ميرنا حامد – صور
 

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان كتب عليهم تذوق مرارة اللجوء وتداعياته أحياءً كانوا أم أموات، فتأثير القوانين المجحفة التي أصدرتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة ضدهم تلاحقهم من كل حدب وصوب، ولا تترك فسحة أمل أو ثغرة واحدة للعيش الكريم إلا وتغلقها في وجههم.

ومن المفارقات المؤلمة أن حظر إدخال مواد البناء إلى المخيمات ينعكس على مقبرة مخيم الرشيدية التي تهدم جزء من القبور فيها نتيجة طوفان مياه البحر في الشتاء، ولا يمكن ترميم القبور دون إدخال مواد البناء.
 

قمامة وأمواج بحر!

المقبرة التي تقع في أقرب مخيّمات الشتات إلى فِلسطين، تحتضن رفات شهداء واجهوا الاحتلال الإسرائيلي، في محطات عدة، ولاجئين كانوا يحلمون بالعودة إلى فلسطين التي تبعد عنهم ثلاثةً وعشرين كيلومتراً فقط.

 ولكن للأسف لا تراعى حرمة قبور هؤلاء الراقدين، فعند الدخول إلى المقبرة تفوح روائح النفايات المتكدسة بجانب القبور وفي زاوية الطريق، إضافة للأعشاب البرية التي تغطي مساحة من الأراضي المخصصة للدفن.

 كما تغطي أمواج البحر قبور الأموات مع كل عاصفة تهب في فصل الشتاء، ومعظمها يصل إلى البيوت السكنية المقامة داخل الأراضي التابعة للمقبرة والتي تخترق حرمة المقابر بشكل كبير.
 

هل إدخال مواد ترميم القبور جريمة؟

من المسؤول عن حرمة مقبرة مخيم الرشيدية؟ سؤال طرحه "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" على أحمد أبو الدهب، أمين سر اللجنة الشعبية في مخيم الرشيدية بالوكالة، مجيباً أن "رجال الدين هم مسؤولون عن حرمة المقبرة إضافة للجنة الشعبية التابعة للمخيم وهي المعنية بمتابعة الخدمات الاجتماعية لسكانه".

وأضاف أبو الدهب: "بالتأكيد هناك حرمة للقبور لأنه محفور عليها آيات قرآنية، لكن نتيجة الحصار المفروض على المخيمات الفلسطينية، وقرار منع إدخال مواد البناء إلى المخيمات سهل انتهاك خصوصية المقبرة".

ورأى أن "منع إدخال مواد الإعمار انعكس على الأحياء والأموات، فكثير من الشبان في المخيمات، لم يجدوا أمامهم سوى ركوب قوارب الموت والهجرة، جراء تكبيل حياتهم بقوانين جائرة، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة وارتفاع معدلات البطالة، فضلاً عن ارتفاع أسعار مواد الإعمار بسبب الاحتكار الذي يقوم به بعض التجار، ما يؤثر على بناء المنازل للأحياء والقبور للأموات بحيث تحتاج المقبرة لحوالى مئة ألف حجر."

وأضاف أبو الدهب أن "هذه المخيمات تكرس عنواناً للكرامة والعنفوان ولا يوجد فلسطيني يفكر بالتوطين، فوجهتنا وقبلتنا وطريقنا هو فلسطين فقط، كانوا يراهنون أن الكبار يموتون والصغار ينسون، لكن هؤلاء الكبر شربونا الحليب الفلسطيني الأصيل الذي بقي متجذراً فينا كجذور الأرض".

وأشار أبو الدهب إلى أن "قائد الأمن الوطني أبو عبدالله وقائد القوة الأمنية أبو رامي وبعض الشباب المتطوعين يقومون بتنظيف المقبرة وإضاءتها ثلاث مرات في السنة، ليلتي عيدي الفطر والأضحى، وليلة الأول من شهر كانون الثاني/ يناير تزامناً مع انطلاقة حركة فتح، بحيث يقومون بزيارة قبور الشهداء".

وتابع: "هذه المرات ليست كافية، صحيح هناك إهمال، ولا ننكر تحمل أهالي المخيم المسؤولية الكبيرة لذلك لأن كل إنسان قادر على تنظيف قبور أمواته، ما يولد حالة من المشاركة الجماعية في الحفاظ على حرمة المقبرة ونظافتها".
 

مسؤولية متبادلة

"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" استطلع أيضاً بعض آراء أهالي مخيم الرشيدية حول واقع المقبرة التي يرقد فيها ذووهم وأعزاء على قلوبهم.

فأكد اللاجئ زهير قاسم أن "الرشيدية فيها كل مقومات الحياة الجميلة كالشوارع والبحر القريب والجو النظيف، لكن الناس لا تحافظ عليها".

ورأى أنه "لو كل شخص قام بتنظيف جوانب قبور ذويه لكانت المقبرة أصبحت نظيفة، لكن نحن الشعب الفلسطيني أصبحنا نعتمد على أشخاص أخرى في عملية تنظيف المقبرة كالجمعيات والمؤسسات والتنظيمات السياسية".

أما اللاجئ نمر دياب فقال إن "مقبرة الرشيدية ليست نظيفة أبداً، فالناس تقوم برمي النفايات فيها، ويجب تنظيفها عبر منع الناس من رمي النفايات فيها وقص الأعشاب منها".

 هي إذاً، في قضية النظافة، مسؤولية متبادلة بين اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم، واللجان الشعبية السؤولة عن الخدمات في المخيم، فلماذا لا يقوم كل منهم بواجباته تجاه المقبرة الوحيدة في المخيم، أما بما يخص قضية ترميم القبور فيظل رهينة قوانين السلطات اللبنانية التي يطالب لبنانيون قبل الفلسطينيين بتغييرها، لتتلاءم مع حقوق اللاجئ الفلسطيني الإنسانية.
 

شاهد التقرير

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد