فلسطين المحتلة
تتوالى ردود الفعل حول قرار الأمم المتحدة بتنحية المُفوّض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بيير كرينبول، واستبداله بكريستيان سوندرز، على خلفيّة صدور جزء من نتائج التحقيقات الدائرة في أروقة المنظمة الأمميّة منذ أشهر.
وفي هذا السياق، دعا عضو مكتب العلاقات العربيّة والإسلاميّة في حركة "حماس" علي بركة، للمُحافظة على وكالة الغوث كوكالة دوليّة مُكلّفة بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم إلى ديارهم الأصليّة في فلسطين.
وتابع في بيانٍ صدر السبت: "نحن نُشجّع الأمم المتحدة على مُحاربة الفساد في مؤسساتها وخصوصاً الأونروا، لأننا نُريد أن تصل الأموال من الدول المانحة لمُستحقّيها من اللاجئين الفلسطينيين وألا تذهب للمافيات والموظفين الكبار الذين يقومون بأعمال فساد وسرقة لأموال اللاجئين"، حسب تعبيره.
واستطرد قائلاً "نُريد أن تكون استقالة المُفوّض العام في سياق إصلاح مؤسسات أونروا، وفي سياق تلبية مطالب الدول المانحة التي تتمسك بالوكالة وتُريد مواصلة دعمها"، مُطالباً الدول المانحة وخصوصاً الأوروبية والآسيويّة مُواصلة دعمها للوكالة.
وأكّد في تصريحه أنّ الأمم المتحدة اتخذت هذا الإجراء من أجل مزيد من الشفافيّة، ولكي تصل المساعدات للمُستحقين من أبناء اللاجئين الفلسطينيين، مُشدداً على أنّ هذه المؤسسة لا يُمكن أن تُنهي خدماتها إلا بعد عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم الأصليّة."
وحمّل بركة المُجتمع الدولي جزءً من المسؤولية التاريخية عن نكبة الشعب الفلسطيني، داعياً إلى الشفافية ومُحاسبة الفاسدين، قائلاً "أن نُميّز بين الأفراد والمسؤولين الفاسدين في هذه المؤسسة وبين المؤسسة الدوليّة"، مُحذراً من أنّ الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يستغلان بعض حالات الفساد في هذه المؤسسة من أجل طرح شطب وكالة الغوث.
من جانبها، اعتبرت دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أنّ ما حصل يؤكد الحاجة لتوفير الحماية للوكالة وزيادة الدول المانحة لمُساهماتها الماليّة.
وأكّدت أنّ استقالة المُفوّض العام ونشر أجزاء من نتائج التحقيقات يؤكد كذب المزاعم الأمريكية ويتطلّب وقف الاستهداف السياسي للوكالة، خاصة وأنّ نتائج التحقيقات لم تُثبت على نحوٍ قاطع تورط الوكالة في "شبهات فساد" استناداً للمزاعم الأمريكية و"الإسرائيلية."
كما أكدت أنّ ما حصل يجب أن يُشكّل نهاية لمسلسل "أمريكي إسرائيلي" مكشوف في مراميه وأبعاده السياسية والتحريضية الواضحة، بالتخلص من وكالة الغوث وضرب مكانتها السياسية والقانونية في إطار تصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهذا ما يتطلّب من الأمين العام للأمم المتحدة أولاً إعلان نتائج التحقيق بشكلٍ مُفصّل حتى لا تبقى الوكالة رهينة للتحريض الأمريكي تحت ما يُسمّى شبهات فساد.
كما يتطلّب ثانياً من دول العالم التصويت إيجاباً لصالح التجديد ثلاث سنوات، والعمل بشكلٍ جدّي على زيادة المُساهمات المالية في مُوازنة وكالة الغوث، خاصةً تلك الدول التي علّقت مُساهماتها بحجّة انتهاء التحقيقات.
ودعت دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية الشعب الفلسطيني إلى المُراقبة الدائمة وفضح أي مُتورط في شبهات فساد، والضغط من أجل الشراكة مع إدارة الوكالة في كل ما له علاقة بالخدمات وبضرورة تحسينها.
وكانت خارجية الاحتلال قد عقّبت على قرار الأمم المتحدة بتنحية المُفوّض العام لـ "أونروا" بأنّ "إسرائيل تنظر بخطورة كبيرة إلى المعلومات التي تُنشر بشأن لجنة التحقيق، وتدعو إلى النشر الكامل والشفاف لنتائج التحقيق."
وادّعت خارجية الاحتلال أنّ ما نُشر يؤكّد ادعاءاتها بضرورة إجراء تغيير عميق وجذري في أسلوب عمل وكالة الغوث، وأنه تحت قيادة كرينبول تصاعد "تسييس الوكالة" وتفاقم العجز، وثبت أنّ أسلوب عملها بهذا الشكل لا يُمكن أن يستمر، "والتنحية هي الخطوة الأولى في القضاء على الفساد وزيادة الشفافية ومنع تسييس الوكالة."
ودعت المجتمع الدولي وكل الدول المانحة لأخذ دور في عمليّة التفكير بأسلوب عمل فعّال، وأنّ التطوّرات الأخيرة تُثبت أنّ التجديد التلقائي لتفويض "أونروا" في السنوات الثلاث الأخيرة "هو إجراء عقيم وغير أخلاقي وغير مقبول"، حسب زعمها.
فيما ادّعى وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس، أنّ أداء وكالة الغوث "يؤكد أنها جزء من المُشكلة وليست جزءً من الحل"، وأضاف "الوكالة تُدين قضيّة اللاجئين بشكلٍ سياسي واضح وتبعد كل إمكانيّة للحل."
وتابع "على المُجتمع الدولي أن يجد أسلوباً آخر يُوفّر المساعدة الإنسانيّة لمن يستحقّها ويُسقط فكرة عودة اللاجئين العبثيّة عن جدول الأعمال."
من جانبه، قال سفير الكيان في الأمم المتحدة داني دانون إنه "منذ إقامة الأونروا لم تعمل على حل مشكلة اللاجئين، وإنما حاربت من أجل إدامتها"، وزعم أنّ مجموعة القضايا ذات الصلة بإدارة الوكالة تؤكد أنه لا يوجد حل آخر إلا بإغلاقها، وأنّ "من يستخدم الأموال الدوليّة لمصالح شخصية من خلال نشر تحريض ضد إسرائيل يجب أن يُعزل نهائياً، وألا يعود إلى الأمم المتحدة"، على حد قوله.
وشهدت السنوات الماضية تحريضاً مُكثّفاً من قِبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ضد وكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين، رافقه مُحاولات وقف مُساهمات وتمويل عن "أونروا" بالإضافة للتحريض على إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني وغيره فيما يتعلّق بحق العودة وطرح التوطين كحل لقضيّة اللاجئين وإغلاق وكالة الغوث.