تقرير أحمد حسين
مع دخول شهر رمضان في كل عام تزداد معاناة أهالي الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني، وخاصة الأسيرات البالغ عددهن (40) أسيرة فلسطينيّة، يتجرعن الألم والحرمان في سجون الاحتلال، بينهن (17) أمًا، بحسب آخر الإحصاءات الرسميّة.
في هذا الشهر يجتمع الأحبة حول مائدة الإفطار يتبادلون أطراف الحديث، وكل ما لذ وطاب من الطعام، والحلوى، وممارسة بقيّة الطقوس الخاصة بهذا الضيف الجميل، لكنّ أهالي الأسرى يزدادون مرارةً وحسرةً وحرقة، كيف لا ومائدة الإفطار تكون مليئة بالطعام لكن مقاعدها ليست كذلك. ترى بعض المقاعد فارغة، لا يملؤها أصحابها كما اعتادت الأسرة في كل عام.
"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" تواصل مع والد الأسيرة المقدسيّة ميس أبو غوش، للحديث عن أحوالها وأحوال أسرتها وطقوسها في هذا الشهر، إذ أكَّد الوالد محمد حسين أبو غوش أنّ "آخر الأخبار عن ميس هي سماح إدارة السجون لكافة الأسيرات بالتواصل مع أسرهم ما عدا ميس، والأسيرة خالدة جرار، والأسيرة إيناس عصافرة بأمرٍ من المخابرات".
"حرمونا حتى من صوتها"
وقال أبو غوش: إنّه "وبعد انتظار شهرٍ كامل لنستمع إلى صوت ميس والاطمئنان عليها ونحن على أعصابنا وننتظر بفارغ الصبر هذا اليوم، لكنّهم حرمونا حتى من صوتها"، مُشيرًاإلى أنّهم "اطمئنوا على الأسيرات بشكلٍ عام عندما خرجت الأسيرة فوزية قنديل من السجون قبل أيام، وأخبرتنا أنّ عملية الاتصال ما بين الأسيرات وذويهم كانت نتاج اعتصامٍ مطلبي نفذته الأسيرات في ساحة سجن الدامون لحوالي 13 ساعة من الساعة 10 صباحًا وحتى 11 مساءًا حتى استجابت إدارة السجن لمطلبهن".
"خوفنا مشترك"
كما أكَّد أبو غوش القاطن في مُخيّم قلنديا للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة القدس المحتلة، أنّ "أخبار الأسيرات مقطوعة، ومن الممكن أن تستغل إدارة السجون جائحة كورونا لتصفية الأسرى وضرب معنوياتهم، ما يجعلنا نعيش حالةً من القلق بشكلٍ دائم"، مُشددًا على أنّ "الوجع عام وليس خاص، والخوف يكون مشتركًا وعلى جميع الأسرى والأسيرات، وخوفنا على ميس هو خوفنا على جميع الأسرى خاصة المرضى وكبار السن".
وعن أجواء البيت في شهر رمضان وفي ظل تغييب الاحتلال لميس عن عائلتها، قال أبو غوش: "بالتأكيد نشتاق لِميس في كل حين، وعندما استشهد ابني حسين كان أخف عليّ من غياب ميس، وحتى في شهر رمضان غياب حسين عن مقعده أمام مائدة الطعام أخف من غياب ميس. اليوم هو اليوم الثامن من شهر رمضان لكنّني لما أفطر بشكلٍ طبيعي حتى اليوم".
"تعطينا الأمل والصبر"
وبعد أن صمت لثوانٍ قليلة، تنهّد الأب مُكملاً حديثه: "ميس خصوصًا كان لها حضورها الخاص وقت الإفطار في رمضان، كنّا نعتمد عليها كثيرًا، والدتها تعتمد عليها في أمور المنزل، وأنا أعتمد عليها في مساعدتي في الأمور الأخرى. أذكر أنّها كانت تحمل معي الأغراض على الدرج ونحن كنّا نسكن على الطابق الخامس بلا أي تعب"، مُؤكدًا أنّ الأسرة "تفتقد ميس بمعنى الكلمة".
وبيّن أبو غوش، أنّ "القلق يكون دائمًا لأنها معتقلة. الشهيد هذا قدره وذهب إلى ربه، لكن المعتقل يتعرّض للتعذيب الوحشي كما حصل مع ميس. ميس قويّة، والحمد لله تعافت مما تعرّضت إليه خلال التحقيق ومعنوياتها عالية جدًا، وأنا اليوم أفتخر بها وآخذ الصبر منها، ميس تعطينا الأمل والصبر".
"المهم يضل راسنا مرفوع"
وتابع الوالد المكنّى بأبو حسين: "المحامي توصّل لحكم معين مع نيابة الاحتلال، فأرسلت لميس رسالة عن طريق إحدى الإذاعات لأطمئنها بأن هناك حكمًا من الممكن أن يكون مُخفّفًا لكي تطمئِن، فردت علينا بطريقةٍ ما حرفيًا: (أنا يابا مش هاممني الحكم شو ما كان، المهم يضل راسنا مرفوع، وإحنا مش ممكن نسلّم للاحتلال ولوجود هذا الاحتلال)"، خاتمًا أبو حسين بالقول: "ميس هي التي تعطينا الصبر والأمل وليس العكس".
الأسيرة ميس هي طالبة في كلية الإعلام بجامعة بيرزيت، وشقيقة الشهيد حسين أبو غوش والطفل سليمان أبو غوش، المعتقل إداريًا للمرة الثانية، واعتقلتها قوات الاحتلال منذ أكثر من ثمانية شهور، تعرضت خلالها إلى تحقيق قاسٍ وتعذيب وحشي من قبل قوات ومخابرات الاحتلال طوال فترة التحقيق.
مؤسساتٌ حقوقيّة عديدة، طالبت خلال الأيام الماضية تزامنًا مع ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية، إلى "الضغط على سلطات الاحتلال لتوفير الرعاية الطبية الكافية والعلاج اللازم للمريضات والجريحات، واتخاذ كافة اجراءات الحماية والوقاية لحمايتهن من خطر الاصابة بفايروس "كورونا"، وتوفير باقي مستلزمات النظافة والتعقيم، وإدخال الملابس الربيعيّة والصيفيّة".
كما شدّدت المؤسسات على "ضرورة انهاء منع بعض الأسيرات من إجراء مكالمات هاتفية مع الأهل، وزيادة عدد مرات المكالمات المخصصة لكل أسيرة والمدة الزمنية للمكالمة بما يعوض جزئيًا عن وقف الزيارات ويخفف من القلق المتزايد لدى الطرفين جراء "كورونا"، ويقلل من آثار الحرمان والمعاناة في شهر رمضان".