كمال الجعبري – عمّان

 

" هذا الموقع تحت سيطرة القوات المسلحة الأردنية "، الجيش العربي.

ربما تكون تلك الجملة المترددة عبر مكبرات الصوت المنصوبة، على مدرعات الجيش الأردني، من نوع (هامر)، وسيارات (اللاند روفر)، المموهة، التي دخلت مخيم النصر، شرق العاصمة الأردنية، عمّان، مساء  13/4/2020، هو إجراءٌ وقائي تتخذه الدولة الأردنية لعزل البؤر، والمناطق التي تظهر فيها الإصابات بفايروس (كورونا)، وأثبت نجاحه في عددٍ من المدن الأردنية، مثل إربد، فما هي قصة هذا المخيم؟ وما قصة (كورونا) معه؟.
 

"كورونا" يصل للمخيم

حكاية المخيم مع فيروس (كورونا) المستجد، وأزمته، ووصولهما إليه بدأت صباح يوم 12 نيسان/إبريل 2020، حينما أجرت فرق التقصي الوبائي التابعة لوزارة الصحة الأردنية، عدداً من الفحوص لأهالي المخيم، بلغ عددها 300، وبعد مرور يوم على هذا الفحص، ولدى الشك بثلاث حالات، إحداهما لعامل في أحد المطاحن، في العاصمة، الأردنية، عمّان، والأخرى لشابٍ يعمل في بقالة، في إحدى ضواحي عمّان الغربية، وزوجته، تم إعادة فحص تلك الحالات ليتبين إصابتهما بالفايروس المستجد (كورونا)، وبعد مرور عدة ساعات على ظهور تلك النتائج، اتخذت السلطات الأردنية قراراً بعزل المخيم كإجراء وقائي لمنع تفشي الفايروس، فيه وفي المناطق المحيطة بها.

ومنذ ظهور الفيروس في الأردن منذ حوالي شهر، عملت اللجان والفرق الشعبية في مخيم النصر، مثل لجنة شباب من أجل المخيم، منذ الأيّام الأولى لفرض حظر التجوال، وقانون الطوارئ في الأردن، على توفير الاحتياجات الأساسية لأهالي المخيم، فوفرت الطرود الغذائية للفقراء، ومن توقف دخلهم، ومصدر معيشتهم، إذ يسكن المخيم العديد من عمّال المياومة، والحرفيين، الذين توقفت أعمالهم بشكلٍ كامل، مع فرض حظر التجوال، في الأردن، فيما نسقت اللجنة مع "أونروا"، وقامت باستلام كافة كروت المستحقين للأدوية الدورية، في المخيم، ووزعت تلك الأدوية، على كافة مستحقيها، في المخيم، من أصحاب الأمراض المزمنة، فيما تستعد اللجنة لمزيدٍ من حملات توزيع الطرود الغذائية، خلال شهر رمضان المبارك، غالباً ما تعمل اللجان والمبادرات الشعبية، بموافقةٍ ضمنية من السلطات الأردنية، مع التأكيد على اتخاذ الإجراءات الوقائية، وإجراءات السلامة العامة.

في الحالات المشابهة لما جرى في مخيم النصر، يتولى الجيش الأردني مهمات، إيصال الاحتياجات الرئيسية، من غذاء، ودواء، ونقلٍ للمرضى، في محيط المنطقة المعزولة، وفي ذات الوقت تتعالى الأصوات من خارج المخيم، وداخله بعبارتين " المخيم بخير "، و" الله يحمي المخيم ".
 

خلفية تاريخية حول مخيم النصر

على سفح تل هملان، الذي بات يعرف لاحقاً بجبل النصر، وإلى الجنوب الشرقي من عمّان، يقع مخيم النصر، الذي كان يُعرف بمخيم حنيكين، نسبةً إلى المنطقة التي كان يقع بها، والتي كانت تعد من الأراضي التاريخية التي تقطنها عشيرة الهملان، الدعجة الأردنية، بعد عام 1967، وبعد نكسة حزيران وتهجير الشعب الفلسطيني، من الضفة الغربية، هجرةً جديدةً، شرق النهر حيث الأردن، أنشأت الحكومة الأردنية المخيم، كمخيم طوارئ، بعد تصاعد العدوان الصهيوني على اللاجئين الفلسطينيين، في غور الأردن، وكان ذلك عام 1968، وسكنت المخيم عائلاتٌ هاجرت من مخيماتٍ أخرى في الضفة الغربية، مثل الفوار في الخليل، وعقبة جبر ، وتتوزع أصول عائلات المخيم بين قرى الخليل الغربية المهجرة، مثل: بين نتيف، وذكرين، ودير الذبان، وتل الصافي، وقرى يافا: مثل العباسية، ومما ميز المخيم مجاورته لتجمعاتٍ فلسطينية كبيرة في محيط شرق عمّان، مثل حي المحاسرة، في جبل التاج، وحي الخلايلة، في جبل النصر، كما سكنت في محيط المخيم، عائلاتٌ من مدن فلسطينية، وقرى فلسطينية قدمت من الضفة الغربية، قبل، وبعد العام 1967، مثل دورا، ويطا، وطولكرم، وغيرها، ويُقدر عدد سكان المخيم ب16.000 نسمة.

اختلفت التسميات التي أطلقت على المخيم، حيث تسميه الدولة الأردنية، بمخيم الأمير حسن، ويتراوح التعامل معه، بين تصنيفه كحي أو مخيم، فيما ذكرت المصدر الأرشيفية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بأنّ المخيم، كان يُعرف باسم مخيم حنيكين، فيما تسود التسمية الدراجة للمخيم، وهي مخيم النصر، الذي لا تعترف به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وإنما تصنفه كتجمع للاجئين الفلسطينيين، ولذلك في المخيم، عدة مدارس تابعة للوكالة، ومراكز صحية تابعة له في المخيم.

أما عن واقع الخدمات في المخيم، والبنية التحتية، فمشكلة الاكتظاظ السكاني، من أهم مشكلات المخيم، ومن ضمن مشكلاته أيضاً الإشكالية في التعامل مع المخيم، من قبل الدولة الأردنية، و(أونروا)، إذ تعده الدولة الأردنية، ضمن المخيمات الفلسطينية، في الأردن، فيما لا تصنفه (أونروا) كذلك.

ويعتبر مخيم النصر من المخيمات الفلسطينية النشطة، في العمل الشعبي الوطني، للقضية الفلسطينية، القضية المركزية الأولى، لأهل المخيم، ويعود ذلك في الواقع لعدة عوامل، منها أنّ نسبةً كبيرةً من أهالي المخيم، من فئة الشباب، الذين يتميز معظمهم، في المخيم، بالتحصيل الأكاديمي، والثقافة العالية، أما العامل الثاني فهو وجود عدد من شهداء الثورة الفلسطينية، في مختلف مراحلها، من ضمن أبناء المخيم، وفي المخيم اليوم العديد من المبادرات والفرق الشبابية، مثل مبادرة شباب من أجل المخيم، كما يحوي المخيم عدداً من الجمعيات الوطنية، مثل جمعية يعرب.

يروي لنا علاء عوض، ابن قرية ذكرين الفلسطينية، والذي ولد، ولا يزال يسكن مخيم النصر، حول الأنشطة التي تقوم عليها مبادرة شباب من أجل المخيم. تنشط المبادرة في العمل التوعوي بنقل الصورة الإيجابية الحقيقية للمخيم، وأهله للعالم الخارجي، عبر الأنشطة الثقافية، والتوعوية المختلفة، كما تعمل المبادرة، على الأنشطة الخيرية الإغاثية، كتوزيع طرود الغذاء على الأسر الفقيرة، وإيصال الأدوية للمرضى، وكبار السن، مما يسهم ويعزز اللحمة الاجتماعية، والترابط الأسري، الذي يميز أهالي مخيم النص، وتنقل صفحات التواصل الاجتماعي٫ كصفحة مخيم النصر، وغيرها من الصفحات، عبر منصات التواصل الاجتماعي، حالة الترابط، وقوة النسيج المجتمعي في المخيم.

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد