دعاء عبد الحليم – مخيم شاتيلا
مع بزوغ شمس اليوم الأول من عيد الفطر المبارك، توجّهت كريمة حسنين أخت الشهيد حسن حسنين من مخيم شاتيلا إلى مقبرة الشهداء في بيروت.
قرأت الفاتحة وما تيسر من القرآن الكريم عند قبر أخيها الشهيد ودعت له، من ثم ألقت تحية العيد على النسوة من أمهات وأخوات الشهداء وكل من صادفتهم في المقبر، والذين اعتادوا أن يبدؤوا أعيادهم بزيارة قبور شهدائهم.
لم يتحمل جريمة قتل الطفل الدرة.. ارتقى على حدود فلسطين
تقول أخت الشهيد حسنين لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينين: "تعودت أن أزور قبر أخي منذ عشرين عاما، استشهد حسن مطلع الانتفاضة الثانية عام 2000، لم يستطع أن يتحمّل منظر استشهاد محمد الدّرة، فذهب هو وصديقه شادي الأنس في مسيرات إلى الحدود الفلسطينية جنوب لبنان، وهناك تصادم الشباب مع جنود الاحتلال وأطلق الأخيرون النار عليه في بطنه فاستشهد فوراً على الحدود مع الأراضي المحتلة، وحاول الشباب سحبه بقوة وتسليمه لنا شهيداً، كان أخي عريسا ًجديداً ولّدت زوجته بنتاً بعد أيام من استشهاده، كان يحلم بحياة كريمة ويحلم بالعودة إلى فلسطين، لكن قدر الله وقع، واستشهد في اليوم التالي استشهاد محمد الدّرة الذي انتفض لأجله، وقد شيّعه اللاجئون الفلسطينيون هو وصديقه شادي من كل مخيمات لبنان".
تتابع كريمة بحرقة: "الجرح لا يطيب والألم كبير، أبي مات قهراً عليه وابنته ولدت يتيمة، لكن سنبقى على عهد حسن مستمرين في النضال حتى العودة إلى أرضنا فلسطين".
قبور وحكايا
عند كلّ قبر يقف أهل الشهيد ولكل منهم حكاية وجع ونضال، اللاجئة حسنى قويدر تأتي صباح كل عيد لزيارة قبر أخيها الذي استشهد في حرب المخيمات، أخبرتنا أن أخيها استشهد وهو يغيث وينقذ حياة شباب مخيم شاتيلا الذين أصيبوا، فباغتته قذيفة واحدة فصلت رأسه عن جسده وأودته شهيداً.
أمّا الشابة نسرين شحادة فلم تتماسك نفسها أمامنا، جلست بجانب قبر أخيها نظفّته ووضعت عليه الريحان والبخور الذي أحضرته من المنزل، وقرأت لروحه الفاتحة، قالت نسرين: " في كلّ عيد نشعر بغصّة، مكان أخي فارغ وصوته لا يزال في أرجاء المنزل، غادر الحياة وهو ابن السابعة عشر من عمره، خطفه القصف على المخيم وهو في ربيع شبابه خلال حرب المخيمات، كانت لديه أحلام كبيرة، لكنه استشهد بلحظة ولا زلنا نعيش وجع فراقه".
زيارة القبور صباح يوم العيد أصبحت "تقليداً" لا يمكن تجاوزه عند الكثير من الأسر الفلسطينية في المخيمات، وبشكل خاص تلك التي ودّعت الشهداء الذين سقطوا على يد الاحتلال أو في حرب المخيمات، والمجازر التي كان الفلسطينيون ضحاياها في لبنان على يد الاحتلال الإسرائيلي وعملائه، ويرى أهالي الشهداء أن زيارة المقبرة تشعرهم بالوفاء لأبنائهم رغم بعد المسافات.
وكان قد حصل تباين واختلاف هذا العام، بشأن زيارة مقابر الشهداء بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد، وذلك تنفيذا لقرار مجلس الوزراء اللبناني بأخذ كافة الاحتياطات اللازمة في محاولة لمنع انتشار فايروس كورونا.
حيث دعت القوة الأمنية المشتركة في مخيم برج البراجنة الأهالي والفصائل عشية العيد بعدم التوجه الى مقبرة المخيم كما أمرت بإغلاق المقبرة في وجه الزوار.
أما في مخيم شاتيلا فالصورة كانت مغايرة تماماً، فمع ساعات الفجر الأولى انطلقت مسيرة باتجاه مقبرة المخيم عند الجامع وأيضا توجّهت عشرات العائلات إلى مقبرة الشهداء وسط بيروت رغم الطقس الماطر والإجراءات الأمنية.
هي العادة الفلسطينية في استقبال الأعياد، لا يمكن للفلسطيني أن يشعر بالعيد دون أن يستذكر شهداء يخصونه ارتقوا في سبيل فلسطين الأرض والإنسان والقضية، وهم كثر ويملؤون مقابر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وسيظلون عنواناً لافتتاح العيد واستذكار فلسطين وحق أهلها بالعودة إليها.