تقرير صابر حليمة
 

أنهى الطلاب الفلسطينيون في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان امتحاناتهم، أمس الأربعاء، بعد نحو عشرة أسابيع من تلقيهم الدروس في منازلهم عبر برنامج التعلم عن بعد.

هذه التجربة غير المسبوقة، التي فرضها تفشي فيروس "كورونا" ووجوب الالتزام في المنازل، حملت إيجابيات وتحديات على حد سواء، إن كان للطلاب وذويهم، أو حتى لـ "أونروا".

يستعرض هذا التقرير تجربة الأهالي، الذين واكبوا أبناءهم خلال الفترة الماضية، مع برنامج التعلم عن بعد، وأبرز المشاكل التي واجهتهم، إضافة إلى "أونروا"، وكيفية استجابتها السريعة للتحديات المفروضة، وتقييمها لهذه التجربة ورؤيتها المستقبلية.

 

ما هي أبرز الصعوبات التي واجهت الطلاب وذويهم؟

أم علاء شنبور، أم لثلاثة طلاب في مدارس "أونروا"، أوضحت أنها لا تملك سوى هاتفاً محمولاً واحداً، ما أدى إلى عدم استيعاب أطفالها للدروس بالشكل اللازم.

وأشارت، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إلى أن الضغوطات النفسية خلال فترة الحجر، كانت كبيرة على الأهالي والطلاب على حد سواء.

ولفتت إلى أن الأهمية الأبرز لبرنامج التعلم عن بعد هو استمرار الطلاب في عملية التعليم والتواصل مع الأساتذة، على الرغم من الفارق الكبير بينه وبين التعلم داخل الصف.

بدورها، قالت غادة عثمان، والدة طالبة في الصف السابع: إن أبرز الصعوبات التي واجهت ابنتها خلال فترة التعلم عن بعد تمثلت في عدم استيعاب الدروس وفقدان التفاعل مع الأساتذة.

وذكرت لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن هذا البرنامج جعل من الطالب اتكالياً على أشخاص آخرين، وزاد من الضغوطات على الأهالي.

هذا عدا عن عدم توفر الإنترنت عند بعض الطلاب، وعدم امتلاك  آخرين للهواتف المحمولة، أو وجود أكثر من طالب في البيت الواحد واستعمالهم لهاتف واحد.

لكن هذا لا ينفي، بحسب عثمان التي تقطن في مخيم مار الياس ببيروت، أن البرنامج ساهم في بقاء الطلاب في أجواء الدراسة، وحال دون انقطاعهم عنها لفترة طويلة.

 ولكن على الرغم من أن ابنيْ أم إبراهيم الحسن، في مخيم شاتيلا، يمتلكان هواتف محمولة، إلا أنها كذلك اشتكت لناحية عدم اهتمام والتزام الطلاب بالتعلم عن بعد بسبب جلوسهم المتواصل ولفترة طويلة في المنازل.

الحسن، التي ساعدت أولادها في خلال عدد من حصص التعلم عن بعد، أشارت إلى أن اضطرار الأهالي للتواصل مع المعلمين يأخذ جهداً ووقتاً لإيصال المعلومة للطالب.

 

ديب: تجربة التعلم عن بعد إيجابية على الرغم من التحديات

إلى ذلك، أكد مدير برنامج التربية والتعليم التابع لـ "أونروا"، سالم ديب، أن تجربة التعلم عن بعد كانت إيجابية وشكلت حالة متقدمة.

وأِشار، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إلى أن الشروع في هذا البرنامج لم يكن خياراً، بل فرضه فيروس "كورونا" وإغلاق المدارس منعاً لانتشاره.

ولم ينف ديب وجود تحديات كبيرة لهذا البرنامج، لكنه أكد أن الإيجابيات كانت كبيرة وسيبنى عليها خلال المرحلة القادمة، مشيراً إلى أن "أونروا" سبقت الدولة اللبنانية ووزارة التربية والتعليم في الشروع بهذا البرنامج، بل إن آلية إعطاء الدروس والتواصل مع الطلاب كانت أفضل بمراحل، وفق ديب.

 

"التعلم عن بعد" ليس بديلاً عن المدرسة

كما أوضح أن برنامج التعلم عن بعد، الذي بدأ في 16  من شهر آذار/مارس المنصرم، هدف أولاً إلى ضمان استمرارية العملية التعليمية، وثانياً إلى دعم الأهل في تخطي الأزمة النفسية والاجتماعية بسبب الحجر المنزلي، لافتاً إلى أن مرشدين نفسيين تواصلوا مع الأهالي والطلاب، كما أن بعضاً منهم أعطى دروساً رياضية للتخفيف من الضغط النفسي.

وشدد ديب أن برنامج التعلم عن بعد ليس بديلاً عن المدرسة بأي شكل من الأشكال، وركز فقط على إعطاء الطلاب المواد الأساسية، كاللغة والرياضيات والعلوم، بحسب كل مرحلة دراسية، كما أن البرنامج طبق أيضاً على طلاب معهد سبلين.

لم يكن إطلاق برنامج التعلم عن بعد واستمراريته بالأمر السهل، إذ اشار ديب إلى أن الدروس التي كانت تعطى على تطبيقات "تلغرام" و"واتس آب" و"غوغل درايف"، كانت تحتاج عملياً يومياً وأسبوعياً لجهة تحضير الدروس وإدخالها إلكترونياً ومعالجة تلك المشاكل التقنية.

 

30% من الطلاب يحتاجون إلى خطة تعليمية تعويضية

وكشف ديب أن قسم التعليم تابع بشكل حثيث سير برنامج التعلم عن بعد، لكن من المستحيل التنبؤ ببعض التحديات، كعدد الأهالي الذين يمتلكون هواتف محمولة لأودلاهم، أو الأهالي الذين لا يتوفر لديهم الإنترنت..

وأكد أنه منذ الشهر الأول لسير البرنامج، تواصلت "أونروا" مع الأهالي، بعدما تبين أن 30% من طلاب المرحلة التعليم الأساسي (نحو 10 آلاف طالب)، لا يشاركون في الصفوف عبر الانترنت.

وظهر أن الأوضاع المعيشية الصعبة والظروف النفسية للأهالي، وعدم توفر الأموال لتشريج الهواتف أو دفع بدل الانترنت أو شراء هواتف محمولة، لعبت دوراً أساسياً في عدم التزام الكثيرمن الطلاب، وعندها، عملت الوكالة على دفع بدل تعويض عن الإنترنت للأهالي والموظفين على حدا سواء.

لذلك، قرر برنامج التعليم تنظيم خطة تعويضية (Catch up Plan) للطلاب خلال فصل الصيف، تستمر خمسة أسابيع، للحد من التفاوت بين أولئك الذين التزموا بالصفوف من الذين لم يتمكنوا من الالتزام، داعياً الأهالي إلى مزيد من الحرص على تعليم أولادهم والتفاعل بشكل أكبر مع الأساتذة.

كما أن "أونروا" بصدد وضع خطة للتخفيف قدر المستطاع من المشاكل المادية والنقص في الهواتف المحمولة، وسيجري الإعلان عنها ببيان رسمي فور جهوزها.

وحول الامتحانات، التي انتهت أمس الأربعاء، أوضح ديب إلى أنها لم تكن الهدف، على اعتبار أن الجميع ناجح بقرار من وزارة التعليم اللبنانية، بل هي تقييمية للتأكد من فهم ومتابعة الطلاب، إضافة إلى تقييم مدى فعالية برنامج التعلم عن بعد.

 

3 سيناريوهات للعام المقبل

أما فيما يتعلق بالعام المقبل، فأوضح ديب أن "أونروا" أمام سيناريوهات ثلاثة، أولها إعادة فتح المدارس بشكل طبيعي وعودة الطلاب إلى الصفوف، والوكالة متحضرة لذلك بنسبة 100%، بحسب مدير برنامج التعليم.

ثاني السيناريوهات هو الاستمرار بإغلاق المدارس، و"أونروا" جاهزة لهذا الخيار جهوزية تامة، وستبني على تجربة العام الحالي، وتحاول إزالة العوائق والتحديات التي واجهها كل من الطلاب والأساتذة.

السيناريو الثالث يتمثل في فتح المدارس بشكل جزئي، بمعنى أن يقسم الطلاب إلى مجموعات، بحيث تداوم مجموعة يوماً وتعطل يوماً، على أن تذهب المجموعة الأخرى إلى المدرسة في أيام عطل المجموعة الأولى، وذلك للأخذ بالإجراءات الوقائية من فيروس "كورونا"، حيث أشار ديب إلى أن هذه الخطة معقدة وتستلزم كوادر وصفوف مضاعفة، لكنه ذكر أنه في حال فرضت، فإن "أونروا" ستتمكن من إيجاد الوسائل المناسبة.

 

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد