الجزائر

تحتجز السلطات الجزائريّة نحو (53) طالب لجوء فلسطيني قادم من قطاع غزة وبينهم أطفال، منذ مطلع تشرين أوّل/أكتوبر الماضي، في أحد مراكز اللجوء بولاية تمنراست جنوباً، وأبلغتهم بنيّتها ترحيلهم إلى غزة عبر جمهوريّة مصر، ما يُعرّضهم لانتهاكات خطيرة ويُخالف حقوقهم كطالبي لجوء.

جاء ذلك في بيان صدر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأربعاء 5 كانون الأوّل/ديسمبر، حمّل فيه السلطات الجزائريّة مسؤوليّة حماية طالبي لجوء فلسطينيين وصلوا الجزائر قادمين من غزة، مُبيّناً أنّهم وصلوا بطريقة غير قانونيّة، وذلك بعد أن خرجوا من غزة هرباً من الحصار والحروب المُتكرّرة التي يتعرّض لها القطاع المُحاصر من قِبل سلطات الاحتلال، ومنها غادروا إلى مصر وصولاً إلى موريتانيا وبعدها خرجوا بواسطة مُهرّبين إلى صحراء مالي في رحلة غاية في الخطورة استمرّت نحو (7) أيّام، حتى وصلوا إلى حدود الجزائر في الأوّل من تشرين أوّل/أكتوبر الماضي.

ووثّق الأورومتوسطي شهادة خاصة لأحد اللاجئين المُحتجزين، طالب فيها عدم الكشف عن هويّته، قال "عندما خرجنا من غزة إلى مصر توجّهنا إلى موريتانيا التي كانت حينها لا تطلب تأشيرة لدخول الفلسطينيين، وبعدها انتقلنا إلى صحراء مالي حيث بدأت رحلة العذاب استمرت لمدة أسبوع، فتعرّضنا للسرقة والنهب من قِبل قُطّاع الطرق الذين سطوا على أموالنا وكل ما نملك، حتى أجبرنا على أكل لحوم الحيوانات الميّتة للحفاظ على حياتنا."

وفي هذا السياق، لفت المرصد الحقوقي إلى أنّ السلطات الجزائريّة قامت بأخذ بصمات طالبي اللجوء المذكورين وعرضتهم للمُحاكمة بسبب دخول البلاد بطريقة غير قانونيّة، وحُكم عليهم بالسجن لمدة (3) أشهر مع وقف التنفيذ، مع إعطائهم مُهلة لتسوية أوضاعهم، غير أنّ السلطات تقوم باحتجازهم منذ ذلك الحين في مُخيّم للاجئين وتمنعهم من التحرّك بحريّة، فيما تم إبلاغهم مؤخراً بنيّة ترحيلهم لقطاع غزة عبر مصر.

عن أوضاع الاحتجاز يقول أحدهم "نحن الآن مسجونون في كرفانات بمركز إيواء تُحيطه الأسلاك الشائكة والجدران، في الصباح يُقدّمون لنا الحليب ويُحضرون الغذاء والعشاء معاً، حيث يُقدّمون لنا المعكرونة، والحراس لا يسمحون لنا بالخروج لشراء أي شيء، وإذا أردنا أن نشتري شيئاً من الخارج فإنّ الحراس هم الذين يشترونه ولكن بأسعار مُضاعفة."

ويُشير طالب اللجوء من غزة إلى أنه خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام مع بقيّة المُحتجزين القادمين من غزة، وذلك احتجاجاً على استمرار احتجازهم من قِبل السلطات الجزائريّة ونيّتها ترحيلهم، حيث تدهورت صحّة عدد من المُحتجزين، فيما حضر مسؤولين رسميين من الولاية أخبروهم أنهم سيخرجون خلال عشرة أيّام لكن تلك الوعود لم تتحقّق.

هذا وأعرب عن خشيته والبقيّة من أنّ ترحيلهم إلى مصر قد يُعرّضهم للتعذيب والإهانات النفسيّة والجسديّة، بالإضافة إلى حرمانهم لاحقاً من أي أمل بمُغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح "الفلسطيني – المصري"، والذي يقع تحت سيطرة السلطات المصريّة.

من جانبها، شدّدت المُتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي سارة بريتشيت، على ضرورة التزام الجزائر بمبدأ عدم الإعادة القسريّة للاجئين باعتباره مبدأً عُرفيّاً في القانون الدولي، والذي يقضي بعدم جواز طرد اللاجئين بأي صورة إلى حدود البلدان التي تكون حياتهم فيها وحريّتهم مُهددتين بالخطر.

كما شدّدت على أنّ تعامل السلطات الجزائريّة مع هؤلاء الفلسطينيين من طالبي اللجوء بصورة جماعيّة، وعدم النظر في ملفاتهم بشكلٍ فردي لفحص مدى استحقاق أي منهم للجوء، يُخالف المعايير المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان.

ودعا المرصد السلطات إلى ضمان عدم إعادتهم قسرياً إلى قطاع غزة، ودراسة طلباتهم بصورة مُنفردة، مُشدداً على أنه وبالرغم من توقّف الحرب في غزة، إلا أنّ المخاطر لا تزال قائمة، وطالب المرصد بوقف احتجازهم وتأمين أوضاع إنسانيّة لهم إلى حين البت في طلباتهم كطالبي لجوء، أو إعطائهم فرصة لتسوية أوضاعهم وفقاً لما أقرّته المحكمة الجزائريّة.
وكالات - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد