دعاء عبد الحليم – مخيم برج البراجنة
لم تبشر الأمطار التي انهمرت فوق بيروت لحوالي ساعة أو أكثر قبل ظهر يوم السبت 2/11/2019 بقدوم فصل الشتاء، بقدر ما أنذرت اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات العاصمة اللبنانية بما سيلاقونه في الأشهر المقبلة من كارثة سنوية تحل بهم دون أن يجدوا لها حلاً، رغم ما يقدم للمخيمات من منح ومساعدات لإقامة مشاريع تحسين البنى التحتية وترميم المنازل الآيلة للسقوط، وتحسين تمديدات الكهرباء المتشكابة.
شبكات الكهرباء .. قنبلة احتراق موقوتة!
وكما كان متوقعاً، هطلت مياه السماء بغزارة في بداية ذلك اليوم التشريني، فامتلأت بالبلل أسلاك الكهرباء المتشابكة بشكل يعجز عن تحليله أي مهندس كهرباء، والمتداخلة أصلاً بشبكات المياه، والتي قتلت سابقاً ثمانية شبان من المخيم.
يشكو هذه الحال الحاج الستيني اسماعيل الشّعار "هذه الأسلاك الممتدة والقريبة إلى الرؤوس، مهددة بالاشتعال في كل لحظة جرء سقوط الماء عليها، وضعها هذا يشكل خطراً طيلة العام، لكنه يزداد في المطر".
ليس ما هو فوق الرؤوس فقط ما ينذر بالخطر، الأرض أيضاً بما تحوي من حفر تشكل بركاً حين تمطر، لا يستطيع اللاجئون عبورها بسهولة، ناهيك عن إهمال شبكات الصرف الصحي، وعدم صيانتها وتنظيفها.
ويذكر في هذا السياق عدة مشاريع قامت بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينييين "أونروا" لصيانة شبكة الصرف الصحي في مخيم برج البراجنة، لكن يبدو أنها لم تنجح.
اللاجئ "علي قاسم" يعزو الأسباب إلى إهمال في عمل الوكالة أو فساد يؤدي إلى استخدام مواد غير فعالة في عمليات الصيانة.
قاسم الذي كان يصلح أسلاك شبكة الانترنت التي يزود بها بعض بيوت المخيم من خلال محله، يقول إن أسلاك الانترنت تعطلت أيضاً نتيجة احتراق بعض أسلاك الكهرباء القريبة منها في بعض الأزقة الضيقة، مشيراً إلى ان أكثر المناطق المتضررة من مياه الشتاء في المخيم هي "جورة التراشحة" حيث إنها منخفضة وتصل إليها كميات أكبر من مياه الأمطار.
في "جورة التراشحة" الكارثة مضاعفة
وبالفعل توجه فريق بوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى "جورة التراشحة" ليكتشف حالاً مأساوية يعيشها معظم اللاجئين الفلسطينيين.
كانت عائلة اللاجئ الفلسطيني "ياسين عسيلي" قد انتهت لتوها من تجفيف مياه الأمطار التي أغرقت منزلها.
يجلس عسيلي أمام عتبة منزله يتسائل: في أي منزل من منازل أقاربه سيبيت ليلته مع عائلته، بعد أن غرق أثاث منزله بمياه المطر.
يقول والدموع محبوسة في عينيه بأن لا قدرة مادية لديه تمكنه من ترميم منزله ومنع وقوع هكذا كارثة، وأن "أونروا" لم تطرق بابه يوماً لتسأله حول ترميم منزله.
تسرد زوجته المريضة "ابتسام يوسفان" ما حصل معهم: "كنا نتابع الأخبار صباحاً فتفاجأنا بأن فراشنا غرق بمياه الصرف الصحي والأمطار تتدفق علينا من الباب، لا نعرف ماذا سنفعل أين سننام؟ لم يسأل عنا أحد ولم يتابع مصيبتنا أحد، ذهب زوجي إلى مكتب مدير المخيم فوجده مغلقاً."
تردف: " حتى لو وجدوه مفتوحاً فنحن نناشد منذ سنوات ونطالبهم بإعادة ترميم منزلنا وإيجاد حل لمشكلة فيضان البيت، لكن ما من مجيب، وزوجي عاطل عن العمل وليس لدينا إمكانية لصيانة البيت، نحن نعجز عن تأمين قوت يومنا من طعام وشراب، والآن خسرنا فراشنا وأغطيتنا، تتنهد وتقول "الشكوى لغير الله مذلّة".
حال هذه العائلة هو حال مئات العائلات الفلسطينينة داخل مخيم برج البراجنة، التي تطلق صرخاتها إلى المعنيين كاللجنة الشعبية و"أونروا" بفتح شبكات الصرف الصحي وتصليحها، وترميم المنازل، لكن لا صدى للصرخات.
شاهد الفيديو