سوريا
بدأت مؤشرّات أزمة في توافر الدواء بالظهور في سوريا، حيث بدأت تُسجّل حالات فقد لبعض أنواع الأدوية من الصيدليات، في حين أوردت مصادر إعلاميّة أنّ اثنين من كبريات معامل الأدوية في البلاد قد أغلقت الأسبوع الفائت، وهما معملي " يونيفارما" وآلترا ميديكا" بسبب شحّ المواد الأولّية بفعل التضييق على الاستيراد بعد دخول العقوبات الأمريكية وفق قانون " قيصر" حيّز التنفيذ منذ مطلع شهر حزيران/ يونيو الجاري.
علاوة على ذلك، فإنّ مخاطر فقدان العديد من الأدوية التي لا تصنّع محليّاً، باتت قاب قوسين أو أدنى بفعل القيود ألتي فرضتها العقوبات، وكانت نقيبة الصيادلة في سوريا وفاء كيشي، قد قالت في تصريح لها الأحد 7 حزيران/ يونيو، إنّ نفاد المواد الأولية والمستلزمات لصناعة الأدوية وارتفاع تكاليفها، وصعوبة تأمينها أو شحنها من الهند والصين وتغير سعر الصرف، وأزمة جائحة "كورونا" وتوقف الشحن والتحويلات أدى إلى عدم قدرة معامل الأدوية على الإنتاج.
وكان النائب في مجلس الشعب السوري وضاح مراد، قد حذّر في مداخلة له أمام المجلس في الثالث من حزيران/ يونيو الجاري، من إغلاق معامل الأدوية بعد انتهاء موادها الأولية، خلال فترة أسبوع.
مؤشرات أزمة حقيقية، باتت تثير قلق اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وبدأت بالفعل أولى تمظهراتها بالبروز، حيث سُجّل في مخيّم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين في ريف العاصمة السوريّة دمشق، شكاوى من صعوبة تأمين بعض أدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكرّي.
ونقلت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" عن أحد اللاجئين قوله :"إنهم يقفون في طوابير للحصول على دواء وأضاف "تخيل أن والدك مريض ويحتاج دواء الضغط وأنت غير قادر على تأمينه، إما لعدم توفره أو لأنك لا تملك ثمنه"
وكذلك الحال في مخيّم جرمانا الذي أفاد أحد سكّانه لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ قلق الأهالي كبير من مخاطر فقدان الدواء، مشيراً إلى أنّ العديد من الصيدليات الواقعة ضمن منطقة جرمانا، باتت تخلوا من عدّة أنواع من الأدوية ومنها أدوية القلب.
وأضاف اللاجئ، أنّ دواء "كلوبيديغريل" الذي يصنّع محليّاً بات الحصول عليه صعب، مشيراً إلى أنّ والده يحتاجه بشكل يومي، وأنّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" لا توفّر هذا النوع من الدواء، وتقتصر تقديماتها على أدوية أمراض مزمنة أخرى كالضغط والسكري وهشاشة العظام وسواها.
وكانت وكالة " اونروا" قد أوردت في تقرير النداء الطارئ للعام 2020، أنّها ستواصل ضمان أن يتمكن المرضى من الوصول إلى اللوازم الطبية والأدوية الأساسيّة بالقدر الكافي، وستسعى إلى الحفاظ بمخزونات احتياطيّة من اللوازم الطبيّة والأدوية للتعامل مع أيّة حالة ناشئة.
وفي ظل الواقع السوري المستجد، تسود مخاوف في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، من أن تتأثر الوكالة الدوليّة المعنية بغوثهم وتشغيلهم، بما يخص الحصول على المستلزمات الصحيّة والطبيّة وتقديمها، وخصوصاً أنّها باتت شحيحة خلال السنوات الأخيرة بفعل سياسات التقليص، وتعويلها على استفادة اللاجئين من الخدمات الصحيّة العامة في سوريا، والتي باتت تعاني من الانهيار.
كما تتوجه الأنظار باتجاه "أونروا" وسط تساؤلات حول ما تعدّه الوكالة الدولية من خطط لمواجهة الأزمة الصحيّة التي تنذر بالتفاقم، فيما يخص بتوفير الأدويّة للاجئين الفلسطينيين في سوريا، والاستمرار في تقديم الرعاية الصحيّة وتطويرها.
وبحسب "أونروا" فإنّ 91% من أسر اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، يكابدون الفقر المطلق ( أقل من دولارين في اليوم)، في حين تم تحديد 126 ألف لاجئ كضعفاء للغاية، وذلك في تقرير النداء الطارئ الصادر عنها مطلع العام 2020 الجاري، ما يجعلهم وفق ما تشير إليه الأرقام، الشريحة الأكثر هشاشة معيشيّاً، وبالتالي الأكثر تأثرّاً بما تشهده البلاد من أزمات متصاعدة.