خانيونس - قطاع غزّة
 

أفاق الفلسطينيون والعالم صباح يوم الأحد 23 شباط الجاري، على جريمةٍ صهيونيةٍ جديدة تهزّ القلوب والضمائر وتضاف للسجل الإجرامي لهذا المحتل، إذ قتلت قوات الاحتلال الصهيوني اللاجئ الفلسطيني الشاب محمد علي حسن الناعم (27 عامًا) شرق محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، ونكَّلت في جثمانه أمام مرأى الكاميرات غير آبهةٍ بأي محاسبة أو قوانين دوليّة.

سبقت الدموع والدة الشهيد محمد عند الحديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إذ أوضحت أنّ "أنها تحتضن صورته وتتحدث معه كل صباح"، مُتألمة حيال ما جرى من تنكيلٍ بحق فلذة كبدها.
 

أجبن شعب على وجه الأرض

"يا حبيبي يمَّا، الله يحرق قلبهم زي ما حرقوا قلبي"، لم تُفارق هذه الكلمات الحاجة ميرفت أبو عبدو والدة الشهيد عند حديثها، ولا حتى الدموع، حيث قتل الاحتلال ابنها المنحدر من مدينة يافا المُحتلّة، تتابع: "هذا شهيد، استشهد، لماذا فعلوا به كل هذا الإجرام؟".
 

وأضافت الوالدة "كل هذا لإنهم خايفين، هؤلاء –الاحتلال الإسرائيلي- هم أجبن شعب على وجه الأرض"، مُؤكدةً أن العرب "عندما يفيقون من نومهم العميق سيكتشفون أن هذا الاحتلال جبان".
 

يناضلون من أجل العودة إلى قراهم ومدنهم المحتلة عام 1948

تتمالك الأم نفسها ثم تقول: "هم رفعوه بالجرافة، لكنّ الله رفعه في كل العالم، في السماوات والأرض، ورفعه بالجرافة مذلّة للاحتلال"، مُشيرةً إلى أنّ الجميع يحلم "بالعودة إلى بلدنا يافا، قد ما يسمعوا عنها لا يتصورون جمال بلادنا، وهؤلاء الشباب يناضلون ويجاهدون من أجل العودة إلى القدس ويافا".

وبيّنت أنّ حُلم ابنها الراحل الذي تخرّج من كلية الهندسة هو "العودة إلى يافا، ليس هو فقط، بل كل فلسطيني يحلم بالعودة إلى يافا وكافة المدن التي هُجرنا منها"، متابعةً أنّ "محمد منذ صغره وهو يحلم بالشهادة".
 

لحظات الوداع

وعن اللقاء الأخير بين الشهيد محمد ووالدته، بيّنت الحاجة ميرفت: "آخر لقاء أجاني قبل بيوم الظهر، دق الباب وهو حامل ابنه وبقلي شوفي يمَّا حمزة ما أحلاه صار"، وأخبرها لتأتي غدًا وتتناول طعام الغداء معه في منزله "حكتله إن شاء الله يمَّا، الله يسهّل عليك ويرضى عليك يا حبيبي".
 

"دخل ليودّع الغرفة التي كان يسكنها، وقلت له: حنيت لبيتك يا محمد؟، فقال لي: بفرجي حمزة – ابنه الذي لم يتجاوز العام -  على بيته"، وتُشير الأم إلى أن تلك اللحظات كانت "لحظات وداع" دون أن تدري.

وطالبت الحاجة ميرفت بعودة جثمان ولدها، تقول: "أنا بدي إبني، على الأقل أروح أزوره، هذا رفع رأس الأمّة العربيّة كلها، جيبولي إياه لأدفنه عندي".
 

محاولة تخليص الجثمان

يُذكر أن جنود الاحتلال الصهيوني بعدما نكّلوا بجثمان الشهيد محمد بواسطة جرافةٍ عسكريّة، خطفوا جثمانه بعد عدّة محاولات من الشبّان الذين تواجدوا في مكان الاستهداف، ولم يسلموه لذويه حتى يومنا هذا.

وخلال محاولات الكر والفر أثناء قيام بعض الشبّان بمحاولة انتشال جثمان الشهيد الناعم من فك الجرافة الصهيونية، أصيب الشاب الفلسطيني محمّد النجّار (20 عامًا) في قدمه، والذي قال لموقعنا "الشهيد لم يبعد عنَّا مسافة 20 متر، وعندما شاهدناه خلعنا ملابسنا العلوية وأخذنا شيّالة –حمَّالة- الإسعاف وهرعنا نحوه لانتشاله".
 

وأوضح النجّار أنّ جنود الاحتلال كانوا بالمرصاد لهم "إذ أطلق الجنود الرصاص بشكلٍ مكثّف تجاه كل من حاول الاقتراب على مسافة خمسة أمتار من الشهيد، في محاولةٍ منهم لمنع أي أحد من انتشال الجثمان"، لكنه أشار أيضًا "تمكّنا بشق الأنفس الوصول إلى الشهيد وسط زخّاتٍ من الرصاص، وضعناه على الحمَّالة وبعد متر واحد سقط منَّا على الأرض لهول المنظر وفظاعة الحدث وكثافة الرصاص".
 

ماذا كانوا ينتظرون مني؟

المُصاب الآخر في عمليّة محاولة تخليص الجثمان من فك الجرافة، هو الشاب معتز النجّار (21 عامًا)، والذي قال لموقعنا هو الآخر: "أنا من أوائل الشبّان المتقدمين تجاه المكان الموجود فيه الشهيد محمّد، كان هناك دبابة تتقدّم وجرافة هي الأخرى في المكان".
 

"وصلنا إليه وأخذنا بسحبه، سحبنا مراتٍ ومرات، ولكن دون جدوى، أصبتُ برصاصة في قدمي، ومن ثم جاءت الجرافة لتصيبني، لكنّني تمكّنت من الهرب من فكّها الذي كاد أن يرطمني بالأرض ويفترس قدمي"، يُضيف معتز بكلماتٍ ثقيلةٍ للغاية، إذ أكَّد أيضًا خلال حديثه: "ماذا كانوا ينتظرون مني؟، أشاهد أخي يموت على السلك ولا أهم لإنقاذه أو تخليصه؟، لا.. وضعنا أرواحنا على أكفنا وهجمنا، لكن للأسف لم نستطع بعد أن أصابونا بالرصاص في أقدامنا".

وختم النجار بالقول "بعدها حطوني الشباب على الشيَّالة وأخذوني، ما في خوف بتاتًا، أنا قلبي حجر، وإذا متُ.. سأموت شهيدًا".

هذه الجريمة الصهيونية، دفعت المؤسسة الفلسطينية دفعت مراكز حقوقية عدة إلى الدعوة لفتح تحقيق جنائي بجريمة قتل الشهيد الناعم والتنكيل بجثمانه، وتوجهت المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان " شاهد" ومقرها بيروت، إلى توجيه مذكرات قانونية عاجلة إلى مقررين أممين حول هذه الجريمة، وعمليات الإعدام والتنكيل التي يرتكبها الاحتلال خارج إطار القضاء، كما جرى بحق الشهيد محمد الناعم.

وتوجهّت "شاهد" بمذكراتها لكلّ من: المقرّر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا، السيد كريستوف هينز، والمقرّر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب الآنسة فيونوالا ني أولاين، والمقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة البروفيسور نيلس ميلزر، إضافة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر.  

 

شاهد التقرير

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد