وسيم السلطي - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

عزيزي اللورد ريتشارد

"يسعدني كثيراً أن أنقل اليكم نيابة عن حكومة جلالة الملك، التصريح التالي، تعاطفًا مع أماني اليهود الصهيونيين التي قدموها ووافق عليها مجلس الوزراء:

إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وسوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف. وليكن مفهوما بجلاء أنه لن يتم شيء من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية للجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين أو بالحقوق والأوضاع القانونية التي يتمتع بها اليهود في أي دولة أخرى.

سأكون ممتنا لكم بالعرفان، لو قمتم بإبلاغ هذا التصريح إلى الإتحاد الصهيوني."

المخلص

آرثر بلفور

هذه كانت المراسلة الرسمية التي وجهها وزير الخارجية البريطانية "آرثر جيمس بلفور" إلى اللورد "والتر ريتشارد" أحد قادة الحركة الصهيوينة في بريطانيا في الثاني من تشرين الثاني 1917، والتي على أساسها تبنت بريطانيا بشكل كامل وجهة النظر الصهيونية في إقامة وطن قومي لـ"الشعب اليهودي".

ترسخ هذا الوعد بما تضمنه صك الانتداب البريطاني الصادر عن عصبة الأمم في 24/7/1922 الذي اعترف بوعد بلفور وتعهدت بريطانيا _الدولة المنتدبة_  بالتزامها في تنفيذه.

ومما جاء في مقدمة صك الانتداب ضمن المادة الثانية والذي يوضح أنه يعتبر الأساس لقرار التقسيم رقم /181/عام 1947 "تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن وضع البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي، وعن ترقية مؤسسات الحكم الذاتي، وتكون مسؤولة عن صيانة الحقوق المدنية والدينية لجميع سكان فلسطين، بغض النظر عن الجنس والدين".

 وقد ورد في مقدمة صك الانتداب بأن ذلك جاء عبر دعم دولي وبموافقة كبرى الدول العالمية "لما كانت دول الحلفاء الكبرى قد وافقت أيضا على أن تكون الدولة المنتدَبة مسؤولة عن تنفيذ التصريح الذي أصدرته في الأصل حكومة صاحبة الجلالة البريطانية وأقرته الدول المذكورة...".

هذا يبين أن قرار التقسيم جاء امتدادا لهذا الوعد وذاك الانتداب، ورعت بريطانيا خلال انتدابها فلسطين نحو 376 ألف مهاجر يهودي بين الفترة الممتدة بين العام 1922- 1946.

ذلك كان الوعد وما تبعه من صكوك وقوانين، أما الآن، ونحن نستعيد عام الوعد التاسع والتسعين ونستعد لمئويته القادمة، لا يمكن فقط تذكر هذا اليوم وتذكاره بعد تعفن جثة بلفور، فهذا اليوم تجدد، وأصبح كل يوم نمر به هو وعد بلفور جديد، كل يوم مر على الفلسطينيين واللاجئين منذ ذلك التاريخ من نكبات ونكسات، هجرة وتهجير، تقسيم وانقسام، هو بلفور ذاته، ولكن واعديه بلفور جديد وبتسميات مختلفة، فلا يمكن الاكتفاء اليوم بإدانة وعد وتذكر يوم كان السبب في مآسي الشعب الفلسطيني وتهجيره، وإنما لا بد من القول بأن المحاولات التي تجري في اضطهاد وقمع الفلسطينيين سواء في الداخل من قبل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي تقمع أي محاولة تندد بها وبممارساتها، أو في الشتات، عبر محاولات اقتلاع اللاجئين الفلسطينيين من أمكنتهم وتشريدهم، إذ أن الوعد تجلى في عصرنا الحديث والمعاصر عبر تدمير وتشتيت اللاجئين في الأردن والعراق والكويت ولبنان، الوعد يحقق معانيه في ضعف الفصائل الفلسطينية وانقسامها وعدم قدرتها على حماية الشعب الفلسطيني وما يتعرض له من هزائم وانتكاسات في وقتنا الراهن وما تعرض له اللاجئون الفلسطينيون في مخيماتهم في سورية من انتهاكات وتضييقات وقتل وتشريد وتهجير وحصار.

امتدادات الوعد، تراها عندما تعرف أن أكثر من 80 ألف لاجئ وصلوا الى أوروبا من سورية منذ بداية العام 2011 عبر البحار والطرقات المحفوفة بالمخاطر، لا سيما وامتناع عدد من الدول العربية والأجنبية عن استقبال اللاجئ بطرق قانونية وشرعية، لذا فضلوا أن يقضوا في البحار بغية الوصول إلى بلاد أخرى في الشمال تمنحهم ما افتقدوه في الدول العربية، بينما في الجهة الاخرى، في الجنوب، حيث فلسطين تستقبل في مطاراتها مئات المهاجرين اليهود من دول أوروبية يتوافدون إليها ليقيموا في بيوت ويتابعوا مستقبلهم عوضا عن أصحاب الحق وأصحاب الأرض الأصليين، وأصحابها الذين تهجروا منذ العام 1948 ومازلوا يهجرون من أماكن إقامتهم المؤقتة التي أقيمت لهم في المخيمات، والآن هم في أماكن إقامتهم الجديدة في شتى بقاع العالم.

خاص بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد