متابعة الوليد يحيى
تحيي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" الذكرى الثلاثين الاتفاقيّة العالمية لحقوق الطفل، وأصدرت في هذا الإطار بياناً، أثنت فيه الوكالة الدوليّة على جهودها في مساعدة الأطفال في مناطق عملياتها الخمس، وقالت فيه إنّ "ما يقارب 100% من أطفال لاجئي فلسطين الذين يعيشون في مناطق عمليات الأونروا يحصلون على المطاعيم؛ وتقوم الوكالة بشكل مستمر بتحسين مساعدتها للأطفال ذوي الإعاقات وتعمل على تمكين الأطفال من خلال برنامج البرلمان الطلابي في مدارسها".
ويأتي احتفاء "أونروا" بهذه الذكرى، في وقت تواصل فيه الوكالة الدوليّة المسؤولة عن إغاثة وتقديم الخدمات التعليمية والطبيّة والحماية للأطفال اللاجئين الفلسطينيين، تهميشها للمئات منهم ممن هجّرتهم الحرب السوريّة قسراً إلى مخيّمات التهجير في الشمال السوري، و لا يحصلون على التعليم والإغاثة والتطعيمات الطبيّة وأي نوع من أنواع الرعاية التي تقدّمها "أونروا" انطلاقاً من دورها الوظيفي المسؤول بموجب التفويض الممنوح لها من قبل الأمم المتحدة.
وتشير الوكالة إلى أنها لا تستطيع العمل في مناطق الشمال السوري نظراً لأن المنطقة لا تخضع لسيطرة الحكومة السورية في دمشق، فيما يؤكد متابعون أنه بإمكان "أونروا" التواصل مع الجانب التركي لتسهيل عملية دخول طواقمها إلى المنطقة، وأن تبرير معارضة ذلك مع التفويض الممنوح لأونرا والذي يحدد مناطق عملها في سوريا والأردن ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة غير منطقي طالما أن الشمال السوري هي منطقة سورية أي ضمن مناطق عملياتها.
وفي مجمل الأخذ والجذب في برتوكلات الأمم المتحدة ومؤسساتها تبقى الضحية الوحيدة هي الأطفال الفلسطينيين في الشمال السوري، حيث تشير متابعات "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إلى أنّ أكثر من 1500 طفل فلسطينيي يتوزعّون بين مناطق "الباب – أعزاز – عفرين – دير بلّوط و إدلب" في الشمال السوري، محرومون من تقديمات وكالة "أونروا" على كافة الأصعدة.
تعليميّاً، يؤدّي غياب دور "أونروا" إلى حرمان معظم الأطفال الفلسطينيين المهجّرين من حقّهم في تلقّي التعليم لا سيما من يقطنون في مخيّمات التهجير، أمّا من يسعون إليه فلم يجدوا أمامهم سوى ما تقدّمه بعض المبادرات المتواضعة، كخيمة التعليم في مخيّم دير بلّوط، التي يرتادها العشرات من التلامذة الفلسطينيين، لتلقّي التعليم الابتدائي، ولا يتمكّن الطالب من خوض المراحل اللاحقة وتأدية أيّ امتحانات رسميّة، التي لا تتوفر سوى في مدن يصعب على المهجّرين الوصول إليها أو العيش فيها بسبب أوضاعهم المعيشيّة المعدمة.
معيشيّاً، يؤدي غياب دور "أونروا" عن تقديم المعونات الإغاثية والمالية للعائلات الفلسطينية المهجّرة في الشمال السوري إلى توسيع دائرة عمالة الأطفال في صفوف أطفالها، في كافة مناطق وجودهم، ولا سيّما في مخيّمات التهجير حيث يفتقر اللاجئون الفلسطينيون هناك لأيّ مورد مالي، ويعتمدون في معيشتهم على ما تقدمه بعض المنظمات الإغاثيّة العاملة.
وفي هذا الصدد، عرض موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في آب/ أغسطس الفائت، في تقرير له حول أجواء عيد الأضحى في مخيّم دير بلّوط، توجّه العديد من الأطفال الفلسطينيين للعمل على بسطات لبيع بعض الأطعمة الرائجة في العيد، لمساعدة عائلاتهم الفقيرة، وسط غياب أي مظاهر تشير إلى تلقّي الأطفال الفلسطينيين اللاجئين لأي من حقوقهم الإغاثيّة من الوكالة الدوليّة المسؤولة عن حمايتهم من الجوع والعمل.
صحيّاً، غياب وكالة " أونروا" بشكل كامل عن ممارسة دورها في تقديم الرعاية الصحيّة و التطعيمات التي تحمي الأطفال الفلسطينيين المهجّرين في الشمال السوري من الأمراض الشائعة والموسميّة، يؤدي سنوياً إلى عشرات الإصابات بأمراض الحمّة واللاشمانيا والإسهال الحاد، والصدمات التحسسية بسبب التلوّث البيئي في مخيّمات التهجير، وغياب العناية الصحيّة الاحترافيّة الكافيّة للسيطرة عليها.
ويعيش معظم الأطفال المهجّرين ولا سيّما في مخيّمات التهجير، في ظروف صحيّة لا تصلح لحياة البشر، في خيام منتصبة بجوار قنوات للصرف الصحّي، أضطرّ الأهالي لشقّها من أجل تصريف بقاياهم، حتّى صارت منهلاً خطيراً لأنواع كثيرة وغير مألوفة من الحشرات القارصة، تسبب لدغاتها أعراضاً مرضيّة.
كما لا يحصل الأطفال المهجّرون على حصّتهم اليومية الكافيّة من المياه الصالحة للشرب، في انتهاك لحقّ أكّد عليه تقرير مشترك صادر عن منظمتي الأمم المتحدة للطفولة، والصحّة العالمية عام 2008، ما يوّلد مخاطر صحيّة مزمنة محدقة بالمئات من الأطفال الفلسطينيين والمهجّرين وسط غض نظر من قبل وكالة " أونروا".
وكانت "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" قد وثّقت سوء الواقع البيئي والمائي الذي يعانيه المهجّرون في مخيّم دير بلّوط، حيث لا يحصل الفرد سوى على 10 ليترات أسبوعيّاً من المياه الصالحة للشرب، وهي كميّات لا تلامس الحدّ الأدنى من حاجة الفرد للاستهلاك اليومي، والمقدّرة طبيّاً بـ 2.5 إلى 3 لتر، تزيد وتنقص بحسب الظرف المناخي المحيط بمعيشة الإنسان، ويكابد الأطفال معاناة تحصيلها من خلال قطع مسافات طويلة أو الاصطفاف في طوابير مزدحمة للحصول على تلك الكميّات الهزيلة من مياه الشرب.
وعلى ضوء كل ذلك، لطالما طالب اللاجئون الفلسطينيون المهجّرون إلى الشمال السوري، من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن تقدم إيضاحاً رسميّاً حول موقفها من اللاجئين الفلسطينيين المهجرين في مخيّمات دير بلّوط واعزاز وعفرين، وفي مدينتي الباب إدلب ، ولسان حالهم يتساءل " هل خرجنا من سوريا حتّى تهمّشنا الوكالة ؟".