أخبار سياسية
تربعت في الصحف العبرية الصادرة اليوم الإثنين 10/6/2019، تحليلات لما وراء تصريح السفير الأمريكي لدى الاحتلال الإسرائيلي "ديفيد فريدمان" لصحيفة "نيوورك تايمز" أمس الأول السبت حول "حق إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية" .
الصحافة العبرية لم تخف أن فريدمان ما كان ليدلي بهذا التصريح لولا معلومات أكيدة من رئيسه "دونالد ترامب" حول وجود نية لقبول أمريكي بضم "إسرائيل" لمساحات من الضفة الغربية بشكل أحادي.
هل خِتمُ ترامب قادم وقريب؟
ورأت مراسلة صحيفة "يديعوت أحرونوت" في واشنطن "أورلي أزولاي" أن فريدمان "كمحام ذكي وخبير يعرف جيداً أنه بموجب القانون الدولي، لا حق لإسرائيل بضم أجزاء من يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وربما هو تحدث عن حق الآباء، وعد إلهي، وليس عن سياسة محددة، لكنه ما كان سيقول ذلك لو أنه لم يفهم أن ختم ترامب قادم وأن نتنياهو بات في صورة الوضع".
تتابع "أوزلاي" في تقرير ترجمه موقع "عرب 48": إن تصريح فريدمان "لم يكن زلة لسان أو تعبيراً عن أمنية، وهو لم يقل أموراً تتعارض مع موقف رئيسه ترامب، وعندما تحدث عن حق إسرائيل بضم مناطق في الضفة، فإنه أدلى بأقوال أسياده".
وأشارت الصحافية إلى أن فريدمان هو أحد أكثر المقربين من ترامب وعائلة الرئيس الأميركي، وشكّل أحد القنوات للعلاقات الوثيقة بين ترامب ورئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، وهو داعم للاستيطان ويرفض حل الدولتين، ورغم ذلك فإنه عضو أساسي في طاقم إعداد ما يسمى بـ "صفقة القرن"، والتي بات مؤكدا أنها منحازة بالكامل لإسرائيل.
وأضافت أن ترامب لم يُخف استيائه من أن "إسرائيل" ذاهبة إلى انتخابات، "وقد فعل ترامب ما لم يفعله أي رئيس آخر قبله، وتدخل في شؤون إسرائيل الداخلية عندما دعا الإسرائيليين إلى تمالك أنفسهم وأشار إلى أن نتنياهو هو زعيم جيد. وقد منح ترامب نتنياهو عدة هدايا: انسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، نقل السفارة واعتراف بضم هضبة الجولان. وتأتي الآن الهدية الأكبر، ولن يفاجأ أحد إذا حدث ذلك قبل الانتخابات من أجل مساعدة صديق.
وبحسب أزولاي فإن "الإدارة الأميركية تدرك أن احتمالات تطبيق "صفقة القرن" ضئيلة، وتقدر أن الفلسطينيين سيرفضون هذه الخطة، وإذا حدث ذلك، فإن التقديرات في واشنطن هي أن نتنياهو سيعلن أنه ليس هناك أحداً يمكن التحدث معه وسيحصل على ضوء أخضر من ترامب لأن يضم بشكل أحادي الجانب أي قطعة أرض يوجد فيها مستوطنون".
"أجزاء" تعني عملياً ضماً كاملاً
ذات السيناريو يتوقعه محلل الشؤون الأمريكية في صحيفة هآرتس "جيمي شاليف" بقوله: إن "الأمريكين يصورون نتنياهو وحكومته كحمام طاهر يبحث عن سلام والفلسطينيين كرافضين للسلام، وفي أحد الأيام غير البعيدة، سيدعي نتنياهو أنه على ضوء التخريب الفلسطيني، ستتطوع إسرائيل لتنفيذ الملقى عليها في صفقة القرن، أي ضم تلك المناطق التي يقول فريدمان إنها تستحقها. وبشكل يومي تقريباً، يضيف أحد أعضاء طاقم هذه الصفقة الأمريكي دليلاً قاطعاً على أن هذا هو هدفهم الأعلى: ضم أجزاء، كأقوال فريدمان، والتي تعني عملياً ضماً كاملاً – كاملاً".
يعتبر شاليف أن "الفلسطينيين يرفضون حتى الآن استيعاب الرسالة، وهم يتحصنون في ركنهم وفي شعورهم بالإهانة، ولا يرون بالتوجه الأميركي تكتيكاً وإنما جوهر: إنهم مقتنعون بأن اليد الأميركية الممدودة نحوهم غايتها أن تخنقهم وتخنق تطلعاتهم القومية، وبالنسبة لهم، الأميركيون ليسوا وسيطاً نزيهاً وإنما بوق لنتنياهو...".
صحافة الليكود تنكر أهمية التصريح وتدعو للإسراع بتنفيذه
أما ما يسمى بـ "اليمين الإسرائيلي" فينكر الدور الكبير الذي يلعبه ترامب في تحقيق أهداف، وتمكين أركان حكم أحد أشرس أجنحته "نتنياهو".
صحيفة "يسرائيل هيوم" التابعة لحزب الليكود – الذي ينتمي له نتنياهو- ترى أن جورج بوش الأب سبق إدارة ترامب بالإشارة إلى إمكانية ضم أراضي من الضفة لـ"إسرائيل".
وبحسب المحلل السياسي في الصحيفة "أمنون لورد" فإن تصريح فريديمان فإن الرئيس جوج بوش اعترف بتغيّر طرأ على الأرض منذ العام 1967، وأنه ينبغي أخذ ذلك بالحسبان في إطار تسوية سياسية، وإن السفير الأميركي يتحدث الآن عن ’حق’. ومن الناحية العملية، هذا نفس الشيء".
وفي تفصيل يبدو أنه دعاية انتخابية، أو دعوة صريحة للإسراع في الضم" أكثر من كونه تحيليلاً يضيف لورد: "هذا يعني أنه إذا شكلت دولة إسرائيل، في مرحلة ما في القرن الـ21، حكومة قانونية، فإن الإدارة الأميركية الحالية ستكون مستعدة لإزالة موضوع التسوية الذي يستند إلى خطوط 67 عن الأجندة، وستكون مستعدة على ما يبدو للاعتراف بسيادة إسرائيلية على الكتل الاستيطانية في يهودا والسامرة أو بسيادة على كافة المستوطنات في يهودا والسامرة".
في مقابل "إذا انتخبت إدارة ديمقراطية مرة أخرى، العام المقبل، فإن كافة مبادرات ترامب في الموضوع الفلسطيني ستجتث، وتعود إسرائيل إلى حالة النضال والضغوط السياسية غير المتوقفة في الحلبات المختلفة، والتي تمكنا من نسيان وجودها".
موقف فلسطيني موحد .. ولكن!
في مقابل هذا التهافت من قبل الصحافة العبرية لترجمة التصريحات الأمريكية، لم يملك الفلسطينيون سوى التعبير عن الغضب - الذي جمع منظمة التحرير وفتح مع حماس وقوى اليسار- وهو تناغم في ردود الفعل ربما كان مطلوباً في كافة الملفات، ليس فقط تلك التي ترهص بهزائم مدوية للجانب الفلسطيني، بدءاً بالاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال، والسعي لإسقاط حل الدولتين _الرهان الوحيد للسلطة- وليس انتهاء بالمحاولات الحثيثة المقترنة بتحركات جدية لتصفية قضية اللاجئين.
وقالت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية: إن تصريح فريدمان يشكل تحريضاً مباشراً لنتنياهو وأركان حكمه للإقدام على ضم أجزاء من الضفة الغربية، وأن التناغم الأميركي الإسرائيلي الحاصل يهدف إلى الدفع بهذه القضية الى دائرة الجدل والنقاش في أمريكا و"إسرائيل" والعالم، لتوفير البيئة الملائمة من أجل تنفيذ خطوات فعلية على الأرض بهذا الشأن، متفق عليها بين نتنياهو وترمب.
وفي بيان لها أكدت الخارجية أن "تصريح فريدمان يهدف الى شطب مرجعيات عملية السلام القائمة على القانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها".
وأشارت إلى أن تصريحه ليس صدفة، ويعكس بتفاصيله ومضامينه وإيحاءاته موقفاً أيديولوجياً متطرفاً يتطابق بشكل كامل مع اليمين المتطرف في "إسرائيل"، واعترافاً صريحاً من جانب إدارة ترمب بحقيقة توجهاتها العدائية تجاه الفلسطينيين، وانحيازها الكامل للاحتلال والاستيطان، وهو ما اعترف به فريدمان عندما تحدث عن إجراءات لـ (معاقبة) الفلسطينيين لأنهم عارضوا الخطوات الأمريكية، وبكلمات أخرى فإن فريدمان يعرض على الفلسطينيين إما القبول بتصفية قضيتهم أو معاقبتهم في "منطق" شاذ وفريد من نوعه يعكس رؤية "شوفينية" عنصرية بغيضة يمثلها شخص ظلامي مثله.
من جهته، اعتبر الناطق باسم حكومة السلطة "ابراهيم ملحم" أن تصريحات السفير الأميركي تكشف المستور الذي تتكتم عنه واشنطن بشأن صفقة القرن.
ودعا ملحم في حديث تلفزيوني إلى الدول العربية إلى رفض التطبيع في إشارة إلى مؤتمر البحرين.
إمكانية اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية
عضو اللجنة المركزية في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني قال لموقع "العربي الجديد" : إنّ تصريحات فريدمان لا تمثّل مصالح أميركا، بقدر ما تمثل مصالح المستوطنين والحكومة الإسرائيلية المتطرفة، وهي محاولة من الإدارة الأميركية لفرض شرعيتها بدلاً من شرعية القانون الدولي، ولذلك "نتعامل معها على أنها تدخل فظّ في الشأن الداخلي ومحاولة لفرض القانون الأميركي علينا بالقوة".
وحول ردّ القيادة الفلسطينية على هذه التصريحات، أكد مجدلاني أنّ "الردّ سيكون عبر اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية والأمين العام للأمم المتحدة، لاتخاذ الخطوات اللازمة تجاه هذه التصريحات التي تناقض قرار مجلس الأمن الخاص بالاستيطان رقم 2334".
في وقت سابق، كان ممثلون عن الفصائل الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني قد عقدوا اجتماعاً تشاورياً موسعاً في مدينة البيرة، أمس الأحد، لإقرار فعاليات لمواجهة مؤتمر البحرين الإقتصادي المزمع عقده يومي 25 و26 من الشهر الجاري، وشدد عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" ومنسق القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية، واصل أبو يوسف على وجود موقف فلسطيني جامع برفض حضور المؤتمر.
وأشار إلى أنّ الترتيبات الحالية تبحث كيفية الخروج بشكل لائق، جماهيرياً وشعبياً في الضفة الغربية، بالتنسيق مع لجنة المتابعة العربية في الأراضي المحتلة عام 1948، والإطارات المختلفة في مخيمات الشتات، والعديد من عواصم العالم.