"الأونروا" على شفير الإفلاس والعالم يتفرّج

"الأونروا" لم تُهجّر اللاجئين وليس بوسعكم الاكتفاء بشطبها وانتظار نتائج أفضل

الأربعاء 29 مايو 2019
استهداف طيران الاحتلال لإحدى مدارس "الأونروا" بقطاع غزة بالفوسفور الأبيض
استهداف طيران الاحتلال لإحدى مدارس "الأونروا" بقطاع غزة بالفوسفور الأبيض

فلسطين المحتلة

"ستكون وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى الأونروا في مثل هذا الوقت من الشهر المُقبل، فارغة الجيوب، لا مال لديها. ولست واثقة من أنّ كثيرين يفهمون ذلك أو يهتمون بالأمر على الإطلاق."

 

هكذا استهلّت بيل ترو مراسلة شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "اندبندنت بالعربيّة" مقالها، الثلاثاء 28 أيّار/مايو، الذي لفتت فيه إلى أنّ إفلاس "الأونروا" يعني أنّ مليون فلسطيني سيُصبحون بدون غذاء وستُغلق المدارس في غزة والضفة الغربيّة أبوابها، كما ستتوقّف العيادات عن العمل، وقد يتم بتر أطراف ما يزيد عن (1700) شخصاً، وستضطر الأمم المتحدة ثاني أكبر رب عمل في غزة، أن تُلغي بعض وظائفها، ما سيرفع نسبة البطالة التي تُسجّل أصلاً أعلى نسبة في العالم.

 

ترى المراسلة ترو بأنّ لائحة التداعيات المُقلقة بهذا الشأن طويلة، وحتى إن كان تأمّل الأزمة الإنسانيّة الفلسطينيّة التي تبدو بلا نهاية، يُصيب المرء بالإعياء، يتوجّب على الجميع فهم ما يلي: "إنّ انهيار الأونروا سيؤثّر على أمن إسرائيل والمنطقة."

 

وتابعت "سواء أحببتهم الأونروا أو لا (وقوم دونالد ترامب لا يُحبّونها في الحقيقة)، فليس من بديلٍ لها مطروح حتى اللحظة. ومن دون خدمات الوكالة التي تحول دون انهيار إنساني شامل، أعتقد أنّ الجميع سيكونون في خطر."

 

وترى ترو التي تعمل في الصحيفة البريطانيّة، أنه لا شكّ أنّ "الأونروا" 69 عاماً، ليست مؤسسة مثاليّة على الإطلاق، فهي غير عمليّة، ويقول البعض أنها مُكلفة إذ اعتبر النُقّاد أنّ مدارسها التي يزيد عددها عن (700) مدرسة، علاوةً على خدماتها الصحيّة وإعاناتها الغذائية، هي من بين الأمور التي تُبقي الوضع الراهن على ما هو عليه، على حد تعبيرها.

"وهذا يعني أنّ الوكالة تجعل الاحتلال في الضفة الغربيّة محتملاً يمكن للناس أن يعيشوا في ظلّه، وأنها في غزة تُضمدّ الجراح الإنسانية النازفة التي أحدثها، جزئياً، الحصار الاسرائيلي والمصري، فضلاً عن اقتتال الفصائل الفلسطينية"، تُتابع.

 

ويكره جيسون غرينبلات، المُمثّل الخاص للمفاوضات الدولية في الولايات المتحدة،  الوكالة لأسباب أخرى.  فقد دعا في خطابٍ ألقاه أمام جلسة مجلس الأمن في الأمم المتحدة الأربعاء الماضي، إلى تفكيكها لأنها "تعاني عيوباً لا يمكن إصلاحها" ولكونها "خذلت الشعب الفلسطيني"، على حدّ تعبيره. وقال إنّ "نموذج الأونروا التشغيلي، الذي يرتبط بشكلٍ متأصّل بمجتمعٍ من المستفيدين الذي يتمدّد بشكلٍ لامتناهٍ ومطّرد يعاني من أزمة دائمة"، حسب الصحفية ترو.

 

فيما دافع غرينبلات عن القرار الأمريكي القاضي بخفض كلّ التمويل الذي تحصل عليه "الأونروا"، قائلاً إن الفلسطينيين بحاجة إلى بديلٍ " يحظى بمزيد من الثقة وأكثر استدامة". وأضاف "أخشى أنّه حان الوقت بالنسبة إليكم جميعاً لمواجهة حقيقة أنّ نموذج الأونروا قد خذل الشعب الفلسطيني."

 

وهنا، تُضيف في مقالها "وبغضّ النظر عن أيّ شيء آخر، إنّ المنطق معكوس في مداخلة غرينبلات هذه،  فالأونروا لم تكن السبب في تهجير 700 ألف لاجئ فلسطيني فرّوا أو أجبروا على ترك منازلهم خلال حرب الـ 1948 التي أدّت إلى إنشاء دولة إسرائيل. كما لم تكن الأونروا السبب في استمرار حالة الركود السياسي الذي أغرق خمسة ملايين من أبناء وأحفاد هؤلاء اللاجئين الأوائل، في اليأس والفقر."

وأشارت ترو إلى أنّه تمّ إنشاء "الأونروا" نفسها في محاولة للتخلّص من أسوأ المشاكل الناجمة عن قضية فلسطين ولتجنّب الكارثة، وهو ما كانت تقوم به بالفعل. وأضافت "إذا أردتم إنهاء عمل الأونروا، فليس بوسعكم أن تكتفوا بشطبها من الوجود وانتظار نتائج أفضل. عليكم أولاً إيجاد بديل قابل للحياة. وإن أردتم إنهاء الحاجة لمنظمة كهذه، فلتعثروا على حلّ سياسي فعلي للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني من شأنه أن يمنح الفلسطينيين حقوقهم في المعاملة على قدم المساواة لجهة فرص العمل والرعاية الصحية والتعليم وحقوق الإنسان."

 

حول ورشة العمل الاقتصادية في العاصمة البحرينيّة المنامة، تقول الصحفيّة "لا شكّ أنّ غرينبلات وترمب يأملان بأن تحقّق ورشة العمل الاقتصادية التي سيحضرانها الشهر المقبل في البحرين هذا الهدف". وقد أعلنا، في بيانٍ للبيت الأبيض هذا الأسبوع، أنّ الورشة ستعمل على تحقيق "مستقبل زاهر للشعب الفلسطيني والمنطقة" من خلال "الحوكمة الاقتصادية، وتطوير الرأسمال البشري وتسهيل النموّ السريع للقطاع الخاص."

 

يُشكّل هذا جزءاً من المشكلة فحسب.

"ليس بوسعكم تغيير الوضع الاقتصادي بشكلٍ فعال على الأرض ما لم تملكوا حريّة الحركة للبشر وللسلع أيضاً.  ولا تستطيعون محاربة الفقر وتحفيز النمو الاقتصادي الجماهيري إذا استمرت إسرائيل في تدمير منازل الفلسطينية وبناء المستوطنات الاسرائيلية في القدس الشرقية والضفة الغربية، بوتيرة متعاظمة. ولا يمكنكم بناء اقتصاد سليم إن بقي الفلسطينيون محرومين من الحصول على مواردهم الطبيعية.  كما أنّ ذلك كله لن ينجح أيضاً إذا واصلت الفصائل الفلسطينية تقاتلها"، تقول ترو.

 

وتابعت "أتفق مع الرأي القائل بأنّ المساعدة التي لا تنتهي لا تُعتبر حلّاً طويل الأمد. ولكن، القليل من الاستثمار والنموّ في القطاع الخاص من دون إحداث تغييراتٍ على الأرض لا يشكّل حلّاً هو الآخر."

 

وختمت مقالها قائلةً "على كلّ حال، فعلى المدى القصير الكارثي، سيتعذر إصلاح الضرر الذي ستتمخض عنه الأزمة الإنسانية التالية من دون الدعم الذي تقدّمه الأونروا للفلسطينيين، وفي ظلّ غياب أيّ بديل قابل للتطبيق."

وكالات - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد