أعلنت القوى الوطنيّة والإسلاميّة في قطاع غزّة، ظهر السبت 12 مارس/ آذار 2022، من على أرض مُخيّم العودة شرقي القطاع، تشكيل (الهيئة الوطنية لدعم ومساندة فلسطينيي الداخل المحتل)، وذلك للتأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني في كافة أماكن وجوده سياسياً ووطنياً وجغرافياً.
الهيئة الوطنيّة التي جاء تشكيلها في ظل الهجمة "الإسرائيليّة" المتزايدة على الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 1948، تتكوّن من الفصائل الوطنيّة والإسلاميّة ومكوّناتٍ أهليّةٍ ومجتمعيّة، حيث من المنتظر أن تُطلق الهيئة باكورة فعالياتها الواسعة بالتزامن مع يوم الأرض في 30 آذار/ مارس الجاري.
وللحديث عن الهيئة وأهدافِها ورسائِلها وفعالياتِها القادمة ودلالة التوقيت الذي أنشئت فيه، حاور "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" رئيس الهيئة الوطنيّة أ.محسن أبو رمضان.
يُعرّف أبو رمضان الهيئة الوطنيّة بأنّها مبادرة وطنيّة خرجت من لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنيّة والإسلاميّة في قطاع غزّة، وأُضيف لها بعض الشخصيّات الاعتباريّة والمجتمعيّة ومن قطاع المرأة، وذلك بهدف تحقيق وحدة الأرض والشعب والقضية، ودعم وإسناد الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 1948.
الهدف نبع من ضرورة مواجهة ممارسات الاحتلال المبنيّة على فكرة التجزئة التي تشغل كل منطقة جغرافية بمشاكِلها وهمومِها
ورأى أبو رمضان أنّ الإجماع الوطني بين المكونات السياسيّة والمجتمعيّة في هذه الهيئة يعكس مدى الاهتمام والانتصار لعدالة القضية وللمشروع النضالي الجماهيري، وذلك بهدف المواجهة والنضال ضد سياسة التفتيت والتجزئة التي يُمارسها الاحتلال.
وحول هدف تشكيل الهيئة، لفت أبو رمضان إلى أنّ الهدف نبع من ضرورة مواجهة ممارسات الاحتلال المبنيّة على فكرة التجزئة التي تشغل كل منطقة جغرافية بمشاكِلها وهمومِها، "لكنّنا نقول أنّنا سنقف مع أهلنا في الداخل ضد القانونين العنصريّة والتهجير ومحاولات الأسرلة المتواصلة، وهذا في ظل المساعي المحمومة للاحتلال من أجل استجلاب أكبر قدر من اليهود وتوطينهم في النقب الفلسطيني المحتل مستغلاً الأزمة في أوكرانيا".
كما يتنكّر الاحتلال لحقوق شعبنا بالحرية والاستقلال والعودة ويضرب بعرض الحائط القوانين الدولية ولا يطرح سوى مشروع ما يُسمى "السلام الاقتصادي" المرفوض من شعبنا، لذلك لابد من العودة للرواية التاريخية لحقوق شعبنا بعد تهجيره في عام 1948، وهذا لن يتحقق هذا إلا بإعادة الإطار الجامع للمكونات السياسيّة والجغرافية لتشكيل جبهةٍ وطنيةٍ عريضة تضم في مكوناتها الكل الوطني الفلسطيني ودون استثناء ودون إقصاء ودون هيمنة وعلى قاعدة المشاركة والديمقراطيّة، يُتابع أبو رمضان.
اشتداد الهجمة الشرسة على أهلنا في الداخل دفع لتشكيل الهئية من أجل توحيد الكلمة الفلسطينية
ذكَّر أبو رمضان بما جرى في شهر أيّار/ مايو الماضي: كما انتصر الداخل الفلسطيني المحتل لقطاع غزّة ومدينة القدس، تنتصر الآن غزة لأهلنا في داخل الأراضي المحتلة عام 48 وسنُدافع عنهم في ظل سياسة الأبارتهايد والتمييز العنصري المنظّم في كيان الاحتلال، وبرنامج فعاليات الهيئة الوطنيّة سيحتوي في طيّاته فعاليات شعبيّة وجماهيريّة وسلميّة من خلال إحياء مناسبات وطنيّة مشتركة مثل يوم الأرض الخالد، وهذا إلى جانب تقديم رسائل إعلاميّة ومعنويّة تؤكّد أنّنا جزء لا يتجزّأ من وطنٍ واحد، ومصيرٍ واحد، بحسب أبو رمضان.
وعن دلالة توقيت تشكيل الهيئة الوطنيّة، يوضح أبو رمضان أنّ التوقيت جاء مع اقتراب إحياء ذكرى يوم الأرض، وفي ظل اشتداد الهجمة الشرسة على أهلنا في الداخل وخاصّة بدو النقب باتجاه تهجيريهم واحلال المستوطنين اليهود الأوكرانيين على أنقاض منازلهم وأراضيهم خاصّة في منطقة أراضي عائلة الأطرش وغيرها من أراضي النقب.
وكان أيضاً قانون ما يُسمى "المواطنة" الذي يُشتّت شمل العائلات الفلسطينيّة وأقره الكنيست الصهيوني قبل أيّام، دافعاً باتجاه تشكيل الهيئة، إذ يُشير أبو رمضان إلى أنّ كل هذه المناسبات والأزمات دفعتنا لتشكيل هذه الهيئة اليوم وليس غداً من أجل توحيد الكلمة الفلسطينيّة.
وعند سؤاله حول ضمانات نجاح هذه الهيئة كي تحقّق أهدافها لا سيما وأنّه جرى تشكيل العديد من الأطر الوطنيّة والفصائليّة في أوقاتٍ سابقة، قال أبو رمضان: إنّه لا يوجد ضمانات بالمعنى الحرفي للكلمة، ولكن الضامن هو العمل ووحدة الإرادة لدى الجميع، وهذا عوضاً عن أنّ هذه الهيئة شُكلت من لجنة المتابعة العليا التي تضم جميع القوى الوطنيّة والإسلاميّة، وبالفعل هذه هي الضمانة الحقيقيّة بأنّ هناك وحدة ميدانيّة من جميع القوى بغض النظر عن الاختلافات السياسيّة، وهذا يعتمد على قدرتنا على العمل الموحّد من أجل مواجهة كل مشاريع الاحتلال التي تأكل أبناء شعبنا يوماً بعد يوم.
يوم الأرض والفعاليات القادمة
الهيئة ستُطلق باكورة فعالياتها الواسعة بالتزامن مع يوم الأرض في 30 مارس، ويقول أبو رمضان عن دلالة ذلك: هذا اليوم الذي يحمل رمزيّة عاليّة لنا جميعاً كفلسطينيين وهو يوم الأرض الخالد الذي جاء بعد هبة الجماهير الفلسطينيّة داخل الأراضي المحتلة عام 1948، ضد الاستيلاء على الأراضي، والاقتلاع، والتهويد التي انتهجتها سلطات الاحتلال، وتمخض عن هذه الهبّة ذكرى تاريخية سميت بـ"يوم الأرض".
وكشف أبو رمضان أنّه وفي هذه الذكرى ستُنظّم الهيئة مهرجاناً شعبياً واسعاً يوم 26 مارس، ومهرجان آخر يوم 30 مارس، إذ سيُلقى في هذه الفعاليات كلمات وخطابات إلى جانب الأغاني والأهازيج الوطنيّة والتراثيّة التي تمثّل أصالة اللاجئ الفلسطيني، وستكون هذه الفعاليات بالتزامن مع الداخل المحتل، وسيعملون لتكون بالتزامن مع الضفة المحتلة.
نحن 14 مليون إنسان فلسطيني و"إسرائيل" تُحاول تفرقتنا وتفتيتنا وتمزيقنا سياسياً وجغرافياً وديموغرافياً
كما تحدّث أبو رمضان أنّ هذه الهيئة لن تقتصر فعالياتها على يوم الأرض فقط، بل سيتم الاتفاق على فعاليات مشتركة في مناسبات وطنيّة أخرى، و"أيضاً سنعمل على تعميق العلاقة مع جماهير شعبنا في الداخل على عدّة مستويات سواء الإعلامي أو الفكري أو الثقافي حتى نؤكّد على وحدة الأرض والقضيّة."
وفي ختام حديثه، وجّه أبو رمضان باسم الهيئة الوطنيّة كلمةّ للفلسطينيين واللاجئين في كافة أماكن وجودهم، إذ قال: يا أهلنا في كل مكان، نحن 14 مليون إنسان فلسطيني، و"إسرائيل" تُحاول تفرقتنا وتفتيتنا وتمزيقنا سياسياً وجغرافياً وديموغرافياً، لكنّنا نُناضل وفق القانون الدولي الذي يضمن لنا جميعاً حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينيّة، وجاء اختيار الداخل المحتل لعلاقته لعنوان اللجوء واللاجئين الذين تقر الأمم المتحدة بحقّهم في العودة إلى أراضيهم وديارهم التي شُرّدوا منها، فبالتالي هذا نضال متواصل وحلقات متكاملة تتضمّن النضال ضد الاحتلال والاستيطان وضد فصل قطاع غزّة والتمييز العنصري في كافة المناطق الفلسطينيّة، لذلك نأمل أن يتم دعم كل هذه المبادرات الشعبيّة والمجتمعيّة من الجانب الفلسطيني الرسمي، خاصّة وأنّ الفصائل الفلسطينيّة اتفقت في حوارات "رام الله-بيروت" في العام 2020 على ضرورة تفعيل المقاومة الشعبيّة وببذل كل الجهود الوحدويّة لتطوير هذه المقاومة، وهذه الهيئة ترجمة لهذا الاتفاق الوطني الواسع الذي أجمعت عليه كل القوى دون أي استثناء.
يُشار إلى أنّ إجراءات الاحتلال بحق فلسطينيي الداخل المحتل تصاعدت مؤخراً بهدف اقتلاعهم من أرضهم من خلال الهدم والتشريد وفرض الضرائب الباهظة، وذلك لتهجيرهم من أرضهم واستجلاب اليهود من كل أنحاء العالم، إذ جرت المصادقة على "قانون المواطنة" لمنع لم شمل العائلات الفلسطينيّة وتقويض وجود في الأرض المحتلة.