في اليوم العالمي للاجئين: الآلاف من فلسطينيي سوريا بلا صفة قانونية ويفتقدون الحماية

الخميس 20 يونيو 2019
 الآلاف من فلسطينيي سوريا بلا صفة قانونية ويفتقدون الحماية
الآلاف من فلسطينيي سوريا بلا صفة قانونية ويفتقدون الحماية

الوليد يحيى
أدّت الحرب في سوريا، إلى تهجير أكثر 120 ألف لاجئ فلسطيني إلى خارج البلاد وفق إحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا"، غالبيّتهم من أبناء المخيّمات التي تعرّضت للتدمير الشامل وشبه الشامل، كمخيّم اليرموك في دمشق، ودرعا جنوبي سوريا وحندرات في حلب، فضلاً عن مخيّمات أخرى طالتها الحرب بشكل مباشر، أو تأثرت بتبعاتها الأمنيّة والاقتصاديّة.

الآلاف من أولئك المهجّرين، لجؤوا إلى دول لا تقع ضمن نطاق عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" (تركيا، مصر، السودان، ماليزيا وتايلاند..)، ما أسقط عنهم الخدمات التي توفرها للاجئين الفلسطينيين، وفي ذات الوقت هؤلاء اللاجئون لا يحملون صفة " لاجئ"، وفق تعريف المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ما يجردهم من حقوق اللجوء وما تنطوي عليه من توفير غطاء من أجل الإقامة القانونية، وحمايتهم من مخاطر الترحيل، وتقديم المساعدات الإغاثيّة و الماليّة،  بينما كانت الكتلة الأكبر أوفر حظّاً حيث تمكّن نحو 80 ألف من الوصول إلى دول اللجوء الأوربي  بعد موت المئات غرقاً، عبر طرق البحر أو ما يسمى "قوارب الموت".

وعلى خلاف اللاجئين السوريين وغير السوريين الفارّين من مناطق النزاع، الذين تلقفتهم مفوضية شؤون اللاجئين، وظللتهم بمظلتها القانونية والحقوقية، اللاجئ الفلسطيني غير المدرج ضمن تعريف المفوضيّة - التي تحتفي يوم 20 حزيران/ يونيو من كل عام باليوم العالمي للاجئين- لا تعترف كل الدول بوثيقة السفر الصادرة عن السلطات السورية، ما يجعله عرضة لتقلبات القوانين في مناطق اللجوء التي فرّ إليها، وما يخلّفه ذلك من مخاوف وانعدام كلّي للأمان الإيوائي والوجودي.

8 آلاف في تركيا تحت تقلّبات مزاج الدولة

رصد تقرير نشرته "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أواخر كانون الأوّل/ ديسمبر، اضطراب الأوضاع القانونية للاجئين الفلسطينيين الفارّين من سوريا إلى تركيا، لكونهم يفتقدون صفة اللاجئين في البلد الخارج عن نطاق عمل " أونروا" فضلاً عن أنّ الذهنية القانونية في تركيا لا تستوعب "وثيقة السفر للاجئين الفلسطينيين" ضمن نصوصها و أدبياتها القانونية، ما سبب  حالة من ضبابية في التعامل مع ملف نزوحهم حتى عام 2015.

فمنذ بدء موجة اللجوء السوري والفلسطيني نحو تركيّا حتّى العام 2014، عانى الفلسطينيون من التباس في اعتباريتهم أمام القانون التركي، وصار الحل الحكومي التركي لحالتهم هو إحالتهم إلى ما تُعرف بـ " فروع الأمنيّات"، وهي جهة أمنية تتبع وزارة الداخليّة، حيث كان لزاماً على اللاجئ الفلسطيني أن يقبع في محدوديّة شديدة في التنقّل وممارسة يومياته بشكل طبيعي.

 عام 2015، ونتيجة التقدّم الذي حصل في المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، حول ملف اللاجئين، استحدثت الحكومة التركيّة "الإدارة العامّة للهجرة" بغية حسم ملف اللاجئين والحد من تدفقّهم إلى الدول الأوروبية، مقابل مكاسب لها من دول الاتحاد الأوروبي كحصول تركيا على حق دخول مواطنيها إلى الدول الأوروبيّة بلا تأشيرة سفر.

وفّر قرار استحداث تلك الإدارة، مكاسب للاجئين في تركيا وساوى بين وثيقة السفر الفلسطينية الصادرة من سوريا وجواز السفر السوري، من حيث منح حاملهم بطاقة الحماية المؤقتة " الكملك" والاستفادة من كافة الخدمات التي تقدمها الحكومة التركية للاجئين السوريين في تركيا من طبابة وتعليم ومساعدات إغاثيه وقانونية كاستخراج أوراق ثبوتية وغيرها.

 تقلبات القوانين والأنظمة في التعامل مع ملف حملة وثائق السفر من اللاجئين الفلسطينيين الفارّين من سوريا، ما تزال شبح خوف يخيّم على 8 آلاف لاجئ فلسطيني رغم استقرار أوضاعهم القانونية منذ العام 2015 وفق ما يؤكد كثيرون، لكن لا شيء يضمن عدم تبدل القوانين بأخرى، وفق أمزجة ومناخ العلاقات والمفاوضات التركية الأوربيّة، أو توجهات سياسية جديدة قد تطرأ على الدولة التركيّة، من الوارد جدّاً أن يدفع اللاجئون الفلسطينيون ثمنها الأكبر،  كونهم الحلقة الأضعف من بين اللاجئين الآخرين، فهم مجرّدون من أي غطاء دولي يمنحهم اعتباريّة اللاجئ، التي تحميه من الترحيل القسري وتوفّر له الغطاء القانوني إلى حين انتفاء أسباب لجوئه، الأمر الذي يدفع العديد منهم نحو مخاطر الهرب من تركيّا عبر البحر باتجاه أوروبا.

2086  في مصر بين تخفي وحرمان من التعليم

2860 لاجئاً فلسطينياً مهجّراً من سوريا، مازالوا يعيشون في الجمهورية المصرية، الخارجة أيضاً عن نطاق عمل وكالة " أونروا"، يعانون طروفاً معيشيّة وقانونية شديدة الصعوبة، مع استمرار فرض السلطات المصريّة شروطاً قاسيّة للحصول على الإقامة القانونيّة في البلاد، لا تتوفر لدى معظمهم، بالإضافة لكونهم غير معترف بهم من قبل المفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين قصدوا مصر حتّى حزيران 2013، نحو 6 آلاف، نظراً لفتح السلطات المصريّة منذ تولي الرئيس الراحل محمد مرسي، أبواب البلاد أمام حملة وثيقة السفر الصادرة عن سوريا، بلا تأشيرة دخول، إلّا أنّ تغيّر القوانين في العهد الحالي، دفع العديد منهم إلى الهجرة عبر البحر إلى أوروبا، في حين يستمر كثيرون في معايشة المعاناة اليوميّة في ظل التهميش الكامل والحرمان من أبسط الحقوق.
عدم الحصول على الإقامة، يحرم مئات الطلّاب  الفلسطينيين المهجّرين من الحصول على التعليم، وفق ما أكّد العديد منهم في وقت سابق لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، حيث تعتبر الإقامة القانونية شرطاً للتسجيل في المدارس والجامعات، الّا في حال اللجوء إلى " الدراسة السياحيّة" والتي تصل تكلفتها قرابة 5 آلاف دولار سنوياً وهو مبلغ يعجز اللاجئون عن تأمينه.

ألف لاجئ فلسطيني سوري في السودان أجانب وبلا حماية


في دولة السودان، ليس حال اللاجئ الفلسطيني الفارّ من الحرب السوريّة إلى هذا البلد العربي الإفريقي، أفضل حالاً ممن قصدوا تركيا أو مصر، فغياب المظلّة الدوليّة التي تثبّت اعتباريتهم كلاجئين مفقودة أيضاً، في البلد الخارج عن نطاق " أونروا" ولا تدرج مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة اللاجئين الفلسطينيين فيه ضمن صلاحيات عملها.

تُدرج الحكومة السودانية اللاجئين الفلسطينيين السوريين لديها، ضمن اختصاص " دائرة الأجانب" حيث يستحصل على إقامة سنوية من خلالها، وبشروط شديدة التعقيد، فضلاً عن مبلغ مالي سنوي وقدره 200 دولار، لا يسهل ادخاره في ظروف معيشيّة متدنيّة يعيشونها.

فقانون دائرة الأجانب، يفرض على الفلسطيني السوري وجود كفيل سوداني، بشرط أن يكون ذلك الكفيل شخصاً من الحكومة، أو صاحب شركة وفق عقد عمل، الأمر الذي يرتّب تكاليف إضافيّة تُدفع للكفيل، وصعوبات في إيجاده أو تجديد الاتفاق معه، وفي حال التأخّر عن تجديد الإقامة السنوية، يغرّم اللاجئ مبلغ دولار واحد عن كلّ يوم تأخير أيّ ما يعادل 50 جنيهاً سودانياً، وهو مبلغ ليس بالقليل بالمقاييس المعيشيّة في السودان .

و فضلاً عن التعقيدات القانونية وتكاليف الحصول على الإقامة، تطغى هواجس الحماية والأمن الجمعي للاجئين الفلسطينيين السوريين في السودان، على حياتهم، لا سيّما في ظل ما تشهده البلاد من أوضاع أمنيّة، حيث أنّ غياب الحماية الدولية لهم كلاجئين، وعدم الاعتراف بهم من قبل أي جهة دوليّة، وعدم قدرتهم على العودة إلى سوريا، أو الانتقال إلى أي بلد آخر بسبب عدم الاعتراف بوثيقة السفر، كلّ ذلك يشكّل عوامل خطر حقيقية، لا يجد فلسطينيو سوريا في السودان مهرباً من مواجهتها.

50 في تايلاند.. وآخرون تتقاذفهم المطارات

تمنح ماليزيا وتايلاند، اللاجئ الفلسطيني من حملة وثيقة السفر السوريّة، فيزة سياحيّة لمدّة شهر واحد، يضطّرون بعد انتهاء مدّتها، للتمديد لشهرين آخرين لقاء مبلغ مالي عن كل شهر، وبعدها لا يحق لهم ذلك الّا في حال المغادرة والعودة مجدداً.

هذا الحال تتشاركه نحو 50 عائلة فلسطينية قصدت تايلاند، تضطرّها ظروفها القانونية وعدم قدرتها على المغادرة إلى أيّ مكان آخر، للعيش في الخفاء، بعيداً عن أعين السلطات، أمّا من يُلقى القبض عليه، فيحال إلى سجن دائرة الهجرة من ثمّ يرحّل إلى الوجهة التي جاء منها.

وسُجّلت خلال الأعوام الفائتة عدّة حالات لفلسطينيين سوريين، تقاذفتهم مطارات تايلاند وماليزيا، وبعضهم تعرّض للاحتجاز فترات طويلة، دون أيّ تدخّل يذكر من المفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين، لكونها لا تدرج الفلسطينيين السوريين ضمن صلاحيات عملها.

في اليوم العالمي للاجئين، لا يبدو أن هذه الشريحة من اللاجئين الفلسطينيين تقع في قلب الاهتمام الأممي بما يخص حياتهم المعيشية وكرامتهم.

فاللاجئ الفلسطيني يختلف عن كل اللاجئين في بقاع الأرض، إذ إن قضيته سياسية بحتة تنضوي تحتها التبعات الإنسانية والمعيشية، لذا يصر اللاجئ الفلسطيني على استمرار دور "أونروا" في تقديم الخدمات له كإحدى الشواهد على نكبته، ولكن في حال وجوده ببلد لا تتوفر فيه خدماتها، فمن حقه أن يستفيد من خدمات المفوضية السامية للاجئين، بما لا يناقض خصوصية قضيته عن غيره،  خاصة فيما يتعلق باعتباريته القانونية، وضمان عدم معاملته كنكرة في دول ومطارات العالم.

 واللاجئ الفلسطيني من سوريا هو ضحية لأكثر وجوه القسوة والصلف السياسي قبحاً، فلا هو ضمن أحد الاهتمامات الرئيسية لمنظمة التحرير المتردية أوضاعها أصلاً، ولا هو معترف به كلاجئ له حقوق في الدول العربية والآسيوية والإفريقية، ولا اعتبار لوثيقة سفره في سفارات العالم أجمع، ليبقى طريق البقاء والحياة الكريمة له، هو سلوك دورب الموت نحو أوروبا، حيث يمكنه هناك تذوق طعم "الإنسانية" قليلاً، والعمل من أجل تحصيل حقه في العودة، وهو الحق الأول، الذي لولا غيابه، لما عانى كل ما يعاني الآن.

  

خاص _ بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد