خاص
نظّمت حركة مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي (BDS) ندوةً حوارية الكترونية، مساء الأحد 17 أيّار/ مايو، استضافت فيها نائب رئيس الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني غسان سرحان، وعضو حركة المقاطعة في الكويت سارة الشمّري، والعضو المؤسس في حركة مقاطعة الاحتلال في سلطنة عُمان علي الهنائي، كنشطاء فاعلين يرفضون التطبيع مع العدوّ "الإسرائيلي" بكافة أشكاله الرسمية والثقافية والاقتصادية والأكاديمية والفنية، في حين أدارت الحوارية، القانونية وعضو في الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني هديل إبراهيم كمال الدين.
وتقول الحركة، فإنّ "هؤلاء النشطاء يؤمنون بأنّ التحرّر من نظام الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي هو سبيل تحرّر الشعوب في المنطقة العربية من القمع والتفرد بالسلطة والسياسات التمييزية".
ورأى غسان سرحان أنّ "بعض الأنظمة العربية حاولت اختزال الصراع العربي – الصهيوني فقط في شعارات فارغة المعنى، وتحويله من تحرير فلسطين إلى مبادرة عربية للسلام كأقصى تقدير، وجعل الكيان الصهيوني أمرًا واقعًا وفرض القبول به على الشعب، وهو الأمر الذي لم يتسامح معه الشعب العربي وبقت حالة اليقظة حاضرة، وتبيّن ذلك بجاهزية المواجهة التي بيّنتها القوى الحيّة، والشعب العربي في الخليج أمام كل خطوة من خطوات التطبيع التي أقدمت عليها أي من الحكومات مع الكيان الصهيوني المحتل بإرادتها المنفردة إرضاءً لإملاءات البيت الأبيض".
"يجب إعادة الأمور إلى نصابها"
وأشار سرحان إلى أنّ "ذلك بالرغم من أنّ الأوضاع السياسيّة التي جعلت المنطقة العربيّة بأسرها والخليج على وجه التحديد فوق صفيحٍ ساخن، مهددةً كافة الأصوات التي ترتفع في وجه السيل العالمي الجارف باتجاه استكمال مشروع الشرق الأوسط الجديد، لكن في كل الحالات فإنّ صفحة الصراع الجديدة المتمثلة في مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني والمقاطعة الاقتصادية وغيرها في حقيقتها جاءت لاستكمال ذات الأهداف النبيلة التي حملها الشعب العربي على امتداد عقود النضال السابقة مُضافًا إليها ما راكمه الشعب العربي من خبرة ومعرفة، وأولوياتها تجاه مبادرة السلام وحل الدولتين والتسوية السياسيّة للقضيّة الفلسطينيّة، إضافة إلى الهزيمة السياسيّة والقوميّة التي تُجر إليها الحكومات العربيّة باتخاذ خطوات واسعة نحو تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني الغاصب وتبديد الإرادة الشعبيّة لمقاومة الاحتلال وإنهائه".
وأكَّد سرحان أيضًا على أنّ "المهمة المناطة بنا كمناضلين عرب وخليجيين في هذه المرحلة من التاريخ هي مهمة إعادة الأمور إلى نصابها، من حيث خيار مقاومة التطبيع ودعم المقاومة الفلسطينيّة، وإعادة الاعتبار للبعد القومي في إدارة الصراع طويل الأمد بيننا وبين الكيان الغاصب، بالأخص كون الكيان الصهيوني ما هو إلا ثكنة عسكريّة دائمة للإمبرياليّة العالميّة في العربي، وأنّ قدر شعب فلسطين ومناضليه أن يكونوا طليعة هذه الأمة ورأس حربتها في مواجهة المشروع الصهيو-أمريكي بدلاً عنها".
"مقاومة التطبيع فعل صراعي"
وأضح سرحان أنّ "مقاومة التطبيع مع الكيان الغاصب هي حالة فعل صراعي كما برزت إبان فترة ورشة المنامة الاقتصادية على سبيل المثال وما سبقها، والآن الدراما التطبيعيّة على بعض القنوات التلفزيونيّة، وكيف أن خطوات رفع الصوت ومقاومة التطبيع أزعجت الاحتلال والداعمين له، فهي أيضًا تبث في الشعب العربي والخليجي حالة من القلق من أنّ كافة التضحيات الجسام التي دفعها شعبنا في سبيل تحقيق الأهداف القوميّة للأمّة العربيّة هي مهددة من قِبل السلطات السياسيّة في العالم العربي، ففي الوقت الذي يتضح بشكلٍ لا يقبل التأويل الموقف الشعبي من القضيّة الفلسطينيّة وكافة القضايا القوميّة والتطبيع مع العدو الصهيوني، تظهر السلطات العربيّة وبعض الشخصيات في لقاءات مع الكيان الغاصب ومشاركة في زيارات للأراضي المحتلة عن طريق معابر يسيطر عليها الكيان في سبيل كسر الحاجز النفسي بين الشعب العربي والأجهزة الإجراميّة الصهيونيّة، ناهيكم عن الوفود الرياضيّة والتجاريّة".
وأوضح سرحان أنّ "الآمال الكبيرة التي نعلقها على مقاومة التطبيع في العالم العربي واستمرار حركة المقاطعة فيه منبعها شعور الشعب العربي في الفترة الأخيرة بالإخفاق والخيبة، وعلى هذه الآمال يجب أن تغيّب الاشتراطات الضروريّة للنجاح كي تتحقّق وفي مقدمتها تحصين الموقف الشعبي الرافض للتطبيع من الاختراق وتوحيد مرجعيته ومواصلة تحصين السوق العربي من البضائع الصهيونيّة لبناء حالة تشمئز من الأماكن التي تعرض البضائع أو تتاجر بها أو تقوم بشرائها، والأهم ترقية العمل المقاوم للتطبيع والمقاطع من خلال ترسيخ مبدأ المقاطعة الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والضغط لفرض قانون يجرّم التطبيع بما يخلق أداةً لمُلاحقة المطبّعين كسبيل من سبُل توفير المرتكزات اللازمة لتحقيق آمال الأمّة العربيّة".
وأردف سرحان بالقول: "باستقراء بسيطة لكافة المعطيات وقراءة أكثر بساطة لمن طعن في فكر ومسيرة النضال القومي واستهان بالنتائج والوقائع المُعاشة اليوم بعد أعوام من الاستسلام للفكر القطري الضيّق والاستسلام للمشروع الأمريكي، والارتهان لتحليلٍ مبني على وحدانيّة القطب يتبيّن لنا وللجميع أنّنا لا نزال في زمن الصراع العربي الصهيوني موضوعًا والذي يشكّل في حقيقته صراعًا ضد الإمبرياليّة العالميّة، وبالتالي فإنّ المسألة أصبحت من أي وقتٍ مضى تتطلّب السير قدمًا في تعديلات متدرجة في ميزان القوى وإدامة العمل المقاوم للتطبيع الداعم للنضال القومي وتوفير أبعاده إستراتيجيًا ووطنيًا وقوميًا من خلال: معرفة مخططات العدو، وتوفير سبُل مواجهاتها بالإمكانيات المتاحة، وتبني مشروع نهضوي صراعي عربي شامل".
ولفت إلى أنّ "هذا المنتدى بالتأكيد لن يكون سبيلاً لتحقيق ذلك، ولكن من الممكّن أن يكون هذا المنتدى البداية المتجدّدة لوضع هذه القضايا على جدول الأعمال القطريّة والقوميّة، ولو لم يكن الوضع العربي اليوم في أقصى حالات التردي، ولو لم تكن الأنظمة في أشد حالات الارتباط بالإمبرياليّة وخططها وفي حالة تنصل شبه كامل من التزاماتها من القضية القوميّة وصولاً إلى حد الخيانة وفك عزلة الكيان الصهيوني الغاصب سواءً عن طريق الاتفاقات أو عن طريق التطبيع معه، ولو لم تكن الحركة الوطنية العربيّة والخليجيّة في أشد مراحل أزمتها في ظل صعود الهويات الفرعية وتراجع الهوية القومية الجمعية مكّن الأنظمة العربيّة من نقل التطبيع السري من تحت الطاولة إلى دائرة الضوء والأمان، ومكّن الكيان الغاصب من الاعتداء على أراضٍ عربية إضافية، ولا ما أمكن الولايات المتحدة الأمريكية من طرح مؤامرتها لتصفية القضية الفلسطينية عن طرق الصفقة المُسماة (صفقة القرن)".
"يجب ترجمة الموقف الرسمي"
من جهتها، قالت عضو حركة المقاطعة في الكويت سارة الشمّري، إنّه "من المُشاع جدًا أن موقف الكويت الرسمي هو موقف راسخ وثابت ضد الممارسات الصهيونيّة، ولكن في الوقت الراهن والمرحلة الراهنة نحتاج أن نرى مدى مصداقية هذا الموقف على الواقع، ومع مدى تكامله مع ما تتخذه الدولة من تصريحات خارجية وفي الاجتماعات الدولية".
وتابعت الشمري: "على المستوى المحلي نحتاج إلى مدى هذا الموقف الصارم من الدولة ووجد صداه من المؤسسات التابعة للدولة"، مُشيرةً أنّ "مكتب مقاطعة الكيان الصهيوني الموجود في الكويت منذ عقود لم يعد مفعلاً لكن القانون الخاص به لم يُلغى بل ما زال موجودًا وهنا يأتي دورنا نحن في حركة المقاطعة لمحاولة تفعيل هذا القانون وغيره من القوانين".
"قضية فلسطين مُغيّبة عن المناهج الدراسية"
وأكَّدت الشمري أنّ "المناهج التعليميّة في الكويت تشهد غيابًا تامًا للقضية الفلسطينيّة، وفي السابق جرى حذف فصل كامل من كتاب للصف العاشر كان يتحدّث عن القضية الفلسطينيّة، وتم استبدال بعض الفصول التي كانت تتحدّث عن فلسطين بمواضيع أخرى، أي تم الانتقال من الهوية الجمعيّة إلى الهوية الضيقة جدًا".
كما بيّنت أنّ "لو أنّ قوانين تجريم التطبيع مع العدو مفعّلة بشكلٍ واضح مع عقوبات واضحة، لم يكن يجرؤ الذين طبّعوا على ما فعلوه لا ثقافيًا ولا فنيًا ولا بأي شكل آخر".
وفي السياق، قال علي الهنائي وهو العضو المؤسس في حركة مقاطعة الاحتلال في سلطنة عُمان، إنّ "الحركة أنشأت عام 2018 قبل زيارة نتنياهو بشهرين، والحركة ليست حزبًا سياسيًا، بل نهتم بالقضية الفلسطينيّة على اختلاف أفكارنا ومشاربنا السياسيّة، واتفقنا على نصرة قضية فلسطين ومقاطعة الاحتلال ومقاومة التطبيع معه".
"نشر الوعي أولاً"
وأوضح الهنائي أنّ "الحركة تؤمن إيمانًا راسخًا بأنّ نشر الوعي والمعرفة هو أحد أهم أسباب قوة حركة المقاطعة، فمنذ نشأة الكيان الصهيوني ونحن لسنا في معركة سلاح مع الكيان الصهيوني، بل في معركة وعي، وهذا ليس جديدًا"، مُشيرًا إلى أنّه "من الضروري أن ندرك أن الاحتلال عندما يبذل الغالي والنفيس في سبيل إقامة علاقات مع دول المنطقة فهو بحاجة ماسة لتأمين أمنه القومي من خلال التطبيع، فالخطة الأسياسيّة هي خلق وعي جديد في المنطقة مفاده أن الشعوب تتبرأ من القضية الفلسطينيّة وتهتم بنفسها فقط وتعامل دولة الاحتلال كدولة طبيعيّة".
وشدّد الهنائي خلال حديثه على ضرورة "بذل كافة المحاولات والجهود ليس في مجابهة الوعي الجديد الذي يريد الاحتلال خلقه، بل أيضًا مجابهة الوعي الذي يريد المطبعين العرب خلقه، وشاهدنا المسلسلات وما جرى من تطبيع مُؤخرًا"، لافتًا أنّه "من الضروري وقبل مقاطعة البضائع الصهيونيّة يجب نشر الوعي وتوسّع مدارك المعرفة بالقضية الفلسطينيّة".
"الكيان لا يريد سلامًا"
وأشار إلى أنّ "اليوم وفي ذكرى النكبة عندما يعرف المجتمع أنّه تم تهجير 750 فلسطينيًا وسلب أراضيهم وتحويلهم إلى لاجئين ليسوا فقط آبائهم وأجداهم لاجئين بل ما زال بعضهم إلى الآن لاجئًا لا يحمل جنسية أي دولة، وعندما يعرف أن هناك 5 ملايين فلسطيني يعيشون في الشتات، وتم هدم أكثر من 500 قرية خلال عديد المجازر التي ارتكبت، كل هذه المعلومات ومع الاطلاع على خريطة الكيان الصهيوني ترها تتوسّع سنويًا على حساب الأراضي الفلسطينيّة"، مُؤكدًا أنّ "الكيان لا يريد سلامًا بل يريد أن يسلب أرضًا".