مخيم برج البراجنة – جنوبي بيروت
مع استمرار أزمة الكهرباء في مخيم برج البراجنة، وتفاقم معاناة الأهالي بين أسعار الاشتراك الباهظة وانقطاع الكهرباء، أعلنت لجنة المتابعة للمولدات الكهربائية في لبنان وقف وضع تسعيرة اشتراك المولدات في مخيم برج البراجنة، أهالي المخيم إلى تركيب عدادات الكيلو وات، في وقت تبرع فيه فلسطينيون من الدنمارك بتغيير علب الكهرباء الحديدية في ربع المخيم، واستبدالها بأخرى خشبية غير قابلة لنقل التيار.
دعوة جديدة إلى تركيب عدادات
وقررت لجنة المتابعة للمولدات الكهربائيّة في لبنان، وقف إصدار تسعيرة اشتراك مولدات الكهرباء في مخيّم برج البراجنة لشهر شباط/فبراير الحالي، ودعت الأهالي إلى تركيب عدادات الكيلو وات "لوقف استمرار نظام المقطوعية وما يترتب عليه من مظالم وهدر والأطماع المتبادلة"، وفق ما جاء في بيان صادر عن اللجنة.
ووضعت اللجنة في بيانها الموجّه لأهالي المخيّم، هذا الإجراء ضمن سياسة لضبط الإنفاق وتخفيف العبء المالي على أصحاب الدخل المحدود، وخاصة في المخيمات الفلسطينية بهدف مواجهة ارتفاع أسعار الدولار والسلع الاستهلاكية، وكذلك فاتورة الاشتراك وفق البيان.
وأوضح البيان، أن "المواطن الفلسطيني، ضمن نظام المقطوعية، يضطر لدفع فاتورة مقابل بضعة أمبيرات، لينير بها ظلمته أيام الشهر، وذلك بسبب نظام الساعات المقطوعة غير العادل الذي يفرض على المواطن مبلغاً مقطوعاً، دون أي اعتبار لما استهلك وصرف من كهرباء، ودون أن يمتلك أي قدرة في التحكم في مصروفه".
استجابة غير كافية خلال السنة المنصرمة
وفي السياق، قالت اللجنة: إنّها طالبت على مدى سنة كاملة أهالي مخيّم برج البراجنة لتركيب عدادات وترك نظام المقطوعيّة، وذلك "منذ أن حسمت الدولة اللبنانية أمرها وأجبرت كل أصحاب المولدات على اعتماد نظام عدادات الكيلو وات، الذي يؤمن العدالة لصاحب المولد والمواطن على حد سواء من خلال تحكم المواطن في حجم مصروفه دون أن يضطر إلى دفع ثمن ما لم يستهلك" وفق البيان.
وتابعت، أنّ "الاستجابة لم تكن للأسف كافية لأسباب متعددة، منها تهويل أصحاب المولدات وتعقيداتهم، ومنها الرغبة في عدم تحمل المسؤولية وضبط المصروف، مما أجبر اللجنة على الاستمرار في إصدار التسعيرة وفق نظام المقطوعية بحسب ساعات القطع في كل محطة، رغم ما كان يتسبب به ذلك من صراعات ومشاكل مع كل أصحاب الأنانيات سواء كانوا مواطنين أو أصحاب مولدات حتى وصل الأمر إلى تجاوز القدرة على الاحتمال".
وأضافت أنّها "قد حاولت منذ بداية الشهر الجاري، فرض نظام تقنين على المولدات ووقف التشغيل الذي لا ضرورة له لمدة ست ساعات يومية في أوقات ليست حرجة" مشيرةً إلى أنّ "هذا أيضا لم يعجب البعض الذين أصروا على الحصول على كهرباء ٢٤ ساعة رغم علمهم بأن هذا سيتسبب في ارتفاع كبير للفاتورة وهو ما وصلنا إليه وأيقظ الغافلين من غفلتهم " وفق ما جاء في بيانها.
خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن؟
وفي هذا الصدد، اعتبر الكاتب الفلسطيني والناشط في المخيم، أحمد الحاج، الدعوة إلى تركيب عدادات خطوة في الاتجاه الصحيح وتوفر الكثير على الناس وتكيّفهم مع فكرة توفير الطاقة.
لكنه، في نفس الوقت، عدد أسباباً أخرى تغذي مشكلة الكهرباء في مخيم برج البراجنة.
وقال إن غرف الكهرباء وتغذيتها لا تكفي لأبناء المخيم، إذ إن المخيم الذي كان يقطنه في السابق نحو سبعة آلاف نسمة، بات يضم اليوم حوالي خمسين ألف نسمة.
كما أن غياب الإدارة الموحدة التي تتولى إدارة الكهرباء وغيرها من الخدمات، يشكل فرصاً لمن يريد أن يزداد ثراء بالفساد ولمن يريد أن يستثمر في هذا الفراغ، بحسب الحاج.
هذا من ناحية التنظيم، أما ناحية طرح المشاريع، مع الدولة اللبنانية أو "أونروا" أو غيرها من المنظمات، فإن وجود أكثر من لجنة شعبية إلى جانب الوفود المنقسمة، يحول دون أخذ المشاريع المقترحة على محمل الجد.
وشدد الحاج على غياب المتخصصين، بل وانتشار المحسوبيات الاستزلام والفساد، ما ساهم في تبؤ أناس غير متخصصين مراكز قيادية.
هذه المشاكل، أدت إلى غلاء الاشتراكات من جهة، وتحكّم أصحاب المولدات من جهة أخرى.
وبحسب الحاج، فإن المجتمع المحلي يتحمل جزءاً من المسؤولية، لأنه لم يثر ثورة كاملة ضد الفساد ولأنه صبر عليها أكثر من اللازم، إضافة إلى مسؤولية ممارسة العشوائية.
لكنه يعود ويستدرك "نحن نتحدث عن مجتمع فقير يعيش داخل عشوائيات ستنعكس على البيئة والنفسية.. نعيش في ظروف غير طبيعية من الصعب أن نمارس حياتنا بشكل طبيعي أو منظم مئة بالمئة".
وفيما يتعلق بالحلول، يركّز الحاج على ضرورة وجود سلطة تفرض تسعيرة معينة، وعلى أهمية أن يشعر أصحاب المولدات بمعاناة الناس وسوء الأوضاع الاقتصادية، إلى جانب البدء بحركة احتجاجية تعبر عن هذا الضيق والغضب والوجع في صفوف اللاجئين الفلسطينيين.
ردود فعل سلبية تجاه الدعوة إلى تركيب موالدات
بالمقابل، أثار الإجراء الذي أعلنت عنه لجنة المولدات الكهربائيّة، ردود فعل سلبيّة لدى بعض أهالي المخيّم، الذين اعتبروا أنّ اللجنة تضعهم تحت الأمر الواقع، من أجل تركيب عدادات باهظة التكاليف لا يمتلكها الناس، في حين أنّ الاشتراك خارج المخيّم أرخص مما هو عليه في الداخل.
وقال اللاجئ من أبناء المخيّم تميم تميم في تعليق على البيان، إنّ تكلفة تركيب العداد 150 ألف ليرة لبنانية، تذهب 100 الف منها تأمين، و30 الف سعر للعداد، و20 ألف أجرة تركيب، مضيفاً أنّه دفع اشتراك الكهرباء للشهر الفائت 70 الفاً لـ2.5 أمبير " أمبيرين ونصف"، "وهذا يعني أنّ ما سيجري توفيره في العداد، يجري دفعه مسبقاً" وفق قوله.
واعتبر آخرون، أنّ المشكلة ليست في نظام المقطوعيّة، بل في تسعيرة الكهرباء في المخيّم التي تفوق المناطق المجاورة أكثر من الضعفين، حيث يبلغ اشتراك 2.5 أمبير في المخيّم 70 الفاً تزيد وتنقص حسب عدد ساعات التغذيّة، في صحين يبلغ سعر اشتراك 5 امبير في مناطق ضاحية بيروت الجنوبية المحيطة بالمخيّم 50 ألفا فقط.
مغتربون فلسطينيون يتبرعون لتغيير علب الكهرباء في ربع المخيم
ومع تجاوز ضحايا الكهرباء الثمانين، آخرهم الفتى محمد نبيل أسعد عكاشة (16 عاماً)، والذي توفي جراء تماس كهربائي منتصف الشهر الماضي، تبرع فلسطينيون في الدنمارك بمشروع لتغيير علب الكهرباء الحديدة في ربع المخيم، واستبدالها بأخرى خشبية غير قابلة لنقل التيار.
وتجدر الإشارة إلى أن علب الكهرباء الحديدية أدت إلى حالات وفاة لعدد من الأطفال والعاملين في المخيم.
وتعليقاً على هذه المبادرة، أكد الحاج أن لدى الفلسطينيين في لبنان ثروة لم تستثمر بعد هي المغتربين الفلسطينيين، فالشتات قوة للفلسطينيين أينما وجدوا.
وأكد أنه لولا هذا التفاعل لكان الوضع أسوأ بدرجات كبيرة عما هو عليه الآن، إذ إن معظم المشاريع الخيرية تأتي من هؤلاء المغتربين.