فلسطين المحتلة
أنهت اللجنة الاستشاريّة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" اجتماعاتها التي بدأت أعمالها على ساحل البحر الميّت في السابع عشر من حزيران/يونيو واستمرت ليومين، وذلك لمناقشة الدعم المُقدّم للوكالة في الوقت الذي لا تزال تقوم فيه بتلبية احتياجات الملايين من لاجئي فلسطين.
وترأس اجتماعات اللجنة لهذا العام السفير التركي كوركوت غونجن، علماً بأنّ نائب رئيس اللجنة رفيق خرفان المدير العام لدائرة الشؤون الفلسطينية في الأردن، وكانت تركيا قد تسلّم رئاسة اللجنة الاستشارية لوكالة الغوث منذ مطلع تموز/يوليو 2018، وهي المرة الأولى لها في هذه اللجنة، وهي رئاسة دوريّة سنويّة.
هذا وحضر اجتماعات اللجنة الاستشاريّة (25) دولة عضو في اللجنة والدول المُضيفة للاجئين وجامعة الدول العربيّة، وأربعة دول ضيفة لهذا العام، وهي الصين والهند وأفغانستان والمكسيك.
وقبل الاجتماع، كان تقرير لأداء "الأونروا" قام به بعض من كبار الجهات المانحة في العالم قد وجد أنّ وكالة الغوث "كفؤة ومرنة وتتمتع بالعزيمة" مثلما أشاد بإدارتها القوية وبهيكلها التنظيمي القوي والمرن وبرؤيتها الاستراتيجية وبفعالية تقديمها للبرامج.
شطب أكثر من (5) ملايين لاجئ ليس وصفة للسلام
المُفوّض العام لـ "الأونروا" بيير كرينبول، الذي بدأ الجلسة، قال "إننا لا نؤمن أنّ مستقبل لاجئي فلسطين ينبغي أن يؤطر بالأونروا لعشر أو عشرين أو ثلاثين سنة إضافية أو أكثر. ونحن لا نؤمن أيضاً بأنّ شطب أكثر من خمسة ملايين رجل وامرأة وطفل تُعد وصفة للسلام والاستقرار والتعايش في المنطقة."
وأكّد إنّ الجهود الرامية إلى نزع شرعيّة لاجئي فلسطين خاطئة ومُضلّلة، ومحاولات الطعن في تعريفات اللاجئين أو فكرة المنحدرين من أصلابهم لا تخدم سوى المزيد من الاستقطاب، إنها خاطئة ومُضلّلة بنفس القدر، وتابع قائلاً "أكرر أمراً كنت قد أكدت عليه في تشرين الثاني، وإنني أفعل ذلك لأن هنالك حملة متعمدة من التشويه تجري حول هذا الموضوع: ولا يزال يتم التأكيد عليها في المحافل الدولية وفي البرلمانات وفي الاجتماعات وفي وسائل الإعلام مفادها أنّ لاجئي فلسطين يمثلون حالة فريدة نوعاً ما يتم فيها تسجيل أطفال وأحفاد اللاجئين الأصليين من قبل الأونروا، خلافاً – كما يقال – للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ويتم وصفنا على أننا نعمل على "تضخيم" عدد اللاجئين."
ووصف كرينبول ذلك بأنه "واحدة من أعظم التحريفات التي واجهتها خلال السنوات الثماني والعشرين من عملي في المجال الإنساني. وللأسف فلا يوجد هنالك أي شيء فريد في وضع لاجئي فلسطين، وهو ما يؤدي إلى زيادة عدد الأجيال المتعاقبة التي لا تزال مشردة."
وأوضح في حديثه "الحقيقة هي، طبقاً لمبدأ وحدة العائلة، أنّ الأطفال الذين يولدون للاجئين، ومن ينحدرون من صلبهم، يتم الاعتراف بهم كلاجئين من قبل الأونروا ومفوضية شؤون اللاجئين بموجب ولاية كل منهما. إنّ اللاجئين من أماكن مثل أفغانستان والصومال والكونغو والسودان وغيرها قد نزحوا لعقود وتم اعتبار المنحدرين من أصلابهم على أنهم لاجئين من قبل مفوضية شؤون اللاجئين وتمت مساعدتهم بناء على ذلك، إلى أن تم التوصل إلى حل دائم لهم."
وذكّر بتصريحات سابقة له "إنّ الفشل في حل النزاع هو الذي يعمل على إدامة أوضاع اللاجئين، وليس الأفعال التي تقوم بها وكالات المعونة. إن الاقتراح بأنّ الأونروا مسؤولة على نحو ما طيلة سبعة عقود عن حالة لاجئي فلسطين يمثل محاولة واضحة لتشتيت الانتباه عن أين تقع المسؤولية الحقيقية."
دعوة عاجلة لتقديم الدعم
على ضوء حديثه وإيضاحه أكّد المُفوّض العام على دعوته العاجلة لكافة الشركاء لتقديم نفس المستوى من الدعم الذي قدموه للوكالة عام 2018، وذلك مع اقتراب مؤتمر التعهّدات من أجل "الأونروا"، والذي سيُعقد في مدينة نيويورك في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.
ولفت إلى أنّ الدعم سيسمح باستمرار البرامج في مجالات التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية وتحسين المخيّمات والإقراض الصغير والحماية والمساعدة الطارئة، وأصرّ على الحاجة إلى احترام الأمل والكرامة للاجئي فلسطين، وأيضاً "البقاء على المسار الجماعي الناجح من أجل مجتمع لاجئي فلسطين"، وأضاف "في الوقت الذي يواجه فيه لاجئو فلسطين غيابا شبه كامل للأفق السياسي، فإنني مقتنع وبشدة بأن المحافظة على خدمات الأونروا تعد مساهمة حيوية على صعيد الكرامة الإنسانية والاستقرار الإقليمي."
جاء أيضاً في حديث المفوض العام "في النهاية، قامت اثنتان وأربعين دولة ومؤسسة – من كافة أرجاء المعمورة – بزيادة تبرعاتها للأونروا في العام الماضي وقمنا باتخاذ عدد من التدابير الداخلية الصعبة وعملنا على تقليل النفقات بحوالي 92 مليون دولار. ومن خلال هذه الجهود مجتمعة، نجحنا في العام الماضي في تجاوز عجز غير مسبوق بمبلغ 446 مليون دولار. وإنني أود حقيقةً أن أتقدم بالتقدير البالغ أيضاً للعديد من المانحين والمؤسسات من القطاع الخاص الذين ساهموا في هذا الجهد أيضاً."
وأوضح كرينبول أنّ "الأونروا" قامت بتغطية المتطلبات التمويلية بداية من كانون الثاني/يناير وحتى نهاية أيّار/مايو، وستبدأ على أيّة حال بمواجهة أرقام العجز ونقص الأموال اعتباراً من الشهر الجاري.
وفي هذا السياق قال "إنني أدعو أعضاء اللجنة الاستشارية بتواضع أن ينظروا بجدية تجاه إعلانات تمويل إضافية يمكن أن يتم إصدارها في مؤتمر التعهدات المقبل الذي سيعقد في نيويورك يوم الخامس والعشرين من حزيران. ومن جهتها، ستواصل الأونروا إدارة عملياتها وفق انضباط مالي قوي وتصميم على تحقيق المزيد من الكفاءة."
وتقول وكالة الغوث في موقعها الرسمي، إنها تواجه طلباً مُتزايداً على خدماتها بسبب زيادة عدد لاجئي فلسطين المُسجّلين ودرجة هشاشة الأوضاع التي يعيشونها وفقرهم المُتفاقم، ويتم تمويل "الأونروا" بشكلٍ كامل تقريباً من خلال التبرعات الطوعية، فيما لم يقم الدعم المالي بمواكبة مستوى النمو في الاحتياجات، ونتيجةً لذلك فإنّ الموازنة البرامجيّة لـ "الأونروا" والتي تعمل على دعم تقديم الخدمات الرئيسية، تُعاني من عجز كبير.
ولفتت الوكالة إلى أنّ تمويل برامجها الطارئة والمشروعات الرئيسيّة والتي تُعاني أيضاً من عجز كبير، يتم عبر بوّابات تمويل مُنفصلة، داعيةً كافة الدول الأعضاء للعمل بشكلٍ جماعي وبذل كافة الجهود المُمكنة لتمويل موازنة الوكالة بالكامل.
التعهّدات حاسمة من أجل:
النقطة الأولى، منع أي انقطاع لخط إمداد الغذاء في غزة لمليون شخص، وهو الأمر الذي قد يُسبّب عدم استقرار كبير في القطاع، إنّ مستويات الفقر تواصل ارتفاعها لدى لاجئي فلسطين الذين لا يزالون يعتمدون على "الأونروا" على وجه الخصوص من أجل تلبية الاحتياجات الغذائية الضرورية.
ووكالة الغوث بحاجة إلى (80) مليون دولار لهذا الغرض في عام 2019 ولم يتم تغطية سوى ربع هذا المبلغ عن طريق التبرعات المباشرة الفعلية. وقد تمت تغطية ربعين من خلال قرض من الصندوق المركزي للاستجابة للطوارئ وسلفة داخلية من موازنة البرامج لدى الوكالة.
النقطة الثانية، ضمان أنّ (708) مدرسة تابعة لوكالة الغوث تكون مفتوحة في الوقت المحدد في آب/أيلول لما مجموعه (532) ألف فتاة وصبي. وتعكف "الأونروا" حالياً على إعادة تأهيل عدد كبير من المدارس بتبرع من السعودية، لكنها بحاجة إلى التمويل من أجل ضمان أنّ التعليم نفسه يمكن أن يتم تقديمه.
وأكّد المُفوّض العام على أنّ ذلك ينطبق على كافة أقاليم عمليّات "الأونروا" وكافة طلبتها البالغ عددهم (532) ألفاً ومنهم في غزة وحدها (280) ألف فتاة وصبي، كما أكّد على ضرورة العمل سوياً من أجل تحسين المستوى الحالي المنخفض من التغطية لمناشدات "الأونروا" الطارئة للأراضي الفلسطينية المحتلة (22) بالمائة، ومناشدة الطوارئ لإقليم عملياتها في سوريا (17) بالمائة.
الدول العربية المُضيفة للاجئين
من جانبها، أكدت الدول العربية المُضيفة للاجئين "فلسطين، الأردن، سوريا، لبنان، مصر" بالإضافة لجامعة الدول العربية دعمها لـ "الأونروا" في مواجهة أزمتها المالية وكافة المؤامرات التي تستهدفها.
وقال أبو هولي، أنّ الدول العربية المُضيفة للاجئين التقت في قاعة المؤتمرات بفندق موفنبيك على ساحل البحر الميت حيث تعقد اجتماعات اللجنة الاستشارية التي بدأت أعمالها صباح الثلاثاء، بمفوض عام "الأونروا" بيير كرينبول لوضعهم بصورة آخر المستجدات، فيما يتعلق بأزمة "الأونروا" المالية.
وأضاف أنّ الدول العربية المُضيفة أكدت للمُفوّض وقوفها إلى جانب "الأونروا" من خلال التحرك المُشترك بين الدول العربية لحشد الدعم المالي والسياسي لتجديد التفويض لها وحثّ الدول المانحة وغير المانحة للتصويت لتجديد ولاية "الأونروا" والمساهمة في تغطية عجزها المالي.
وتابع أبو هولي "الدول العربية المُضيفة أكدت على استمرارية عمل الأونروا في تقديم خدماتها لحين إيجاد حل عادل لقضيّتهم طبقاً للقرار 194 وأثنت على موقف المفوض العام الداعم للاجئين الفلسطينيين وخطابه الأخير في الأمم المتحدة."
ومن جهته وضع المفوض العام للمنظمة الأمميّة الدول المُضيفة في صورة الوضع المالي، لافتاً إلى أنّ "الأونروا" تلقت ما يقارب (350) مليون دولار من ميزانيتها للعام 2019 التي تُقدّر بـ (1.2) مليار دولار، وستواجه عجزاً مالياً فعليّاً يُقدّر بـ (211) مليون دولار.
وقال إنّ "الأونروا" تحتاج إلى تغطية عجزها المالي للاستمرار في تقديم خدماتها التعليمية في (700) مدرسة يستفيد منها نصف مليون طالب وطالبة، وخدمات طبية في عيادات يزورها (8.5) ملايين شخص سنوياً.
اللجنة الاستشاريّة لـ "الأونروا"
يُذكر أنه تم إنشاء اللجنة الاستشارية بموجب قرار الأمم المتحدة (302) "رابعاً"، والصادر بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر 1949، وتم تكليف اللجنة بمهمة تقديم النصح ومساعد المفوض العام لـ "الأونروا" في تنفيذ مهام ولاية الوكالة، وعند تأسيسها كانت اللجنة مؤلفة من خمسة أعضاء وهي اليوم تضم في عضويّتها (25) عضواً وثلاثة أعضاء مُراقبين.
فيما تجتمع اللجنة مرتين سنوياً لمناقشة القضايا التي تهم "الأونروا"، وهي تسعى للوصول إلى توافق في الآراء وتقديم النُصح والمساعد للمُفوض العام للوكالة، ويلتقي الأعضاء والمراقبون بانتظام أكثر من خلال اللجنة الفرعيّة للجنة الاستشاريّة، يهدفون خلالها إلى مساعدة اللجنة الاستشارية وذلك إيفاءً لمهمة تقديم النصح للمفوض العام.