ينتاب الفلسطينيون في ألمانيا خشية كبيرة من حظر فعاليات الذكرى الـ 75 للنكبة منتصف أيار/مايو المقبل، بعد رفض الشرطة الألمانية منح الترخيص لتظاهرتين في العاصمة برلين بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني ويوم القدس، وفض تظاهرة في مدينة كولونيا، بحجة "معاداة السامية."
كما رفضت الشرطة الألمانية منح الترخيص لتظاهرة أخرى يوم الاثنين الماضي، نتيجة "وجود مخاطر الكراهية والعداء للسامية وتمجيد العنف، بناء على تجربة العام الماضي والتظاهرة السابقة التي تحدثت الصحافة الألمانية عن ترديد شعارات تنادي بالموت لإسرائيل وأخرى تدعو للعنف" بحسب بيان الشرطة.
وكانت تظاهرة تضامنية مع المسجد الأقصى يوم 8 نيسان/ أبريل قد تعرضت إلى حملة انتقادات من الصحافة الألمانية وعدد من السياسيين، بسبب ترديد شعارات وصفتها الصحافة بأنها "معادية للسامية" وتدعو إلى العنف.
وأفادت الشرطة أنها نشرت 250 عنصراً أمنياً من أجل مرافقة التظاهرة، بينهم مترجمون فوريون، دون تسجيل أي حالة اعتقال، وسمحت بتحرك المظاهرة ضمن مخطط المنظمين.
منع التظاهرات الفلسطينية سياسي يقف خلفه اللوبي الصهيوني
يقول المسؤول في لجان فلسطين الديمقراطية في ألمانيا إبراهيم إبراهيم: إنه بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني تقدم بترخيص التظاهرة يوم السبت 15 نيسان/ أبريل، رفضتها الشرطة لأسباب واهية وغير مقنعة.
وأوضح إبراهيم أن قرار المنع سياسي يقف وراءه الصهاينة الذين ضغطوا على السلطات الألمانية لحظر أي نشاط فلسطيني يدين ممارسات الاحتلال الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، مشيراً إلى اعترضه على القرار لدى المحكمة الإدارية في برلين، غير أن المحكمة تبنت رواية الشرطة وأقرت المنع، بحجة الخشية من شعارات معادية للسامية، ما يطرح تساؤلات عن دور القضاء والشرطة في منع التعبير عن الرأي.
وتساءل: "لماذا لم تتحدث الشرطة مع المنظمين عندما وقعت التجاوزات؟ ولماذا لم تبعد من يرددون شعارات غير مناسبة عن التظاهرة؟ كما تفعل عادة في المرات السابقة، حيث تعزل الشرطة المتجاوزين وتبعدهم".
وأشار المسؤول في لجان فلسطين الديمقراطية في ألمانيا إلى أنه في هذه المرة تركوا تظاهرة 8 نيسان/ إبريل تسير إلى نهايتها، وتركوا "المتجاوزين" فيما بدا أنه أمر مقصود لمنع الفلسطينيين من رفع صوتهم، مشيراً إلى الخشية من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى منع فعاليات النكبة هذا العام كما جرى العام الماضي.
وسبق أن منعت الشرطة الألمانية العام الماضي تظاهرات فلسطينية في ذكرى النكبة الفلسطينية، تخللها فرض غرامات مالية لناشطين فلسطينيين وألمان، حيث توجه عدد من الناشطين إلى المحاكم رفضاً لهذه الغرامات.
وأشار إبراهيم إلى أن المؤسسات الصهيونية والداعمة لها تعمل منذ عامين على محاربة النشاط الفلسطيني، والمؤسسات الألمانية والدولية الداعمة للقضية الفلسطينية، خاصة حركة المقاطعة.
حتى لو كانت التظاهرة الفلسطينية صامتة ستجد المنظمات الصهيونية طريقة ما لاتهامها بـ "معاداة السامية"
ويرى الناشط الفلسطيني الدكتور عاصم قزاز بمنع المظاهرات في ألمانيا وخصوصاً في برلين خضوعاً مباشراً لإملاءات منظمات صهيونية تدعم "إسرائيل" وتحرض دائماً على أي مظاهرة أو فعالية اجتماعية أو ثقافية.
وأفاد بأن أجندة هذه المنظمات تتقاطع مع التوجهات العنصرية واليمينية المتزايدة والتحريض ضد العرب والمسلمين ككل لذلك تحظى بدعم من القوى اليمينية والمحافظة في السياسة الألمانية وأيضاً من القوى التي تعتبر نفسها يسارية.
كما قال قزاز: إن "الأجندة التحريضية والعنصرية ضد الفلسطينيين واضحة، لكنها دائماً تتغذى على أحداث مثيرة للجدل سواء كانت مفتعلة أو حقيقية، بمعنى أنه لو كانت التظاهرة الفلسطينية صامتة ستجد هذه المنظمات طريقة ما لاتهامها بمعاداة السامية".
وأضاف: "كفلسطينيين لسنا بحاجة لإثبات أي شيء لأنفسنا او لمجتمعنا عن طريق استخدام هتافات نعلم تماماً انها ستكون مدخلاً لاتهامات التحريض واستعمال العنف، فهذا النوع من المزاودات الفارغة هو بشكل ما تبني غير مباشر لسردية هذه المنظمات الصهيونية وانجرار لتحويل أجندتها غير المهمة واتهاماتها الفارغة من شيء هامشي، لأجندة في قلب وصلب الخطاب الذي تصدره الفعاليات الفلسطينية، وهذا شيء خطير".
وتابع أن "هذه الحملة مرتبطة باقتراب ذكرى النكبة والفعاليات الفلسطينية لإحيائها، ومحاولات هذه المنظمات لاستخدام أي حدث سواء مركزي أو جانبي أو هتاف ما لمنع إقامة هذه الفعاليات واستمرارها وانتشارها".
وشدد على أن معركة منع التظاهر ليست قانونية، بل سياسية، بهدف خنق الصوت الفلسطيني، وهذا ما أثبته طرد موظفي "دويتشه فيله"، فالهدف من هكذا حملات يكمن في التخويف، وإلحاق ضرر بتشويه صورة الفلسطينيين، بطريقة لا يمكن إصلاحها، فليست لديهم مشكلة باتهام منظمات يهودية تتقدم بترخيص تظاهرات مناصرة للقضية الفلسطينية، بمعاداة السامية، بحسب ما أكد.