عبّر مسؤولون فلسطينيون عن رفضهم الشديد لتقارير بثتها قناة "الجديد" اللبنانية، خصّ أحدها مخيم برج البراجنة بالإشارة إلى وجود "مجموعة إرهابية"، بينما أظهر تقرير آخر مخيم شاتيلا بأنه "تحت سيطرة تجار المخدرات"، واضعين ذلك في سياق ما وصفوه بـ"حملة إعلامية ممنهجة تستهدف المخيمات الفلسطينية في لبنان".

وفي رد مباشر على هذه التقارير، أجرى موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين لقاءات مع كل من سرحان سرحان، أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في بيروت، وأبو عماد شاتيلا، مسؤول منطقة بيروت في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، للوقوف على خلفيات هذه الاتهامات والسياقات التي تُطرح فيها.

الاتهامات الموجهة للمخيمات ليست سوى غطاء لحملة سياسية

أكد سرحان سرحان في حديثه أن الآفة التي يتهم بها مخيم شاتيلا، وهي تجارة وتعاطي المخدرات، تضرب العالم بأسره، ولا تقتصر على المخيمات الفلسطينية فقط.

وعبّر عن أسفه من تركيز الإعلام اللبناني بشكل خاص على هذه المخيمات، في توقيت حساس يتقاطع مع مؤامرة أمريكية "إسرائيلية" تستهدف قضية اللاجئين وحق العودة.

وقال: "هناك تسليط للضوء على مخيماتنا دون غيرها، رغم أن أماكن عديدة في لبنان تعاني من خلايا نائمة، ونشاطات إرهابية، ومراكز لتجارة المخدرات. من يريد محاربة هذه الآفة، عليه أن يبدأ من المنبع: من أين تأتي هذه المخدرات؟ وأين منشؤها؟".

وأضاف أن الاتهامات الموجهة للمخيمات ليست سوى غطاء لحملة سياسية تهدف إلى إنهاء قضية اللاجئين، قائلاً: "القضية ليست قضية مخدرات أو إرهاب فقط، بل قضية سياسية بامتياز لتصفية حق العودة، وتروج لها وسائل إعلام تبث السموم، وتتهم مخيماتنا بأنها بؤر أمنية. لكننا نؤكد أن مخيماتنا هي مخيمات صمود وعودة، وسنستقبل كل وسائل الإعلام ليروا الحقيقة بأنفسهم".

كما استنكر الإبراز الإعلامي المتعمد ضد الفلسطينيين عند توقيف أي مشتبه به، وقال: "عندما يتم توقيف شخص، لا يذكر ذلك إلا إذا كانت جنسيته فلسطينية، فيقال فورًا إنه فلسطيني، وهذا ما تمارسه وسائل الإعلام التي تستهدف المخيم".

وأشار إلى أن المخيمات الفلسطينية تضم لجانًا أمنية مشتركة من مختلف فصائل منظمة التحرير، تعمل بشكل فعّال على مكافحة آفات الإرهاب والمخدرات، مؤكدًا وجود تنسيق وتعاون مستمر مع الأجهزة الأمنية اللبنانية.

ودعا سرحان وسائل الإعلام لأن "تتقي الله في شعبنا الفلسطيني"، مضيفًا: "فنحن لا ينقصنا مزيد من المآسي، يكفينا ما يحدث في غزة، والضفة، والقدس. مخيماتنا ليست بؤرًا أمنية، بل محطات انتظار للعودة".

موضوع ذو صلة: اللجان الشعبية الفلسطينية ترد على "الجديد": تقريرا شاتيلا وبرج البراجنة تحريضيان بلا أدلة

المخدرات تزرع في مناطق بعيدة عن المخيمات ولا صلاحية أمنية دون غطاء قانوني

من جهته، أكد أبو عماد شاتيلا أن المخيمات الفلسطينية ليست بيئة حاضنة للمخدرات، مشيرًا إلى أن زراعة المخدرات تجري في مناطق لبنانية بعيدة جغرافيًا عن المخيمات.

وقال: "بيننا وبين أماكن زراعة المخدرات مسافة كبيرة، ومن واجب الدولة اللبنانية حماية أراضيها ونشر الحواجز وملاحقة المخالفين، سواء كانوا تجارًا أو مروّجين أو حتى متعاطين".

وانتقد تركيز الإعلام اللبناني على المخيمات دون غيرها، مشيرًا إلى أن بعض المناطق اللبنانية تحتوي على بيئات مشابهة، لكنها لا تحظى بالتغطية نفسها بسبب الطابع السياسي للمخيم الفلسطيني، وقال: "المخيم يعتبر مكانًا سياسيًا مرتبطًا بالحقوق الوطنية الفلسطينية، ولهذا يسلط الضوء عليه إعلاميًا بشكل متعمد".

وأكد شاتيلا وجود لجان أمنية فلسطينية قيد التشكيل، وقال: "بالأمس كان هناك حديث حول هذا الموضوع، ولا تزال الاجتماعات قائمة لتشكيل قوة أمنية من كافة الفصائل الفلسطينية".

وشدد على أنّ الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني، من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، لا علاقة لهم إطلاقًا بالمخدرات، كما شدد على أن المخيمات لا يمكنها العمل خارج إطار الدولة اللبنانية والقانون، مضيفًا: "إذا لم تمنح الدولة موافقتها، وإذا لم يصدر القضاء اللبناني إذنه، فلن نستطيع توقيف أي شخص. وإذا قمنا بذلك، فسنتهم بتشكيل عصابة مسلحة. بأي حق ننفذ عملية توقيف؟ وبأي مذكرة قانونية؟"

وختم بدعوة صريحة لوسائل الإعلام، وقال: "نحن مع الدولة، وفريق واحد في مواجهة الفلتان الأمني، لكننا نطالب الإعلام بالتحقق من الوقائع قبل إطلاق الاتهامات، لا أن يوجه السهام إلى المخيمات دون بيّنة".

حملة ممنهجة أم زلّة إعلامية؟

في ضوء هذه التصريحات، تتصاعد التساؤلات حول ما إذا كانت هذه التقارير الإعلامية التي تقدم صورة قاتمة عن واقع المخيمات مجرد "زلات مهنية"، أم أنها جزء من حملة سياسية أوسع تهدف إلى تشويه صورة اللاجئ الفلسطيني.

وبين ما تعتبره القيادات الفلسطينية "تصفية سياسية مقنّعة"، وبين التحديات الأمنية الحقيقية التي لا تنكر، تبقى الحاجة ماسة إلى مقاربة إعلامية مسؤولة، توازن بين الحقيقة والعدالة، وتبتعد عن شيطنة المخيمات.

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد