لندن
أقام "مركز العودة الفلسطيني" مؤتمراً أكاديميّاً في العاصمة البريطانيّة لندن، حول أزمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وذلك بالتعاون مع مركز الجزيرة للدراسات وجامعة إكستر البريطانيّة.
المؤتمر الذي أقيم في قاعة المكتبة البريطانيّة، السبت 30 تشرين الثاني/نوفمبر، عُقد خلاله (4) جلسات عمل عُرضت فيها أوراق بحثيّة ناقشت واقع وتحديات "أونروا"، في ظل الأزمة الماليّة المُتفاقمة التي تمر بها، والضغوط الأمريكيّة التي تسعى لإنهاء عملها.
وحضر المؤتمر شخصيّات بارزة ذات اطّلاع على واقع الوكالة الأمميّة واللاجئين الفلسطينيين، وبينهم أكاديميّون ومُستشارون من بريطانيا وسويسرا والولايات المتحدة وكندا والأردن وقطر، وأبرز الحضور مايكل لينك مُقرر الأمم المتحدة الخاص بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيّة، وكارين أبو زيد المُفوّض العام السابق لـ "أونروا"، ورايتشل ايفرز مديرة الشؤون القانونيّة في "أونروا" والمُمثّلة الرسميّة للمنظمة في المؤتمر، بالإضافة لحضور السفير الفلسطيني في بريطانيا حسام زملط.
وأشار المدير العام لمركز العودة، طارق حمود إلى أنّ تصويت (170) دولة في الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة في مُنتصف تشرين الثاني/نوفمبر، لصالح مشروع قرار تجديد ولاية "أونروا" لثلاث سنوات جديدة، يُعتبر "بمثابة رفض لا لبس فيه للحملة الإسرائيليّة للقضاء على وجود الأونروا وإلغاء الحقوق غير القابلة للتصرف للاجئين الفلسطينيين، وأبرزها حق العودة."
ولفت إلى أنّ حق العودة حقّق مكانة عرفيّة في عام 1948 عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار (194) الذي يؤكد على حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وتلقّي التعويض، منوّهًا إلى أنه لم يحدث من قبل في تاريخ الأمم المتحدة أن أعادت الوكالة الدولية تأكيد القرار (194) أكثر من (135) مرة.
وأضاف أنه على نفس المنوال، أقرّ القرار (2535) بأنّ "مشكلة اللاجئين العرب الفلسطينيين نشأت عن إنكار حقوقهم غير القابلة للتصرف بموجب ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مشدداً على أنّ قرارات الأمم المتحدة الرئيسية الأخرى التي تزيد من تعزيز الحق العودة "لا غنى عنها لحل قضية فلسطين."
وأفصح حمود عن نيّة المركز إطلاق حملة دولية لجمع توقيعات اللاجئين الفلسطينيين "للتعبير عن الرفض الحازم لجميع محاولات إبطال حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة."
بدوره، نبّه الباحث عرفات ماضي في كلمة مركز الجزيرة للدراسات، إلى ما وصفها بـ"التحديات الخطيرة" التي تعصف بـ"الأونروا" واللاجئين الفلسطينيين، حيث تواجه تحديات أكثر فأكثر من إسرائيل، ومؤخرًا من الولايات المتحدة لتقليص عملها أو تفكيكها.
وقال، إنه بعد (70) عاماً منذ أن كلفت الأمم المتحدة "الأونروا" بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، لم يتم حل الأزمة، كما أنّ مستقبل اللاجئين وحقوقهم ما زالوا معرضين للخطر.
وأضاف "إنّ القضية الفلسطينية لا تزال ضمن أهم القضايا في الشرق الأوسط، في ضوء سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤيدة لإسرائيل والمواقف المتحيزة فيما يتعلق بالصراع."
ولفت ماضي أيضاً إلى أنّ القرارات الأمريكية الأخيرة المتعلقة بـ"الأونروا" والقدس ومرتفعات الجولان والمستوطنات، هي انعكاس لوجهة نظر الولايات المتحدة الأحادية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
فيما سلطت المفوض العام السابقة لـ"الأونروا"، كارين أبو زيد، الضوء على الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، في ظل الاحتلال والحصار والاعتداءات "الإسرائيلية" المتواصلة، حيث عاشت هناك مع اللاجئين الفلسطينيين من عام 2000 إلى 2010.
وقالت أبو زيد، التي شغلت منصب نائب المفوض العام لـ"الأونروا" من عام 2000 إلى عام 2005 ، قبل تعيينها في عام 2005 كمفوض عام للوكالة: "أتذكر عقودي في غزة بسرور وحزن وغضب."
وتطرّقت المسؤولة الأمميّة السابقة النقص العام للحريّات في قطاع غزة المحاصر، بما في ذلك الحق في تجاوز الحدود التي يُسيطر عليها الاحتلال، ما أدى إلى "استحالة التمتع أو حتى العيش فيما يمكن اعتباره في مكان آخر حياة طبيعية."
وذكرت أنّ البيئة التي يعيشها السكان بغزة تبدو في كثيرٍ من النواحي والأوقات مقلقة ومتناقضة بشكلٍ صارخ، خلال العقد الأخير، كما أشارت إلى تعدي سلطات الاحتلال المتزايد على المنازل والأراضي والمواقع التاريخية والدينية للفلسطينيين، والتي تحدث "بشكل منتظم."
وأكّدت مديرة الشؤون القانونية في "الأونروا"، راشيل إيفرز، أنّ استمرار وجود "الأونروا" مرتبط بتوفير احتياجات اللاجئين الفلسطينيين الأساسية نتيجة لعدم وجود حل سياسي لمحنتهم حتى اليوم.
كما شدّدت على أنّ المزاعم الأمريكية بأنّ "الأونروا" تُطيل مشكلة اللاجئين، "غير دقيقة"، لأنّ وجود الوكالة مقترن بعدم وجود حل سياسي لقضيتهم على النحو الذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتابعت قولها: "لا يزال اللاجئون الفلسطينيون لاجئين طالما لم يتم إيجاد حل لقضيتهم"، لافتةً النظر إلى أنّ "أكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني مؤهلون اليوم للحصول على خدمات الأونروا في المناطق الرئيسية لعملياتها."
وقدمت المدير القانونية لـ"الأونروا" إحصائيات مُحدّثة عن خدمات الوكالة والمُستفيدين منها، مُشيرةً إلى أنها تُقدم خدمات صحية وقائية وعلاجية لحوالي (3.1) مليون لاجئ من خلال أكثر من (140) عيادة صحية، وتابعت "من بين حوالي 5 ملايين لاجئ فلسطيني، تشير التقديرات إلى أنّ 1.2 مليون يعيشون في فقر مدقع، منهم 700 ألف، غير قادرين على تلبية حتى أبسط الاحتياجات."
أشارت كذلك إلى أنّ آلاف اللاجئين الفلسطينيين ما زالوا مُشردين، بعيداً عن أراضيهم وعائلاتهم، وما زالوا يحتفظون بمفاتيح منازلهم التي أجبرهم المُحتل على الخروج منها، عام 1948.
وجاء انعقاد المؤتمر قبيل التصويت النهائي والحاسم على تجديد ولاية "الأونروا"، الأحد الأول من ديسمبر/كانون أوّل، حيث تُصوّت كافّة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على تجديد التفويض الذي أقرته اللجنة الرابعة بأغلبية، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني.