حوار صابر حليمة
تعاني الرواية الفلسطينية، وتحديداً تلك الموجودة والمتداولة عبر محركات البحث على شبكة الانترنت، من إغفال وطمس لكثير من الحقائق والوقائع التي جرت، ولا تزال، في أرض فلسطين، بفعل سياسة الاحتلال المستمرة في الترويج لرواياته المزعومة ودفع المبالغ الهائلة لنشرها.
وفي هذا الصدد، تبرز الحاجة الفلسطينية الملحة إلى مشاريع تساهم في رفع مستوى الوعي لدى الشباب الفلسطيني حول حقيقة ما حدث في فلسطين، بهدف مجابهة الرواية الصهيونية.
يعتبر موقع الموسوعة الحرة "وكيبيديا"، من أبرز المواقع التي يسخّر الاحتلال جل إمكانياته لنشر روايته فيها ومجابهة أي رواية فلسطينية مضادة، وذلك لأن هذا الموقع من أوائل المواقع التي يقصدها الباحثون عن أي معلومات مهما تنوعت مجالاتها.
من هنا تأتي أهمية مشروع "ويكي فلسطين"، الذي درب عدداً من الشباب الفلسطيني، وعمل معهم على تحديث أو تعديل معلومات تتعلق بالقضية الفلسطينية، وتحديداً النكبة، داخل "ويكيبيديا".
ما هو مشروع "ويكي فلسطين"؟
وفي حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أشارت منسقة "ويكي فلسطين"، حنان حبيب الله، أن المشروع يأتي ضمن إطار شبابي تثقيفي وتوعوي وريادي، عمل في الموسوعة الحرة "ويكيبيديا"، لتحديث مقالات قائمة، أو إضافة مقالات جديدة تتعلق بفلسطين والشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
وأوضحت أن المشروع، الذي أقيم بين مركز "إعلام" وجمعية الدفاع عن حقوق المهجرين بتمويل مؤسسة التعاون، ركز بشكل أساسي على التهجير والقرى والمدن المهجرة، وخاصة في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، حيث جرى العمل على إضافة أسماء شخصيات فلسطينية مهمة، كان لها دور في بلورة الخطاب الفلسطيني، ولا يوجد لها أو عنها مقالات في الموسوعة المذكورة.
هذا العمل، سبقه تدريب حول التعامل مع "ويكبيديا"، وزيارة أكثر من 35 قرية ومدينة مهجرة ولقاء أهاليها، إلى جانب توثيق معلومات وذاكرة المهجرين من المكان بالصورة والفيديو.
500 مقال محدث جديد حول فلسطين في ويكبيديا
أشارت حبيب الله، إلى أن المشروع يأتي في ظل الحاجة الماسة لخلق وتشجيع المبادرات الفلسطينية المنظمة والمنهجية والعصرية، لمواجهة مساعي الطمس والتضليل والتشويه وجهود تغليب الرواية الإسرائيلية، حيث درب الاحتلال وجنّد فرقاً تعمل على تعزيز الرواية الاسرائيلية وشطب المضامين الفلسطينية.
كما ذكرت أن المضامين التي عمل عليها فريق "ويكي فلسطين"، تساهم برفع وتعزيز الوعي بالنكبة والقضية الفلسطينية، من خلال تعريف متصفحي الموسوعة الحرة عليها.
واعتبرت حبيب الله أن المشروع ريادي كونه لم يكتف بالتدريب، بل التزم بالإنتاج أيضاً، حيث تم تحديث وإنشاء أكثر من 500 مقالة في الموسوعة الحرة.
كيف يمكن البناء على هذا المشروع؟
لم تنف حبيب الله أن "ويكي فلسطين" هو تحد غير يسير، خصوصاً في ظل الحرب الإلكترونية القائمة جراء النشاط الكبير للفريق المجند من قبل الاحتلال، والذي يعمل بجهد على تعزيز روايته الصهيونية في ظل غياب المحررين والفرق العربية.
وعليه، شددت حبيب الله، لا بد من الاستمرار في هذا المشروع لزيادة المضامين الفلسطينية من خلال تدريب محررين يقومون بالدور المطلوب لتعبئة الفراغ ونشر المعلومات المتعلقة بجذور الصراع والقضية الفلسطينية، وكذلك الاستمرار في مشاريع أخرى تخدم القضية.
ولهذا، أصدر مركز "إعلام" في نهاية المشروع دليلاً للتعامل مع "ويكيبيديا"، يهدف إلى إكساب المتصفح العربي الفلسطيني آليات في التصفح على الموسوعة الحرة وإضافة قيمٍ وتحديث أخرى في الموسوعة الإلكترونية، كما أنه يسهل التعامل معه للأجيال القادمة، وفق حبيب الله.
كما ويُعنى الدليل بتسهيل التعامل مع المواد المنشورة في "ويكيبيديا"، على "أمل أنّ يتم زيادة المقالات والقيم المتعلقة بمجتمعنا العربي الفلسطيني".
هل هناك مشاريع مستقبلية في هذا الصدد؟
وحول المخططات المستقبلية، أشارت حبيب الله أن جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين تعمل على نشر الرواية الفلسطينية بالكلمات وبالصورة وبشهادات ضحايا النكبة وتعزيز الوعي لدى ابناء وبنات شعبنا الفلسطيني، وذلك من خلال هذا المشروع، ومشاريع أخرى، مثل مشروع "الجولات الشهرية" التي تقام في القرى والمدن المهجرة، والتي يرافقها أبناء وبنات الجيل الأول للنكبة، ومشروع "نساء على درب العودة" ومشروع "التوثيق الشفوي" و"مسيرة العودة السنوية"، التي يشارك بها عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
وأكدت "تخطط الجمعية للاستمرار في مشروع "ويكي فلسطين" بهدف تدريب مجموعات أخرى من شرائح مختلفة وستواصل العمل لتنظيم جولات أخرى في المدن والقرى المهجرة ونشر المعلومات والوثائق والصورفي الإعلام والشبكات الاجتماعية".