تعيش مئات الفلسطينيين في مخيمات مؤقتة داخل مخيم البريج وسط قطاع غزة بعد أن فقدوا منازلهم خلال حرب الإبادة "الإسرائيلية" التي استمرت قرابة عامين وتوقفت قبل ثلاثة أسابيع، في ظل ظروف إنسانية قاسية ونقص حاد في المساعدات الأساسية، حيث ما يزال جيش الاحتلال يماطل في تنفيذ بنود وقف إطلاق النار المتعلقة بفتح المعابر وإخال المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى استمراره في خرق الاتفاق و إطلاق النار على الفلسطينيين ونسف منازل الفلسطينيين شرقي المخيم.

في هذا المخيم تحولت الخيام المهترئة إلى ملاذ أخير لعائلات نازحة تضم أيتامًا وأرامل، وسط مخاوف متزايدة من انهيار الأوضاع مع اقتراب فصل الشتاء، حيث لا تقي الخيام البرد أو الأمطار، فيما تغيب الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والخدمات الصحية.

 

نتمنى أن تعود الأيام السابقة

داخل المخيم، تمتد أحبال الغسيل بين الخيام الضيقة، ويلعب الأطفال في ممرات وساحات طينية مكتظة بالنازحين بحثًا عن بعض الفرح وسط معاناة لا تنتهي بينما تقاسي النساء اللاتي تُركن بلا معيل وبلا مصادر دخل بعدما فقدن أزواجهن وبقين يحملن عبء العائلة وتأمين طعام وشراب أطفالها.

إحدى السيدات الفلسطينيات نيفين وهي أم لأربعة أيتام والتي فقدت زوجها قبل عامين تصف ما تعيشه قائلة: "أعيش أوضاعًا صعبة داخل الخيام، نعاني من الحشرات وصعوبة الحصول على المياه، ونطهو على النار بين الخيام، أنا مريضة كلى، وأبنائي توقفت دراستهم بسبب الحرب... نتمنى فقط أن تعود الأيام كما كانت".

تحاول نيفين إشعال النار تحت قدر صغير لتطهو ما توفر من الطعام، ثم تجلس مع أطفالها لتتقاسم معهم وجبة بسيطة قد تكون الأولى والأخيرة في اليوم متمنية أن تعود الأحوال كما السابق بنبرة يائسة وعينين ذابلتين قد أرهقتهما نيران الطهي.

كبرت سنوات في أشهر قليلة

أما رولا رضوان، وهي لاجئة سورية الأصل من دمشق وصلت إلى غزة عام 2011 مع زوجها وأطفالها، فتقول إن الحرب "سلبت منها زوجها ودفعتها إلى العيش في خيمة مهترئة بلا ماء ولا كهرباء": "لم أكن أشعر بالغربة بجانب زوجي، لكن بعد رحيله أصبحت الحياة قاسية".

"أكبر أبنائي أصبح مسؤولًا عن العائلة"، تتابع رضوان قصتها بمزيد من الأسى فيما تقاسي هي كل يوم في خيمة تفتقر لأبسط مقومات العيش، محاطة بالفئران والحشرات. مضيفة: "بشرتي احترقت من الشمس... أشعر أنني كبرت سنوات في أشهر قليلة".

ورغم توقف الحرب في غزة، تستمر الاعتداءات "الإسرائيلية" في محيط مخيم البريج، حيث شنت طائرات مسيّرة من نوع "كواد كابتر" غارات على مناطق شرقية من المخيم، فيما عمليات نسف المباني مستمرة على أشدها.

ومع دخول محدود للمساعدات الإنسانية إلى غزة عبر محيط معبر كيسوفيم، يؤكد المكتب الإعلام الحكومي في غزة أن الاحتلال لم يسمح بدخول الخيام بالكميات المطلوبة، مشيرًا إلى أن القطاع بحاجة ماسة إلى أكثر من 300 ألف خيمة جديدة لتوفير مأوى مؤقت للعائلات النازحة.

فيما يشير المكتب الإعلامي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة يومًا بعد يوم، مع غياب الاستجابة الدولية الفعلية ورفض الاحتلال إدخال الاحتياجات الأساسية للنازحين" بينما تزداد وتيرة تحذيرات المنظمات الأممية في وقت يقترب فيه الشتاء من مأساة أخرى يعيشوها النازحون داخل الخيام ومراكز الإيواء في ظل الافتقار إلى أدنى مقومات الحياة.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد