فلسطين المحتلة - وكالات

 

بعد رفضٍ مُتكرر من قِبل سلطات الاحتلال، سمحت الأخيرة، الأسبوع الماضي، للصياد المُصاب، خضر سعيدي، من مُخيّم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، التوجّه إلى مستشفيات الأراضي المُحتلّة عام 1948، حيث تعرّض للإصابة قبل (7) أشهر برصاص بحريّة الاحتلال في بحر غزة، ما أدى إلى فقدان بصره.

يقول تقرير في صحيفة "هآرتس" العبريّة، إنّ الأطباء في مستشفى "وولفسون" داخل الأراضي المُحتلّة أخبروا عائلة المُصاب سعيدي، بأنّ لا أمل في أن يرى مُجدداً، في السنوات القريبة القادمة، وذلك أيضاً ما أخبرهم به الأطباء في مستشفى "الفاطميّة" بالعاصمة المصريّة القاهرة، ولا علاج ليقترحوه عليه من أجل إنقاذ عينه الأخرى.
 


وحسب شهادة الصيّاد سعيدي، أطلق جنود بحريّة الاحتلال عليه  قرابة (15) رصاصة معدنيّة مُغلّفة بالمطاط، وجميعها أصابت وجهه والنصف العلوي من جسده، في 20 شباط/فبراير الماضي، بعد أن تجاوز حدود الصيد المسموح به في غزة، حسب ادّعائهم.

ويُشير التقرير إلى أنّ خضر عمل في الصيد منذ كان عمره (13) عاماً حيث يُعيل أسرته، وفي ذلك اليوم خرج وابن عمه محمد سعيدي (31) عاماً، في الثالثة والنصف ظهراً، إلى بحر خانيونس وألقيا شباكهما، وقررا أن يعودا في مُنتصف الليل، وفي التاسعة والنصف أحاطت بهما قوارب مطاطيّة تابعة لبحريّة الاحتلال.

وكان على كل قارب (12) جُنديّاً مُقنّعاً، والسفينة الأم تُراقب الصيّادين السعيدي، الذين كانا على بُعد (9) أميال بحريّة عن الشاطئ، وهو ضمن المساحة المسموح بها في الصيد، حيث كان المسموح به (12) ميلاً بحرياً.

تابع خضر شهادته، أنه بمجرد رؤيتهما جنود الاحتلال، ترك محمد وخضر شباكهما في البحر وهربا للنجاة بقاربهما باتجاه الشرق، عودةً إلى شاطئ خانيونس، لكن لحق بهما الجنود وشرعوا بإطلاق الرصاص المعدني المُغلّف بالمطاط والرصاص القاتل عن مسافة قصيرة جداً، ما أدى إلى إصابة خضر بإحدى الرصاصات في العين اليُمنى حيث فتكت بها، والعين الثانية، وحينها شعر أنه فقد بصره، حيث كان آخر ما رآه الجنود الذين أطلقوا النار عليه.
 


فيما بعد اختطف جنود الاحتلال المُصاب سعيدي وقاربه إلى ميناء اسدود داخل الأراضي المُحتلّة، وهناك نُقل إلى مستشفى "برزيلاي" في عسقلان المُحتلّة، واضطر الأطباء لاقتلاع عينه اليُمنى فيما لم يُعرف مصير العين الثانية.

بعد مُغادرة خضر المستشفى وعودته إلى غزة، طُلب للفحص في 13 آذار/مارس الماضي إلا أنّ سلطات الاحتلال رفضت السماح له بدخول الأراضي المُحتلّة، فجرى تغيير الموعد إلى 15 أيّار/مايو، ولم يُسمح له أيضاً، فسافر بتحويلة طبيّة إلى مصر برفقة والدته عن طريق معبر رفح، وهناك أخبره الأطباء في مستشفى الفاطميّة أنه ليس لديهم ما يقترحونه لعلاج عينه الأخرى، وربما يكون في مستشفيات الأراضي المُحتلّة علاج آخر.

تجدر الإشارة إلى أنّ الصيّاد المُصاب خضر سعيدي كان قد تعرّض للاعتقال من قِبل الاحتلال بادّعاء اجتيازه الحدود المسموح بها في بحر خانيونس، وأدين بالحبس (14) شهراً قضاها في سجن "نفحة الصحراوي"، كما أصيب برصاص الاحتلال، ولتلك الأسباب منعه الاحتلال للدخول بحجّة أنه "ربما يتحوّل إلى مُخرّب يتوق للانتقام"، ورغم فقدانه بصره منعه الاحتلال من الدخول.

وحسب الناطقة بلسان مُنسق أعمال الاحتلال لصحيفة "هآرتس": إنّ "طلبه لا يستوفي الشروط اللازمة لخروج مرضى من غزة ليتلقّى علاجاً طبيّاً، حالته الصحيّة لا تُشكّل خطراً على حياته وبعكس الادّعاء، وهي لأغراض الفحص فقط وليس للعلاج."

وبعد مُحاولات عديدة استطاع في نهاية الأمر أن يحصل على تصريحٍ لدخول الأراضي المُحتلّة، دون الرد على طلب مرافقة والدته له كونه لا يتمكّن من الرؤية، إلا أنها رافقته لحاجز بيت حانون "إيريز"، ولم يسمحوا له بالعبور معه وبعد مُحاولات لساعات انتظرت فيها الأم وابنها على الحاجز، تم حل المُشكلة ورافقته إلى مستشفى "وولفسون" داخل الأراضي المُحتلّة.

في الفحص الذي أجراه أخصائي بمُعالجة الشبكيّات، لم يكن هناك أي استجابة لدى خضر، فكتب له في تقريره الطبي "العلاج غير متوفر الآن"، وأضاف أنه "ربما يتوفر العلاج في المُستقبل، ربما بعد خمس سنوات"، وينتظر فحص آخر بعد سنتين.

ومنذ أصيب لم يُغادر البيت، وتقول والدته أنه أحياناً تنتابه موجات غضب شديد، وقطع علاقاته بأصدقائه، وبعد إصابته بشهر أعاد له الاحتلال قاربه بلا مُحرّك أو قطع أخرى، ويُشير خضر إلى أنها تُقدّر بـ (7000) دولار، وبقيت الأخشاب فقط من القارب وهي مرميّة على الشاطئ الآن.

تجدر الإشارة إلى أنّ خضر قبل إصابته كان يُعيل والديه وزوجته وثلاثة أبناء وعدد من اخوته، ويسكن في غرفة واحدة مع زوجته وأبنائه في بيت العائلة، وقبل أسابيع حاول الانتحار حيث كسر مرآة في المنزل وحاول أن يؤذي نفسه بشظاياها، وبقيت آثار الجروح في يده.

وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد