أكدت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الأراضي المحتلة عام 1948 في بيانها الصادر اليوم الخميس، بختام اجتماعها الدوري بمكاتبها في الناصرة المحتلة، أن الملاحقات السياسية المتواصلة منذ عقود، والمتصاعدة في العامين الأخيرين، تشكل حربًا سلطوية منظمة على الخطاب والعمل السياسي الفلسطيني، توازي الحرب المفتوحة على الشعب الفلسطيني، قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.
وقال رئيس لجنة المتابعة محمد بركة، في البيان: إن "حرب الإبادة في تصعيد دائم، مع تكثيف جرائم القتل والتجويع، لدفع الناس على الهجرة، وقطاع غزة يعاني من مأساة جوع، لم يشهد مثيل لها العالم، على الأقل في التاريخ الحديث وعالمنا المعاصر".
ودعت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني إلى استنهاض شامل لجماهير الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة والتجويع والتهجير التي يتعرض لها قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة منذ قرابة 21 شهراً، مؤكدة أن هذه الحرب تجري تحت أنظار العالم وبمشاركة مباشرة من قوى كبرى، في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية.
وأوضحت اللجنة أن قضية النقب، بما تشمله من مصادرة أراضٍ وتهجير وتدمير للمنازل، تُعد قضية مركزية للجماهير العربية، داعية إلى الانخراط الواسع في النضال ضد هذه السياسات الاستعمارية التي تستهدف الوجود العربي في الداخل.
كما عبّرت لجنة المتابعة عن قلقها العميق من تصاعد الملاحقات السياسية بحق القيادات والناشطين الفلسطينيين، سواء من خلال الاعتقالات أو المحاكمات أو مشاريع القوانين التي تقيد حرية الرأي والتعبير، مشيرة إلى توسع هذه السياسات لتشمل مجالات التعليم والعمل، وحتى الحريات داخل المؤسسات الحزبية.
وفي هذا السياق، استنكرت اللجنة قرار محكمة الصلح في الناصرة إدانة الشيخ كمال خطيب على خلفية تصريحات تعود لأكثر من أربع سنوات، اعتُبرت تعبيراً عن الرأي، وجرى تأويلها بهدف تجريمه، كما رفضت محاولات إقصاء النائب أيمن عودة من الكنيست استناداً إلى منشور في وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن "هذه الإجراءات تأتي ضمن نهج عنصري يسعى إلى تكميم الأفواه وتفريغ العمل السياسي الفلسطيني من مضمونه".
وأدانت اللجنة استمرار الاعتقال الإداري للقيادي رجا إغبارية منذ أكثر من ثلاثة أشهر دون مبرر قانوني، مع استمرار محاكمته منذ 7 سنوات على خلفية مواقف سياسية، وكذلك محاكمة القيادي محمد كناعنة (أبو أسعد) في قضايا تتعلق بحرية التعبير.
كما أعربت عن تضامنها الكامل مع جميع المعتقلين والمحكومين بأحكام جائرة بسبب نشاطهم السياسي، محذّرة من الاستهداف المتزايد للناشطين الشباب بالاستدعاءات والتحقيقات، والترهيب من قبل جهازي الشاباك والشرطة "الإسرائيليين"، وصولاً إلى التدخل السافر في نشاطات الأحزاب السياسية واقتحام مقارّها.
وكانت محكمة الصلح في حيفا قد شهدت جلسة مرافعة ختامية في قضية القيادي رجا إغبارية (73 عامًا)، على خلفية منشورات على منصة فيسبوك تعود إلى عام 2018، اتهمته فيها النيابة بـ"التحريض على العنف" و"تأييد تنظيم إرهابي" بموجب قانون "مكافحة الإرهاب الإسرائيلي".
وقد ترافع عنه طاقم مركز "عدالة الحقوقي"، ممثلاً بمديره العام المحامي د. حسن جبارين والمحامية هديل أبو صالح، اللذين أكدا أن لائحة الاتهام باطلة دستوريًا وإجرائيًا، وتشكل مسًّا خطيرًا بحرية التعبير والنشاط السياسي. وبيّن الدفاع أن المنشورات كانت تعبيرًا عن الرأي ولم تؤدِ إلى أي عنف، وأن الاتهامات مبنية على "نوايا مفترضة"، دون أدلة ملموسة.
وطالب طاقم الدفاع بشطب لائحة الاتهام بالكامل وتبرئة إغبارية، محذرًا من أن استمرار المحاكمة يمثل سابقة خطيرة في ملاحقة الخطاب السياسي الفلسطيني، ويؤسس لانحراف عن أسس العدالة وحرية التعبير، بحسب وصفه.
وشدد مركز عدالة في بيانه على أن هذه القضية تندرج ضمن سياسة "إسرائيلية" ممنهجة لتجريم النشاط السياسي المشروع للفلسطينيين في الداخل، ودعا المحكمة لرفض هذه الممارسات القمعية الخطيرة.