كشفت مؤسسة "هند رجب" الحقوقية، أن الحكومة "الإسرائيلية" أصدرت قائمة عقوبات جديدة تستهدف خمسين شخصية، على رأسهم رئيس المؤسسة دياب أبو جهجة، إلى جانب اثنين من المؤسسين، وثلاثة محامين عملوا مع المؤسسة في قضاياها القانونية.
وأشارت في بيان لها المؤسسة إلى أن هذا التحرك "الإسرائيلي" يأتي ضمن جهود مكثفة لعرقلة نشاطها الحقوقي والقانوني المتعلق بملاحقة مسؤولين "إسرائيليين" متهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.
وأكدت المؤسسة أن "إسرائيل" بدأت بتخصيص موارد كبيرة تهدف إلى إيقاف عملها، وشرعت في التحضير لحملة دعائية واسعة النطاق تستهدف نزع الشرعية عن المؤسسة وإثارة الشكوك حولها، لا سيما من خلال محاولات اختراق الدوائر المؤيدة لفلسطين وبث البلبلة عبر التلاعب بالأصوات والمواقف.
وأوضح البيان أن "إسرائيل" قلقة من سلسلة القضايا التي تحضر لها المؤسسة، معتبرًا التصعيد "الإسرائيلي" الأخير ضدها "ليس من قبيل الصدفة"، بل نتيجة مباشرة للزخم الدولي المتزايد للقضايا التي رفعتها ضد مسؤولين عسكريين "إسرائيليين".
وتأسست مؤسسة "هند رجب" في فبراير/شباط 2024، وتتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقرًا رئيسيًا لها حيث تعمل المؤسسة على ملاحقة قادة ومسؤولي الجيش "الإسرائيلي" قضائيًا في مختلف أنحاء العالم، من خلال توجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة.
وتحمل المؤسسة اسم الطفلة الفلسطينية "هند رجب"، التي كانت تبلغ من العمر خمس سنوات حينما قُتلت مع ستة من أقاربها جراء قصف إسرائيلي استهدف سيارة كانوا يحتمون بداخلها في 29 يناير/كانون الثاني 2024، جنوب غربي مدينة غزة. وتحول اسمها إلى رمز للعدالة والمحاسبة، لتطلق المؤسسة عملها القانوني والحقوقي باسمها، بهدف مقاضاة المتورطين في قتل المدنيين الفلسطينيين.
منذ تأسيسها، أطلقت المؤسسة حملة قانونية غير مسبوقة لملاحقة الجنود والضباط "الإسرائيليين" المتورطين في جرائم بحق المدنيين، من خلال رفع قضايا جنائية في دول أوروبية تسمح قوانينها بممارسة "الولاية القضائية العالمية"؛ أي ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب بغض النظر عن مكان وقوعها أو جنسية الفاعلين.
وجمعت المؤسسة منذ انطلاقها أكثر من 8000 قطعة من الأدلة الموثقة، من شهادات وصور ومقاطع فيديو وسجلات طبية، توثق جرائم مزعومة ارتكبها الجيش "الإسرائيلي" في قطاع غزة. وتشمل هذه الجرائم قتل المدنيين، القصف العشوائي للمناطق السكنية، تدمير البنية التحتية المدنية، ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
وتُستخدم هذه الأدلة لرفع دعاوى قضائية أمام محاكم في دول أوروبية، مثل بلجيكا، إسبانيا، فرنسا، وألمانيا، والتي تتيح قوانينها ملاحقة المتورطين في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي.
ونجحت "هند رجب" في استصدار مذكرات استدعاء وإخطارات قضائية ضد عدد من الجنود والضباط "الإسرائيليين"، كما تمكنت من فرض قيود على تحركات بعضهم، من خلال تحذيرات رسمية من إمكانية توقيفهم إذا دخلوا أراضي دول معينة، فيما يُعرف بـ"الدعاوى العالمية".
وتركز المؤسسة على الدفع نحو تحقيق محاسبة فعلية لقادة الجيش الإسرائيلي وصناع القرار السياسي والعسكري المتهمين بارتكاب أو الأمر بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. كما تسعى لمواجهة ظاهرة الإفلات من العقاب، التي لطالما استفاد منها الاحتلال "الإسرائيلي" في ظل صمت دولي أو دعم سياسي من بعض الدول الغربية.
وتؤمن المؤسسة بأن مواجهة الاحتلال لا تكون فقط في الميدان، بل يجب أن تتوسع لتشمل المسار القانوني والحقوقي، وفرض كلفة قانونية وأخلاقية على استمرار الجرائم بحق الفلسطينيين.
كما تعمل المؤسسة على دعم الضحايا وعائلاتهم قانونياً، وتوثيق شهاداتهم وتقديم الدعم لهم في مختلف مراحل الإجراءات القضائية، بما يعزز فرص تحقيق العدالة، ويدفع المجتمع الدولي للتحرك.
وردًا على هذه الأنشطة، تسعى الحكومة "الإسرائيلية" إلى تقويض عمل المؤسسة من خلال عقوبات شخصية وملاحقة قانونية ومالية لأعضائها، إضافة إلى حملة إعلامية مرتقبة تهدف إلى التشكيك في مصداقية المؤسسة وطبيعة عملها، وبث الشكوك حولها في الأوساط المؤيدة للقضية الفلسطينية.
وأكد بيان المؤسسة أن "إسرائيل قلقة للغاية من الملفات القضائية التي نعمل عليها"، مشيرًا إلى أن التصعيد ضدها يعكس جدية العمل القانوني الذي تقوم به، وقدرته على إحداث أثر فعلي في ملاحقة المتورطين في الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
وتبقى مؤسسة "هند رجب" نموذجًا متقدمًا في العمل الحقوقي والقانوني من أجل العدالة للفلسطينيين، مستندة إلى القانون الدولي والأدلة الموثقة، في مسار يبدو أنه بات يزعج سلطات الاحتلال التي تسعى بكل الوسائل لإسكاته.