تقرير أحمد حسين
تدرس سلطات الاحتلال الصهيوني إغلاق حاجز شعفاط العسكري شرقي مدينة القدس المحتلة خلال الأيام المُقبلة، بحجة مكافحة انتشار فيروس "كورونا" المستجد، ما ينذّر بأزمةٍ جديدةٍ تُضاف إلى الأزمات التي يُعاني منها بالأساس سكّان مُخيّم شعفاط كبقيّة المُخيّمات والمناطق المُجاورة لها بالضفة بما فيها مدينة القدس.
هذه الخطوة إن أقدمت على تطبيقها سلطات الاحتلال ستُترجم فعليًا على الأرض بعزل أكثر من 100 ألف نسمة، منهم 70% يحملون بطاقات "هوية زرقاء إسرائيليّة"، ويعتبرون من سكّان الأراضي المحتلة عام 1948، وتخضع منطقتهم لنفوذ بلدية الاحتلال في القدس.
الاحتلال يستغل الظروف كافة!
"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" تواصل مع مدير عام شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أحمد حنّون، والذي أكَّد بدوره أنّ "إسرائيل تستغل كل الظروف وإن كانت ظروفاً صحيّة أو إنسانيّة من أجل تنفيذ مخططاتها على الأرض"، مُشددًا أنّ سلطات الاحتلال "تريد عزل مُخيّم شعفاط عن مدينة القدس بشكلٍ واضح من خلال بناء الجدار حول المُخيّم، ومن خلال نزع صفة المُخيّم عنه والتعامل معه كأي تجمُّع يتبع بلدية الاحتلال في القدس".
وأوضح حنون أنّ هناك "عدّة مضايقات تُمارسها سلطات الاحتلال على مُخيّم شعفاط والمنطقة المُحيطة، من هدمٍ واستهداف واضح، كل ذلك يؤكّد أن الاحتلال لديه مُخطط ينفذه على الأرض"، مُشيرًا أنّ "هذا ليس غريبًا على أحد، إسرائيل تريد عزل التجمُّعات العربيّة عن مدينة القدس لزيادة الكثافة اليهودية على حساب العربيّة. أي عملية تهويد ممنهجة".
وتابع حنّون لموقعنا: "رأينا بالأمس كيف ألقى الاحتلال بعاملٍ فلسطيني على قارعة الطريق بحجة إصابته بفيروس كورونا. من يفعل ذلك دون أي اعتباراتٍ إنسانيّة حتمًا سيفعل ما هو أكثر من ذلك عن طريق عزل الآلاف في مُخيّم شعفاط لاعتباراتٍ سياسيّة".
إخراج 100 ألف فلسطيني من القدس
وحول الأعداد الكبيرة التي ستُعزل في المُخيّم، قال حنّون "هم يريدون عزل المُخيّم عن مدينة القدس ككل، وهذا يقلّل الوجود الفلسطيني في مدينة القدس بشكلٍ كبير، وأيضًا الكثافة السكانيّة للاجئين الفلسطينيين موجودة في هذه المنطقة"، مُؤكدًا أنّ كل ذلك "تمهيد لإجراءات لاحقة، ونذكّر هنا أنه في السابق كان هناك قانونًا إسرائيليًا لحزب الليكود قدّمه رئيس بلدية الاحتلال السابق في القدس نير بركات من أجل حظر كافة أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في مدينة القدس، وهذا أيضًا تنفيذ عملي لهذا القانون".
وبيّن حنّون أنّ هناك "محاولة لبناء مجمّع مدارس من أجل إنهاء وجود مدارس ومؤسّسات الأونروا في القدس، كل هذا مرتبط بمُخطّطات واضحة تستهدف وكالة الغوث واللاجئين، وتنفيذ فعلي لصفقة القرن من اتجاهٍ واحد".
نُشير هنا أنّ سكّان مُخيّم شعفاط شرعوا بتنظيم أنفسهم من أجل مواجهة أزمة العزل، حيث بدأ متطوعون في المُخيّم إجراءات لمواجهة احتمال عزلهم عن القدس بينها تأهيل قاعة رياضيّة لسكّان المُخيّم الذين احتكوا بمرضى "كورونا" أو يتعيّن عليهم الدخول إلى حجرٍ صحي، وذلك بهدف منع انتقال العدوى، الأمر الذي سيكون خطيرًا في ظروف الاكتظاظ الشديد في المُخيّم.
ماذا لو أغلق الحاجز؟
وللتوضيح أكثر، قال محمود الشيخ علي رئيس اللجنة الشعبيّة لخدمات اللاجئين في مُخيّم شعفاط، إنّه "يستبعد حتى اللحظة أن تقدم سلطات الاحتلال على إغلاق حاجز شعفاط"، مُؤكدًا أنّ "وكالة أونروا هي المسؤول الأوّل عن اللاجئين الذين يقدّر عددهم بأكثر من 103 ألف لاجئ في المُخيّم، لأننا مشردين منذ 71 عامًا".
وأضاف رئيس اللجنة لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إنّه "في حال تم إغلاق الحاجز، هل ستتنصل وزارة الصحة الإسرائيليّة من المقدسيين الذين يدفعون لصندوق المرضى الإسرائيلي 350 شيكل شهريًا؟ سواء تعالجوا لديهم أم لا، هل تنسى سلطات الاحتلال أنّ هناك محاكم دوليّة ورأي عام؟. نحن نؤكّد على ضرورة أن يقفوا عند مسؤولياتهم".
تقصيرٌ ثلاثي!
وأوضح أنّه "في حال تنصلوا لنا فلكلٍ حدثٍ حديث، وإذا حدث ذلك فعلاً وأصيب أي أحد داخل المُخيّم بفيروس كورونا أو حتى راودنا الشك بإصابة أحد اللاجئين فلن نسكت وسنذهب به إلى الحواجز الإسرائيليّة ليتصرفوا معه"، مُؤكدًا أنّه "جرى التواصل منذ بداية الأزمة مع وكالة الغوث ووزارة الصحة الفلسطينيّة، والإسرائيليّة أيضًا، وحتى الآن لم يصلنا منهم أي شيء سواء مساعدات أو حتى وعودات لمُخيّم شعفاط، بل بادرنا نحن في اللجنة الشعبيّة بتعقيم كافة المقرّات والشوارع والمؤسّسات في المُخيّم عن طريق تقسيم المُخيّم إلى 15 شعبة".
وأردف الشيخ علي خلال حديثه لموقعنا: "ثلثا سكّان المُخيّم يعملون في مناطق حيويّة داخل إسرائيل، وفي كل يوم تصلنا أخبار متنوّعة، وقلنا لوزارة الصحة الإسرائيليّة إذا لم تتعاملوا معنا كأي شخص داخل إسرائيل بحكم أننا نحمل الهويّة الزرقاء فسنرفض ذلك تمامًا وسنُرسل المرضى إلى الحواجز الإسرائيليّة وليحدث ما يحدث حينها"، مُؤكدًا أنّ "جميع مُخيّمات اللاجئين في الضفة الغربيّة في خطر".
يُشار إلى أنّ منظمة الدفاع عن الفرد "هموكيد الإسرائيليّة" أرسلت عريضة لما تُسمى "المحكمة العليا الإسرائيليّة" لمنع إغلاق الحاجز، مع التأكيد على الحق في حرية الحركة والحق في الصحة لأولئك السكّان، وأنّ مثل هذه الخطوة تنطوي على خطر الإضرار بأهم حقٍ أساسي لهم.
وبحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن أفراد الشرطة عند الحاجز قالوا للمارة إنّ "الحاجز سيُغلق في الأسبوع الحالي، وأنه سيُسمح بعبور من يحمل تصريحًا يثبت أنه يعمل في مكان عمل حيوي فقط، وإلّا فإنّه لن يسمح بالعبور باتجاه القدس".
"أونروا" وأزمة كورونا
حالة من التذمّر ظهرت في صفوف اللاجئين بالمُخيّمات الفلسطينيّة بشأن أنّ وكالة "أونروا" لا تقوم بواجبها تجاه المُخيّمات كما هو متوقّع، لكن مدير عام المُخيّمات في منظّمة التحرير أحمد حنّون، أشار لموقعنا إلى أنّ "دائرة شؤون اللاجئين صرفت مخصّصات للجان الشعبيّة في المُخيّمات من أجل عمل اللازم في ظل هذه الأزمة"، مُبيّنًا أنّ "وكالة الغوث حاضرة في لجان الطوارئ في كل محافظة، لكن الأمر بحاجة إلى تدخلٍ أوسع، وأسفرت اتصالاتنا مع وكالة الغوث الدوليّة إلى تعجيل إصدار المناشدة الدوليّة التي أطلقتها الوكالة بقيمة 14 مليون دولار من أجل الحصول على تمويل لمواجهة كورونا في المُخيّمات وفحوصات اللاجئين".
وأطلقت وكالة "أونروا"، يوم الثلاثاء 17 آذار/ مارس، نداءً عاجلاً قالت فيه إنّها "بحاجة إلى 14 مليون دولار من أجل الاستعداد والاستجابة لتفشي وباء "كوفيد-"19 ولفترة ابتدائية مدتها ثلاثة شهور"، لكن الناطق باسم الوكالة سامي مشعشع قال صباح اليوم الثلاثاء 24 آذار/ مارس، إنّ "هناك نوعًا من الغضب لأننا فقط استطعنا توفير مليون دولار من أصل 14 لتعزيز استجابتنا للحد من انتشار فيروس كورونا لفترة 3 شهور فقط".
وتأسّس مُخيّم شعفاط للاجئين عام 1965، أي بعد أكثر من عقد واحد على تأسيس كافة المُخيّمات الرسميّة الأخرى في الضفة الغربية، وذلك فوق أرض مساحتها 0,2 كيلومتر مربع شمال القدس، ويعدّ المُخيّم الوحيد في الضفة الذي يقع ضمن حدود بلدية للقدس، بحسلب وكالة "أونروا".