لاهاي
رفضت المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي، فاتو بنسودا، مزاعم الاحتلال بأنها مُنحازة لصالح الفلسطينيين، في أعقاب القرار الذي أعلنته قبل أسبوع نيّتها فتح تحقيق في ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة.
وفي مُقابلة مع صحيفة "معاريف" العبريّة، أجابت بنسودا على سؤال عن عزمها فتح تحقيق ضد الاحتلال وكيف سيتم إجراء التحقيق، إذا وافقت المحكمة على ذلك، فقالت: "المحكمة الجنائيّة الدوليّة تعمل وفق مبدأ المسؤوليّة الشخصيّة عن الجرائم، ولا تتعامل مع النزاعات بين الدول."
وأضافت "أنا لا أجعل تفاصيل التحقيق علنيّة، لكن في الوضع الحالي، لم يُفتح التحقيق بعد، وأتوقع أن يبت القُضاة في الأمر في غضون 120 يوماً، لكن يُمكنهم اتخاذ قرار بشأن فترة زمنيّة أقصر أو أطول، كما أوصيت بأن يأمر القُضاة بالسماح بتقديم الحُجج من الأطراف المعنيّة."
وتُشير الصحيفة إلى أنّ مكتب بنسودا يُدرج في قائمة الجرائم التي ستُحقق في ارتكابها من جميع الأطراف، بما في ذلك جيش الاحتلال وحركة "حماس" وما أسمته "الجماعات المُسلّحة."
وفي ردٍ على سؤال حول هويّة "الإسرائيليين" المُتهمين بارتكاب جرائم حرب، وما إذا كان سيتم استدعاؤهم للمحكمة، أجابت بنسودا: "في هذه المرحلة لم تُوجه أي تُهم ضد أي إسرائيلي أو فلسطيني، ولم يتم فتح التحقيق بعد."
وحول اتهامات انحيازها للفلسطينيين ومُعاداتها للاحتلال، قالت: "هذا خطأ، فأنا أعمل بأقصى قدر من الاستقلال والموضوعيّة والإنصاف والصدق، وأي مُحاولة لإثبات أو تأكيد العكس هي ببساطة مُضللة ولا أساس لها ومُخالفة للواقع، هذه مُحاولة لتشتيت انتباه مُعظم الناس ولن تؤدي هذه المحاولات إلى تغيير الحقيقة البسيطة المُتمثّلة في قيامي بعملي باحترام واستقلاليّة وموضوعيّة."
وأضاف مكتب المُدعية العامة: كُنّا على اتصال مُنتظم بالسلطات الفلسطينيّة والسلطات الإسرائيليّة ومُمثليهم خلال الفحص الأوّلي للوضع في فلسطين."
وتأتي تصريحات بنسودا في أعقاب اتهامات من مسؤولين لدى الاحتلال ورئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالانحياز للفلسطينيين، مُعتبراً ذلك "يوم أسود للحقيقة والعدالة"، واتهم المُدعية العامة بمُعاداة الساميّة.
وفي تقريرٍ لـ "القناة 12" لدى الاحتلال قبل أيام، نقلت عن مصادر رفيعة في "تل أبيب" قولها بأنّ قرار المحكمة الجنائيّة هو صفعة قاسية للاحتلال الذي عمل دون كللٍ أو ملل على إقناع المُجتمع الدولي برفض الطلب الفلسطيني بالشروع في التحقيق.
ولفتت المصادر إلى أنّ القرار سيُعرّض الكثير من المسؤولين "الإسرائيليين" والموظفين العاديين والضبّاط والجنود، للمُساءلة والمُحاكمة في العديد من الدول الغربيّة، على حد تعبير المصادر.
من جهته، اعتبر المُستشار القانوني لحكومة الاحتلال أفيخاي ماندلبليت أنّ المحكمة الجنائيّة ليس لها اختصاص للنظر في هذه القضيّة، مُشيراً إلى أنّ الفلسطينيين يسعون لجعل المحكمة تحسم القضايا السياسيّة التي يجب حلّها عبر مفاوضات، وليس من خلال مُرافعات جنائيّة.
بدوره، قال رئيس اللجنة الوطنيّة المسؤولة عن المُتابعة مع المحكمة الجنائيّة الدوليّة صائب عريقات، إنّ قرار مكتب المُدعية العامّة للمحكمة فاتو بنسودا، الطلب من الدائرة التمهيديّة فيها إصدار قرار للبث في اختصاصها الإقليمي في فلسطين، خطوة إيجابيّة ومُشجّعة تُقرّب فلسطين من فتح التحقيق الجنائي في جرائم الحرب التي ارتُكبت فيها.
وأضاف عريقات في بيانٍ عن رد فعل الاحتلال على هذه الخطوة والادّعاء بعدم وجود اختصاص قضائي للمحكمة على أرض فلسطين، أشار عريقات إلى أنّ الاحتلال يضع قوانينه المُصمّمة من أجل شرعنة الاحتلال والاستيطان والضم فوق القانون الدولي، وتتنافى بشكلٍ كامل معه، خاصة وأنه يؤكد حق دولة فلسطين في السيادة على أرضها حتى حدود 1967 بما فيها القدس الشرقيّة.
وذكر أنه وفقاً لميثاق روما فإنّ انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة يُعطي المحكمة الصلاحيّة القانونيّة لمُلاحقة جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال فوق الأرض الفلسطينيّة، وعلى المحكمة أن تتيقّن من إصرار الاحتلال المُضي ببرنامجه الاستعماري ومُواصلة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وأرضه دون حسيبٍ أو رقيب.