعالجة شرق مُخيّم البريج في إطار العمل على حلها ضمن النقاش من قِبل وزارة الحكم المحلي ومصلحة المياه والبلديات.
ولفت شبلاق إلى أنّه طالما هناك مشكلة فلنُعطي فرصة للحل خاصّة وأنّ المحطة ما زالت تحت التشغيل التجريبي وتظهر مشاكل نعمل على حلها بين الفترة والأخرى، والكل يعرف أننا خرجنا من عدوان والجانب "الإسرائيلي" ما يزال يمنع دخول بعض المواد للمحطة أو حتى قطع غيار.
كما بيّن شبلاق في بيانه، أنّ مصلحة مياه بلديات الساحل لن تهرب من مسؤوليّاتها ولكن هذا بحاجة إلى صبر وتحمّل، وما يُمارس من قِبل البعض لاعتباراتٍ أخرى لن يُساهم في حل المشكلة، بل سيُعقّدها، على حد قوله.
وبشأن مشكلة الروائح، أوضح شبلاق أنّ المشكلة قائمة ونعمل على حلِها ولكن في نفس الوقت الروائح المنبعثة ليست فقط كلها من المحطة وإنّما من الحيوانات الميتة والنفايات الصلبة والسائلة ومياه المجاري التي تلقى وتصب في وادي غزة، خاصّة وأنّ الكل يعلم أن المنطقة الموجودة فيها المحطة تُعاني من هذه المشاكل من قبل، وفي الفترة القادمة سنعمل على منع الأهالي من رمي هذه الحيوانات وبالقانون.
المختار النباهين ردّ على هذا البيان خلال حديثه لموقعنا، قائلاً: نحن لا نطمح لأي مطالب شخصيّة، ولا يوجد خلفنا أي جهة حزبيّة أو سياسيّة، ولكن نحن سكّان هذه المناطق المتضرّرة ونريد حلاً لهذه المشكلة ورفع هذا "الأذى" من منطقتنا قبل أن تحدث مكرهة صحيّة في كامل المنطقة.