روان حجّير _ مخيم عين الحلوة

 

من خلف جدران بيت متواضع في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان، وصل صوت القضية الفلسطينية إلى القارة الامريكية ليخبر العالم هناك، قصة أخرى، تضاف الى أرشيف قصص الذاكرة الفلسطينية الشفوية عن نكبة الشعب الفلسطيني عام  1948 وما تبعها من مآسي عاشها الفلسطينييون في الشتات.

الحاجة مريم فتح الله "أم أكرم" من قرية الزيب قضاء مدينة عكّا، سافرت الى الولايات المتحدة الأمريكية  لتروي قصتها على مسامع من لم يعرف شيئا عن النكبة ومعاناة الشعب الفلسطيني في لبنان، خلال الحدث الذي يقام سنويا هناك والمسمى جولة النكبة في القارة الأمريكية الشماليةNourth America Nakba Tour .

فريق Nakba Tour المؤلف من شبان فلسطينيين أمريكيين وعدد من الأكاديميين الأمريكيين المهتمين بالشأن الفلسطيني، يقيم جولة على أكثر من 25 ولاية أمريكية كل عام بعد اختيار سيدة فلسطينية من جيل النكبة لترافق الصحفية والمترجمة الفلسطينية آمنة الأشقر. هذه الجولة تعمل على نشر الرواية التاريخية الصحيحة لما حصل خلال النكبة الفلسطينية عام 1948 في ظل الانتشار الواسع للرواية الاسرائيلية التي تشوه تاريخ الأحداث وتعمل على التضليل الاعلامي والثقافي الذي يكذّب وقائع النكبة.

 

شاهدة عيان تروي أحداث النكبة على مسامع الأمريكين مباشرة  

عام 2016 و2018 سجلا علامة فارقة في حياة الحاجة أم أكرم حيث رافقت فريق Nakba Tour في جولة على 50 ولاية،  فالشاهدة على النكبة لم تغفل أي تفصيل من حكاية لجوئها الى لبنان وكيف أنها هجّرت من قريتها الزيب على يد العصابات الصهيونية وهي لاتزال في الثامنة عشر من عمرها.

وصفت أم أكرم بلادها فلسطين وقريتها الزيب وتحدتت عن "جمال البلاد الضائعة" وعن أحداث النكبة أمام حضور أمريكي ضم عدد من الفلسطينين والعرب الذين يحملون الجنسية الأمريكية وجنسيات أخرى أيضا ، من طلاب وأساتذة ومفكرين وكتّاب، داخل القاعات الثقافية والمدارس والجامعات الأمريكية.

أمضت الحاجة أم أكرم في كل سنة شهرين داخل الولايات المتحدة الأمريكية تنتقل من ولاية الى أخرى وتروي بحماس ما حصل في ذلك التاريخ المشؤوم الذي كان نقطة تحول كبرى لمجرى الأحداث وموازين القوى في الشرق الأوسط.

وفي حديث ل "بوابة اللاجئين الفلسطينين" قالت الحاجة أم أكرم " أخبرتهم بكل شيء. حكيت لهم كل معاناتنا وكيف خرجنا من أرضنا وبلدنا. أخبرتهم عن المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في فلسطين والتي كان أشهرها مجزرة دير ياسين. وصفت لهم فظاعة مشاهد النكبة من كل زواياها،"

وأضافت "أخبرتهم كيف كانت العصابات الصهيونية تدخل بيوتنا وتقتل من بقي فيها على الرغم من أن معظم أهل البلد الذين رفضوا الخروج من بيوتهم هم رجال كبار في السن،" وتابعت "أخبرتهم كيف أن من هول ما رأينا من مجازر وجرائم شنيعة ومن شدة الرعب والخوف، حملت أم مخدة ظنّا منها أنها ابنها الرضيع وكادت أن تجن لولا ان زوجها رجع راكضا الى القرية وأحضر الرضيع تحت القصف."

حكت الحاجة أم أكرم للحضور الأمريكي ما حدث للاجئين الفلسطينيين في لبنان بعد النكبة وكيف أن التاريخ سجل نكبات أخرى على الشعب الفلسطيني، كان أبرزها مجزرة صبرا وشاتيلا ومخيم تل الزعتر. وأوضحت قائلة "خلال كلامي كان يتم عرض صور موثقة عن النكبة وخروجنا من أرضنا وصور عن المجازر التي ارتكبت بحقنا في لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية، فهذه الصور هي الدليل الوحيد الذي نملكه لنري العالم ما قاسيناه من مصائب وحروب."
 

نوع أخر من مقاومة الاحتلال...البعد الوطني للرواية الفلسطينية

صوت الحاجة أم أكرم وقصتها جسّدا مشهداً تاريخياً من الذاكرة الفلسطينية للحضور الذي جمع جنسيات من مختلف بقاع الأرض. فتمسّك الحاجة أم أكرم بالهوية والقضية الفلسطينية دفعها للسفر الى القارة البعيدة لما تدركه من أهمية كبرى للتاريخ الشفوي الفلسطيني على لسان جيل النكبة في دحض الروايات الاسرائيلية التى تكذّب التاريخ.

"خدمة للوطن" هذا ما قالته الحاجة أم أكرم مبررة اندفعاها للسفر وأكملت "هو كالجهاد، كالذي يحمل بارودة ولكن أنا أحارب بالكلمة،" وأضافت  "شعرت بحماس وطني وانا هناك أرى الشباب من مختلف الجنسيات متحمسين لكي يسمعوا قصة النكبة، كنت سعيدة جدا أنني أؤودي رسالة وطنية."

وأكّدت الحاجة "أن ما فعلته هو نوع من أنواع مقاومة الاحتلال، فماذا بقي لنا نحن اللاجئون في لبنان غير الكلمة."

 

مواقف مؤيدة وأخرى معارضة

لاقى صدى صوت الحاجة أم أكرم تجاوباً كبيراً من قبل الجمهور الأمريكي الذي أبدى تأييداً كبيرا للقضية الفلسطينبة  وفضولاً لمعرفة المزيد عن هذا الشعب المناضل خصوصاً اللذين لم يسمعوا عن القضية الفلسطينية أبدا أو اللذين سمعوا الرواية الاسرائيلية من قبل ولم يقتنعوا بها لأن للقصة جانب تم تعمّد التعتيم عليه.

قالت الحاجة "تفاجأت من أشخاص أخبروني أنهم لم يسمعوا عن فلسطين من قبل في حياتهم وآخرين كانوا يظنون أننا بعنا أراضينا لليهود وتركنا فلسطين طوعا وأن اليهود لم يرتكبوا أي مجازر بحقنا."

على الرغم من أن معظم الحضور أبدى تعاطفا مع القضية الا أن ذلك لم يمنع من تواجد عدد ليس بكثير من المعارضين الاسرائليين الذين اتهموا الحجة وكامل فريق Nakba Tour   بمعادات السامية أي معادات اليهود.

وأوضحت الحاجة أم أكرم أنه "خلال احدى المحاضرات التي كانت تلقيها، دخلت مجموعة من الاسرائليين القاعة حاملين العلم الاسرائلي ويافطات، وبدؤوا باطلاق هتافات ضد المحاضرة والمحاضرين قائلين بأن كل ما يتم قوله ليس صحيحاً وأن Nakba Tour هي حملة معادية للسامية،" وأضافت بأن "الشرطة الأمريكية قدمت الى المكان وقامت باخراجهم من القاعة وسط تصفيق الجمهور."

فالدعم الذي وجدته الحاجة أم أكرم  على كل الصعد أعطاها دفعاً قوياً وتشجيعاً لمواصلة مسيرتها في إيصال قصة النكبة الى باقي الولايات الأمريكية التي أكملت زيارتها في مشوارها الثاني الى القارة الأمريكية عام 2018  .

إن الدافع الوطني كان وحده كاف لتتحمّل حاجة تجاوزت 86 عاما متاعب السفر كلها بسعادة، لأنها تعتبر أن دعم القضية ولو بالكلمة واجب تجاه وطننا فلسطين.

 

شاهد الفيديو

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد